هل سيُجرَّد حيدر العبادي من جنسيّته الانكليزية ؟

ابراهيم محمود
من المعلوم أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يحمل الجنسية الانكليزية، إلى جانب أنه يقوم بمقام القائد العام للجيش والقوات المسلَّحة. بناء عليه، فإن انتهاكات الحشد الشعبي في كركوك وطوزخورماتو: من قتل ونهب الممتلكات العامة، وحرْق بيوت ومس الأعراض، والقوات العراقية معه، وهي موثَّقة، يمكن رفع دعوى قضائية عليه إلى المحاكم البريطانية، وهناك سهولة لتجريمه ومحاكمته، قد تكون النتيجة توقيفه أو منعه من دخول المملكة أو تجريده من الجنسية الانكليزية. إن الكرد المقيمين هناك ومن لهم صلة بذلك يمكنهم تحريك هذا الملف.
ذلك يعني، وخصوصاً في ضوء تحركات المكوكية وظهوره التلفزيوني وهو يحرك يديه ويسسترسل في الكلام وكله بشاشة وملؤه ثقة ونشوة الانتصار على ” أعداء” العراق: الكرد، والمشهد الأكثر تمثيلاً لذلك، ما بدا عليه في زيارته إلى طهران، وهو يعلِم أولي أمره هناك ما قام به باسمهم، رغم أنهم على علم مسبق بذلك من خلال مندوبيهم: قادتهم الميدانيين وخبرائهم، أو باسدارهم” قاسم سليماني في الواجهة “. ذلك يعني أن ظهوره بمثل هذه النجومية الفاتنة إنما الخطِرة لا يعني إطلاقاً أن الآتي ضامن أمان له، فالعراق ليس مرمى طهران وحدها، وأن يغض ” العم سام ” النظر عن بعض خروقاته أو اندفاعات حشده الشعبي قبل سواه، في عمق جغرافيا إقليم كردستان العراق، لا يعني أنه حر طليق، وهو في نشوة ” أوامره ” الظاهرة، على بيّنة أن العم سام يراقب كل تحرك، أن العبادي يتحرك في ظل رمز قم، ويمتد، فيثير ليس حفيظته وحده، إنما حتى شريكه في النيل من الإقليم: أردوغان التركي، فالحسابات السياسية تتداخل مع العقائدية والجغرافية والاقتصادية،  وهناك المنتمي العربي: الجار والمراقب السعودي الذي لا يخفي تخوفه من المد الشيعي، والعبادي في نشوته السالفة نسي أن السعودية التي آزرته في حدود معينة، لم تطلق له العنان، ولا بد أن هذه الـ” 24 ” ساعة هدنة مساء” 27-10 / 2017 “، ولقاء الوفدين : الكردي والعراقي في الموصل بحضور أميركي، تعني أكثر من عملية تقارب الطرفين، فثمة ما يتفعَّل في الداخل وفي العمق العراقي بتكتم، ولا بد أن سدنة العراق من شيعة العراق الشكلي وطهران مصدر القرار والتحكم، قلقون من هذه ” الهدنة  المشبوهة “، وطهران أعطته الضوء الأخضر بالمطلق، لا بد أن ما يسمى بـ” مؤتمر الحوار العالمي حول الإرهاب ” بتنظيم من الحشد الشعبي في بغداد اليوم، وظهور الرمز اللافت لهذا العشد ” العامري ” وهو بلباسه العسكري ويتحدث أمام الحضور بغطرسة” مذكّراً إيانا رموز صدام حسين في مؤتمراته المفبركة ” عما هو عليه الحشد مادحاً إيران ناقداً ” أميركا ” ومن معها، وما في ذلك من ذهاب ريح العبادي، ليس لصالح العبادي، إنما ثمة مؤشرات كثيرة على أنه في نشوة انتصاره المزعوم نسي، كما نسي سلفه، أنه محكوم من الخارج والداخل، وأن من لا يعرف وزنه الفعلي في مهب عواصف التجاذبات الداخلية والداخلية، سرعان ما يطوَّح به، وأن الكرد في مرارة ما عاشوه في الأيام الماضية، لا بد أنهم سيعودون إلى دائرة الضوء كما يستحقون، وأن من صافحوا عبادي بطلاً، أو وضعوا ” بيضهم ” في سلته، سيكتشفون سريعاً ثقوبها، والفائز من يضحك أخيراً .
دهوك، في 28- 10/ 2017 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…