احذروا .. انكم على تخوم ( معقل )عدي !!

علي شمدين*

في ( 15 تموز/ 2007 ) نشر في موقع اخبار الشرق الالكتروني مقالا للمدعو (معقل عدي) ، وهو في حقيقته بيان تضامني مع الجهات الشوفينية المصممة على زرع فتنة قومية في منطقة ديريك باستقدامها لـ( 150) عائلة عربية من خارج المنطقة وتوزيع اراضي القرى الكردية ( كركا ميرو 220دونم ، قديريك  240دونم ، خراب رشك 3520دونم ،  كري رش 1500 دونم ،  قزا رجب 80 دونم ) عليها ، وهو كذلك رد على بيان مكتب الامانة العامة لـ( اعلان دمشق ) الذي ادان من جهته هذه الفتنة ببيان صادر بتاريخ (12/7/2007) واستنكرها بشدة باعتبارها خطوة تهدد الوحدة الوطنية وتطعنها في الصميم
لابل جاء المقال بمثابة وثيقة تخوين وتكفير للاعلان بشكل عام و(لطرف نافذ فيه بشكل خاص) ، وكمذكرة تحريضية ضده تتهمه باثارة نزعات تقسيمية لمجرد ادانته لهذه الخطوة الشوفينية التي لا تؤسس الا لروح الانقسام والفرقة والفتنة والشقاق بين ابناء الوطن الواحد ، ويحاول كاتب التقرير هذا تسويق تلك الفتنة باسلوب تضليليي فاضح ، وهو بفعله الشوفيني هذا متسترا تحت يافطة اسم (معقل عدي) يريد ان يذكرنا مرغمين بما كان يفعله (ابو عدي) في معقله ايام زمان ..
لنعود الى قرائة وثيقته الاتهامية وتقريره التخويني لـ(اعلان دمشق) للتغيير الديمقراطي السلمي في سوريا والذي يضم مختلف الطيف السوري ( كردا وعربا واثوريين ..) ، حيث يتناول فيه هذا الموضوع الوطني الحساس والخطير باسلوب تهكمي ومشوه ، كما يلي : ( خطر لي أن الأراضي تمت مصادرتها من أصحابها لصالح جهات أخرى، أو ان مزارع الدولة تم بيعها بثمن صوري لبعض المتنفذين والملاك الكبار ، لكني تأكدت في النهاية أن اعلان دمشق يعترض على توزيع الدولة للمزارع العائدة لها على الفلاحين المغمورة أراضيهم، لماذا؟ لمجرد أنهم عرب ولوجود مواطنين أكراد في المنطقة!!) ، الحقيقة ان موقف (عدي) هذا لاينبع بكل تاكيد عن جهله بحقيقة هذه الحلقة من الحزام العربي الذي نظر له مطلع الستينيات من القرن المنصرم معلمه محمد طلب هلال في كراسه المشؤوم والذي تضمن الدعوة الصريحة الى تفريغ المناطق الكردية وتغيير ديمغرافيتها ، وذلك من جملة ما تضمن من مقترحات تقطر حقدا وكراهية تجاه العنصر الكردي الذي يجب بتره والغائه حسب رايه ، وانما ينبع موقفه هذا من منطق (وعاظ السلاطين) الذي اسهب (علي الوردي) في التنقيب في مكنوناته التبريرية لممارسات السلاطين ، ومحاولة رخيصة منه للمزاودة على تلك الجهات وكسب ودها ، الى جانب تحامله الانتقامي وامعانه في تخوين كل من يقف ضد تطبيق هذا المشروع المدان على كافة الاصعدة (الانسانية ، والديمقراطية والوطنية) ، و(والسياسية والثقافية والجماهيرية ..) و (الداخلية والخارجية) ، فهو يعلم اكثر من غيره لمن تعود ملكية هذه الاراضي التي سلبت عام 1966 من اصحابها الحقيقيين الذين احيوها تاريخيا بعرقهم وكدهم ، بذريعة بناء ما يسمى بـ( مزارع الدولة ) والتي وزعت معظمها فيما بعد وبناء على قرار القيادة القطرية المرقم ( 521 تاريخ 24/6/1974) على عوائل عربية استقدمت من محافظتي (حلب والرقة) بحجة ان مياه سد الفرات قد غمرت اراضيهم رغم تعويضهم ماديا انذاك ورغم توفر اراضي الاستيلاء في مناطقهم ، ولكن مع ذلك تم توطينهم في الشريط الحدودي مع تركيا والعراق (منطقة الحزام العربي) في قرى نموذجية في الوقت الذي ظلت فيه الاف العوائل الكردية من اصحاب الارض الفعليين محرومة منها ، واليوم يتم توزيع الباقي وبنفس المنطق الشوفيني بينما اصحابها الاصليين من الكرد يعانون الفاقة والحرمان ، هذا هو باختصار جوهر الظلم والتمييز والاضطهاد الذي يمارس دون انقطاع ضد الكرد في سوريا ، والذي لابد ان ينتصر لها كل مخلص وشريف ويمتلك ذرة من الروح الوطنية ، ولكن ليس بطريقة تلميذ محمد طلب هلال الذي يقول : (بالتأكيد ينبغي للمرء أن ينتصر للمظالم الواقعة على أخوتنا الأكراد كما ينتصر للمظالم الواقعة على العرب، لكن مسافة شاسعة تقف بين ذلك المنطق وبين منطق الانزلاق للاعتراف الضمني بكانتونات داخل الوطن الواحد ، ومثل ذلك المنطق ليس جديدا فالمتعصبون الشوفينيون في بعض الأحزاب الكردية يجاهرون بوصف العرب في بعض المناطق بالمستوطنين، وتلك مقدمة منطقية للرغبة في تطهير عرقي، لكن انزلاق اعلان دمشق في بيان رسمي للمنطق ذاته ليس أمرا يبشر بالخير) ، الحقيقة ان قراءة سريعة لما هو وارد بين القوسين ستكشف بسهولة المنطق الخبيث الذي يعكس به (عدي) بين معقل ( الجلاد) و معقل (الضحية) ..
ويقوده منطقه الاعوج هذا الى عرض لائحته الاتهامية بحق اعلان دمشق كما يلي : (اعلان دمشق اذن يقول لنا هذه المنطقة كردية ولذلك لايجوز للدولة أن تتصرف حتى بمزارعها فيها لغير الأكراد!، وهذا يعني اعترافا ضمنيا بحالة تقسيمية) ، اذا مجرد قول كلمة حق في وجه مشروع عنصري شوفني حرصا على الوحدة الوطنية ، يعد ضلوعا في تقسيم البلاد حسب الناموس السائد في (معقل) عدي ؟؟ .
وختاما ، وازاء هكذا منظرين يدفعون بالبلاد نحو معاقل الفتنة بعقليتهم الشوفينية الحاقدة التي عفى عليها الزمن ، لايسعنا الا ان نتوجه الى رئيس الجمهورية الدكتور بشار الاسد وان نناشده للاستجابة للنداءات الوطنية وفي مقدمتها نداء (اعلان دمشق) ، الحريصة على مستقبل البلاد واستقراها ، واسكات مثل هذه الاصوات المحرضة على الفتنة ، وايقاف سلسلة المشاريع العنصرية التي يروجون لها والتي يزرعونها من دون رادع او وازع من ضمير في جنبات الوحدة الوطنية وخاصة موضوع استقدام ( 150 ) عائلة عربية الى منطقة ديريك ..
———–

