ازمة كوردستان العراق والرهانات السياسية

 بهزاد عجمو
بعد الاستفتاء وما تبعها باحتلال الحشد الشعبي لمدينة كركوك وبعض المناطق المتنازع عليها جعل الاطراف المتنازعة او الذين لهم علاقة بهذا الحدث يضعون خطط واستراتيجيات ورؤية مستقبلية ويحاولون استخدام ما يملكون من اوراق سياسية لتعزيز موقفهم فهناك اطراف كثيره ولكن سنركز على اهم الاطراف .
ويأتي في مقدمة هذه الاطراف الطرف الكوردي او بالأحرى  المشروع القومي الكورد الذي يقوده الرئيس مسعود البرزاني حيث يحاول امتصاص الصدمة في البداية ثم المناورة السياسية حيث يرى بأن موقفه لا زال قوياً والخط البياني لمشروعه القومي لا زال في منحنى مرتفع إذا قارناه قبل مائة عام منذ بداية الحراك القومي الكوردي او حتى في الثمانينيات من القرن الماضي 
حيث يصرح الرئيس البارزاني مراراً بأنه كان يتمنى ان يستقبلهم بواب سفارة من السفارات العالمية فإذا قارنا هذه الفترة بتلك نرى بأن المشروع القومي الكوردي مثل المارد الذي خرج من الفانوس السحري واصبح القضية الكوردية القضية المحورية الاولى في الشرق الاوسط ان لم تكن في العالم وبات كل العالم يعرفون الشعب الكوردي وكوردستان اصبحت على كل شفة ولسان في الفضائيات العالمية وعلم كوردستان اصبح حتى الاطفال الصغار في العالم يعرفونه والبيشمركة اصبح كل العالم ينظرون اليهم نظرة احترام وتقدير بعد ان كنا نسمع في الستينات من القرن الماضي يطلقون عليهم اسم المتمردون الاكراد في اذاعة لندن وصوت امريكا واجراء الاستفتاء هو مكسب رائع حققه الرئيس البارزاني ولذا تكالب الخصوم عليه وان هذا التكالب كان متوقعاً وان استقلال كوردستان لن يتم بسهولة ويسر كما يتوقع البعض فهي مثل الولادة الصعبة ولكن ليست عسيرة وفي عملية الولادة هناك آلأم المخاض ودماء ودموع وصراخ من الام ولكن تنقلب كل هذه العذابات الى ابتسامة بعد ان ترى الأم وليدها .
نعود الى الرئيس البارزاني فهو الان في حالة ترقب ومراجعة الحسابات وكيفية التعامل مع خصومه ومن كان يعتبرهم اصدقاء الشعب الكوردي حيث يرى بان أيران في الوقت الراهن هي العدو الاول للمشروع القومي الكوردي ولكن يراهن بان هذا التمدد الايراني في المنطقة حيث ان هدفها ليس الهلال الشيعي فقط او العواصم الاربعة في المنطقة التي تسيطر عليها بل ان هدفها يذهب الى ابعد من ذلك حيث تريد ان تسيطر على معظم عواصم المنطقة وتعيد امجاد الإمبراطورية الصفوية هذا ما يجعل ان تخلق لها اعداء كثر وسيحاولون تحجيمها فمن جهة ستصطدم بدول الخليج صحيح انهم لا يملكون قوة عسكرية كبيره ولكن امكانيات اقتصادية ومالية هائلة والمال في زمن العولمة يفعل المعجزات وسيصطدم ثانياً بإسرائيل التي تمتلك ترسانة عسكرية قوية وستحاول وقف إيران عند حدها وستصطدم ثالثاً بأمريكا ترامب رغم انه يحاول الهروب الى الامام ولكن لا يستطيع ان يمارس هذه اللعبة الى النهاية لان هناك ضغوط عليه من الكونغرس ومن كبير مستشاريه كوشنر ومن اللوبي اليهودي القوي في امريكا حيث قد وعدهم وعداً بتحجيم أيران اثناء ترشحه للانتخابات ولا يستطيع ان يتنصل من وعده لأنهم سيخلقون الكثير من المشاكل له
اما الرهان الاخير الذي يراهن عليه الرئيس البارزاني بأن الربيع الايراني قادم لا محاله
حيث لا يمكن ان يحكم فئة من الملالي الشعب الايراني بعد تنامي النزعات الطائفية والقومية التي تعصف بالمنطقة وهناك رهان اخر يراهن عليه الرئيس البارزاني وهو عامل الزمن حيث يرى بأن الزمن هو كفيل بحل الكثير من القضايا ويرى بأن الزمن هو لصالح مشروعه
حيث اصبحت القضية الكوردية حديث الساعة لدى كل السياسيين العالميين ووسائل الأعلام من شرق الدنيا الى غربها .
ولا بد ان نعرج هناك الى سياسة الولايات المتحدة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط ففي اولويات استراتيجيتها لا يوجد اي خطوط حمراء عدا أمن اسرائيل بسبب ضغوطات اللوبي اليهودي اما كل الخطوط فهي خضراء بما فيهم الكورد في اي جزء كان من اجزاء كوردستان وان ادارة ترامب تدير البيت الابيض كما تدير شركة نفطية عملاقة عابرة للقارات وان حربها على الارهاب كما تدعي ليست سوى حرب من اجل الحصول على حصة من تركة داعش ولا تمانع بان تعقد الصفقات مع روسيا وحتى مع ايران على حساب شعوب المنطقة بما فيهم الكورد ولذا فهي خذلت كوردستان العراق اثناء احتلال كركوك اما بالنسبة لروسيا فقد دخلت الى سوريا كبوابة للدخول الى كل بلدان الشرق الاوسط بما فيها العراق من اجل النفط ولذا فأن حكومة الاقليم ستمارس لعبة التوازنات الدولية بين امريكا وروسيا بإعطاء مزيد من حقوق الاستثمارات النفطية في كوردستان لكسب روسيا دون ان تقطع شعرة معاوية مع ادارة ترامب وايضاً لأفهام امريكا بأنها لم تعد القوة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها وان هناك قوى اخرى منافسة لها  لكي تراجع حساباتها تجاه الكورد وتصحح الخطأ التي وقعت فيها وان رهانها على العبادي ما هو إلا رهان خاسر وان العبادي لا يستطيع في النهاية ان يغرد خارج سرب الولي الفقيه وسيسقط في الانتخابات العراقية القادمة لان هناك اشخاصاً تابعين بشكل مطلق للولي الفقيه وان ما يقوم به العبادي لكي يكون عراباً بين ترامب والولي الفقيه لتقاسم النفوذ في المنطقة ما هي الا محالة فاشلة لان مطامع ايران لا حدود لها وستصطدم في النهاية بإدارة ترامب سواء بإرادته او بغير ارادته لان امريكا في النهاية هي دولة مؤسسات وليست دولة شركات ترامب وتيلرسون .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…