صفية عمر
ان التطورات الدراماتيكية السريعة والمتغيرات الجارية في كردستان العراق هي الأكثر خطورة منذ أكثر من شهر ليس على مستوى العراق فحسب بل على مستوى الشرق الأوسط عموماً ، حيث المشروع الصفوي الإيراني يزداد توسعاً وتاثيراً عميقاً في المنطقة وان كان من دفع ضريبة ذلك الشعب الكردستاني بتوافق سني وشيعي ، إيراني وتركي وعربي ، صمت دولي بل بضوء أخضر أمريكي وأوروبي ، وخيانة البعض من الكرد المحسوبين على إيران واستخدام فصائل شيعية ارهابية وبدعم من الحرس الثوري الإيراني وبأسلحة ثقيلة أمريكية . وإن كانت البداية هو احتلال كركوك والعديد من المناطق الكردستانية باستلام وتسليم مهينة وان كان ذلك بذريعة استفتاء الشعب الكردستاني لاستقلال كردستان .
ولكن الضريبة الكبرى ستدفعها شعوب المنطقة عموماً وخاصة تركيا والدول العربية حتى وان كان الاتفاق على محاربة ارادة الشعب الكردستاني على حقه في تقرير مصيره أسوة بكل شعوب العالم والذي كان سيلعب دوراً فعالاً في استقرار المنطقة وأمنه وسلامته وتقليص دور ايران في المنطقة أو على الأقل تعطيل المشروع الصفوي والحد من اتساعه . وان السؤال الأكبر الذي يراود المهتمون في السياسة ، مالذي ستجنيه أمريكا وأوربا والدول العربية من تقليص الدور الكردي في المنطقة أو بالأحرى العمل على إنهائه ، وخاصة كلاعب جديد ومهم في الشرق الأوسط ؟؟؟ وهل كان دورهم الكبير في محاربة تنظيم داعش الإرهابي وانهاءه ،كان مجرد مهمة مؤقتة واستثنائية ؟ ومن المستفيد من التوسع الإيراني الخطير في المنطقة؟ ومن سيستطيع كبحه في المستقبل ؟ وهل يعقل ان الموصوفين بالارهاب أمريكيا من نفذ مهمة الحرب على كردستان ؟
ان الموضوع الأساسي الذي يجب ان يعرفه القاصي والداني في الشرق والعالم ، ان الشعب الكردستاني يملك ارادة قوية جداً ولديه قضية عادلة ، لا يمكن إنكارها أو تصفيتها أو إنهاءها ، قد تحاول هذه الدول بتعطيلها أو تأجيل حلها مؤقتاً ولكنها ستبقى قضية جوهرية ومهمة في الشرق الأوسط ولابد من التوصل لحلها ، وان دون ذلك سيكون له تأثير كارثي على المنطقة ، والمتضرر من ذلك السنة قبل الشيعة والعرب قبل الأتراك !! وإن المجتمع الدولي والشرق الأوسطي سيندم كثيراً أو من يعتقد بانه يستطيع ان ينهي دور الرئيس مسعود البرزاني في جنوب كردستان ، لأنه قائد ورمز كردستاني بامتياز ، وأن من يعمل لخدمة شعبه وقضيته سيكون له الدور الريادي والفاعل في تحقيق السلام والأمن في المنطقة والعالم . ولهذا فان الرئيس البرزاني اثبت للعالم أجمع انه صاحب قضية عادلة ولا تهمه المناصب الرسمية وكل ما يعمل من اجله هو ان يحقق لشعبه حلمه في الحرية والاستقلال وبناء دولته الوطنية أسوة بكل شعوب العالم ، ولَم يتمسك بهذه المناصب على حساب قضيته وشعبه كما فعله غيره من الزعماء والرؤساء في الشرق بل بالعكس أراد ان يمنح العالم دروساً في الديمقراطية والمصلحة العليا لقضايا الشعوب، ولذلك كل من يعتقد بانه يستطيع ان ينهي دور هذا القائد فهو واهم جداً ، لانه متجذر في وجدان الانسان الكردي وضميره الحي ، وهو القائد الوحيد الذي أراد ان يكون للكرد شخصيته القوية والفاعلة في المنطقة ونجح بعمق في وضع اللبنات الاساسية للدولة الكردية ولا يمكن لاية قوة في العالم ان تزيل هذه اللبنات ، قد يتم تأجيل تحقيق هذا الحلم ولكن لن تستطيع أية قوة في العالم انكاره أو إلغاءه .
ان الشعب الكردي تعرض على مر التاريخ للكثير من النكسات ولديه تجارب مريرة معها ، وعلى قاداته ان يكونوا هذه المرة على المستوى المسؤولية التاريخية لدراسة ماحصل والاستفادة منها بعمق ، بعيداً عن العاطفية والبكاء على الاطلال بل التعمق في الدراسة والتحليل ووضع النقاط على الحروف والاستفادة القصوى من الأخطاء والتكهنات السابقة والتوقعات ، والثقة بالشعب الكردي الذي يملك الكثير من الخبرات والطاقات والتي تؤهله تجاوز هذه الأخطاء والإسقاطات والمؤامرة الدولية بحقه ، وانه قادر الى تدوير الزوايا بالشكل الذي يحقق له الكثير في المستقبل القريب ، وان حكومة بغداد كاداة عميلة في المشروع الصفوي أو الخونة من الكرد وتركيا وغيرها من الدول وخاصة العربية السنية ستدفع ضريبة ما حصل غالياً وسيكونون الأكثر ضرراً من هذا التآمر الدولي بحق الكرد وقضيته العادلة ، ولن يتمكن أية قوة من كسر إرادة وهيبة الشعب الكردستاني وان البيشمركة الأبطال وقائدهم البيشمركة مسعود البرزاني والشعب الكردستاني استطاعوا من قراءة الرسالة بعمق ، والمستقبل لناظره لقريب .