الامريكان الخونة والكورد الصامتون

الان حمو
العنوان عاطفي أكثر منه سياسي، فما احوجنا اليوم إلى العبارات العاطفية التي تداري مشاعرنا المهزومة، وتبعدنا عن تفاصيل السياسة واثقالها التي باتت تزداد يوماً بعد الاخر. فالسياسة لا تحوي كلمة خائن بقدر ما تحوي كلمة مصالح، والكسب على حساب الاخر. والسياسة لا تحوي أيضاً كلمة صامت بل تستعيض عنها بكلمة الضعيف. فالقوة وامكانية الرد والفعل للتعويض وحماية المكتسبات هي التي تبعد عنك صفة الصامت سياسياً. ولكن، هل نحن صامتون فعلاً؟ ام هناك من يردعنا داخلياً ويمنعنا عن الحركة والفعل؟ الكورد في هذه المرحلة يعانون من ازمة ثقة بالامريكان ومع ذلك يصرون على توصيف العلاقة معها بالناجحة!!! 
وصلت تجربة الكورد الجنوبيين مع امريكا إلى نهايتها واعطت ثمارها التالفة، ويستعد الكورد الغربيين الآن لخوض تجربة معها. من سخرية القدر وغبنه التاريخي على الكورد جعله محكوماً بالاتجاهات، ويبقى الكوردي متشبثاً بها، حكمته الاتجاهات ولم يحكمها يوماً. لا يتغظ الكوردي الغربي بمأساة الكوردي الجنوبي (كركوك). ولم تشفع فض العلاقة الكوردية التركية في جنوبي كوردستان لفتح صفحة جديدة بين الحزب الديموقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الديموقراطي (ب ي د) المصر على موقفه السلبي، فالإدارة الذاتية الآن تسعى إلى استبدال البيشمركه بوحدات الحماية الكوردية في الخارطة الاقليمية والدولية، يصرون على الفُرقة، فحماسهم للعلاقة الامريكية تنسيهم حتى شركاء الارض (المجلس الوطني الكوردي) وبذلك لا يتوانى الامريكان بالاستغلال، فعقوده واتفاقياته مع الكورد كلها تحت الطاولة، لا شيء مُعلن، ولا خارطة لأي طريق.
بالعودة إلى جنيف 8 وممهداتها مؤتمر رياض 2 وسوتشي، خرج رئيس مجلس الوطني الكوردي السيد ابراهيم بروعلى قناة رووداو مصرحاً بنبرة لا تخلو من الخجل، وهو يسأل نفسه قبل أن يسأله المذيع عن النسبة الهزيلة والهزلية للكورد في مؤتمر جنيف، ليجيب نفسه وهو متمنياً: لكان من الجيد لو كان الكورد ممثلون في منصات أخرى التي ستحضر جنيف، دلالة التصريح هو اعتراف ضمني بضعف الحال في المجلس الكوردي وحاجته إلى المؤازرة في معركته القادمة.
تغييب الاتحاد الديموقراطي عن المؤتمرات الدولية، وهو الاقوى على ارض الواقع، هو إجهازاً على الضعيف. مادام الضعيف موجود لن يؤتوا بالقوي، معادلة معتمدة مع الكورد لكبح طموحه الجامح (هذا ما حدث في كركوك، أتوا بالاتحاد الوطني وتناسوا الديموقراطي الكوردستاني)  والسؤال هنا: هل الامريكان أوجدوا هذه المعادلة؟؟. المجلس الوطني الكوردي لا يستطيع التخلص من كلاسيكيته في التعامل مع المستجدات المتسارعة، فالبيروقراطية في اتخاذ القرارات تكشف عن مدى ضعف ترابط الاحزاب المجتعة فيها، كانت هناك محاولات من بعض القيادات في المجلس بتقريب وجهات النظر مع الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديموقراطي، ولكن سرعان ما بأت بالفشل. اما حزب الاتحاد الديموقراطي فهو مأخوذٌ بانتصاراته والقواعد العسكرية الامريكية الموجودة على ارض روجآفا، وسياسياً يعاكس تسميته تماماً (الديموقراطي) واتوقراطيته في استفحال مُطرد، فالاعتقالات تشرح الحالة أكثر من هذه السطور.
مايمكن أن يقال عن معاناة الكورد في غربي كوردستان لا تخرج عن نمطيتها في الاجزاء الاخرى من كوردستان، خلاف داخلي يجعل وحدهم الجبال عنواناً للصداقة، خلافات يتوارثها الاجيال ويستثمرها الاعداء، والتي تكاد أن تكون طبيعة لا اكتساب، اما عن المعاناة المرحلية وباختصار شديد وهي أن كورد سوريا، طرف مقصي وطرف مخصي، والشعب بانتظار مولود يحمل اسمه في سوريا الغد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا يثق الكرد في سوريا بأي خطاب مهادنة بعد قرن ونيف”1920-2025″ من الخديعة التي رافقت تأسيس الدولة السورية وحتى يومنا هذا. منذ اللحظة التي أُعلن فيها أن سوريا ستكون “بلداً لكل السوريين”، تم تجاهل الهوية الكردية بصورة ممنهجة، ولم يُسمح للكرد بالمشاركة الحقيقية إلا إذا تنكروا لهويتهم القومية وتقمصوا هوية قومية عربية، كما الحال في تركيا….

بوتان زيباري لطالما كانت الشعوب التي تكافح من أجل حريتها على موعد مع لحظات تاريخية نادرة، قد لا تتكرر إلا بعد عقود طويلة، وربما قرون. واليوم، يجد الكورد في روچ اڤا أنفسهم أمام منعطف حاسم قد يحدد مصيرهم للأجيال القادمة. إنها فرصة ثمينة لا يمكن إضاعتها، وإلا فإن الانتظار قد يطول حتى تتاح لهم فرصة مشابهة. إن هذه المسؤولية…

خالد دقوري لطالما أردت الكتابة عن موضوع “العرب والإسلام والنفط”، نظرًا لعمق تأثيره على التحولات السياسية والاقتصادية العالمية. كان هذا الموضوع حاضرًا في النقاشات خلال الحرب الباردة، عندما انقسم العالم إلى نظام ثنائي القطب بين الرأسمالية والاشتراكية. لم يكن تفكك الاتحاد السوفييتي دون حرب مباشرة مجرد مفاجأة للعالم، بل مثّل أيضًا نقطة تحول في ديناميكيات النظام العالمي. الحرب الباردة…

المهندس باسل قس نصر الله نعم .. وبالفم الملآن .. أقولها .. إنني بدأتُ أخاف، أنا وغيري من الذين يفضّلون الصمت. يعرِف السوري المسيحي أنه في مجتمعٍ تراجعَ فيه حضورهُ إلى نسبة تدور حول خمسة بالمئة، بأن الديمقراطية العددية لن تُفيده. فالمسيحي، في مجتمع يُشكّلُ فيه إحدى الأقليات، هو ضحية عقدتين، الأولى هي “عقدة التفوّق” والثانية “عقدة الخوف”، فهو يعتبرُ…