* – كاتب كردي من سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

رياض علي* نظرا للظروف التاريخية التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي، وانتهاء حالة الظلم والاستبداد والقهر التي عاشها السوريون طوال العقود الماضية، وبهدف الحد من الانتهاكات التي ارتكبت باسم القانون وبأقلام بعض المحاكم، وبهدف وضع نهاية لتلك الانتهاكات، يتوجب على الإدارة التي ستتصدر المشهد وبغض النظر عن التسمية، أن تتخذ العديد من الإجراءات المستعجلة، اليوم وليس غداً، خاصة وان…

ادريس عمر كما هو معروف أن الدبلوماسية هي فن إدارة العلاقات بين الدول أو الأطراف المختلفة من خلال الحوار والتفاوض لتحقيق المصالح المشتركة وحل النزاعات بشكل سلمي. المطلوب من الكورد دبلوماسيا في سوريا الجديدة بعد سقوط طاغية دمشق بشار الأسد هو العمل على تأمين حقوقهم القومية بذكاء سياسي واستراتيجية دبلوماسية مدروسة، تأخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التوازنات…

نشرت بعض صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المراسلين ، معلومات مغلوطة، بشأن موقف المجلس الوطني الكردي حول الحوار الكردي الكردي ، فإننا نؤكد الآتي : ١- ما ورد في المناشير المذكورة لا يمت للواقع بأي صلة ولا يعكس موقف المجلس الوطني الكردي . ٢- المجلس الوطني الكردي يعتبر بناء موقف كردي موحد خياراً استراتيجياً، ويعمل المجلس على تحقيق ذلك بما ينسجم…

إبراهيم اليوسف ليس خافياً أن سوريا ظلت تعيش، بسبب سياسات النظام، على صفيح ساخن من الاحتقان، ما ظل يهدد بانفجار اجتماعي واسع. هذا الاحتقان لم يولد مصادفة؛ بل كان نتيجة تراكمات طويلة من الظلم، القمع، وتهميش شرائح واسعة من المجتمع، إلى أن اشتعل أوار الثورة السورية التي عُوِّل عليها في إعادة سوريا إلى مسار التأسيس ما قبل جريمة الاستحواذ العنصري،…