البارزاني ليس فاشلا

يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
الكثير هتف و كتب عن البارزاني بأنه فاشل و ليس له دراية بالسياسة و العسكرة و حكومة بغداد كانت ذكية و إنتصرت عليه و ضاع حلم الكورد المتمثل بدولة مستقلة ،لكن ماذا بعد ؟؟
أولا و قبل كل شيء يجب الإعتراف بأن كل من يتهم السروك “مسعود بارزاني” بالفاشل أنه هو الفاشل و الغبي الكبير كونه لا يفقه شيئا في السياسة و ماذا يجري من حوله و من حول كوردستان و داخل كوردستان ،فقط يكتفي المحبطون بالجلوس وراء شاشات الهواتف و يكتب “البارزاني فاشل” ثم ليصمت و بعد إدعاء تحرير “كركوك” إستيقظ من جديد ليكتب “هربجي بارزاني” ،و هكذا دواليك يبقى الكوردي سواء ،مثقفا ،سياسيا ،محللا يتنقل بمواقفه النفاقية إلى ان يموت ،هنا تكمن ازمة الإنسان الكوردي و القضية بإحتكامها فقط لمقياس الغلبة و القوة و ليس المنطق و المنهج.
البارزاني سياسي بارع :من كان يعيش القضية الكوردية على مر التاريخ سيعلم جيدا أنها دائما كانت في تصادم مع انظمة ديكتاتورية احادية لا تقبل الآخر المختلف و لا تقبل الحوار و لا تتقن سوى لغة الحديد و النار ،من عنق الزجاجة إستطاع السياسي “مسعود بارزاني” إفشال كل المخططات السياسية البعثية و ما ادراك ما البعث الصدامي و بمساعدة كل دول العربية و بالتآمر مع القوى الكوردية الخائنة ،فلم يكن من إصراره و ذكائه سوى تحقيق عدة مكتسبات كتأسيس الإقليم و الحكومة و البرلمان و تعديل الدستور و التنقيب على النفط…
نفس الشيء حدث مع السياسي “مسعود بارزاني” بعد إسقاط نظام البعث و إستمرار سياسة القمع و التجويع و خرق الدستور تعامل معها بكل ذكاء و حنكة و تحدى جميع الحصارات للدول الأربع المجاورة ،تعامل بصبر عميق كي لا يضحي بحلم الشعب رغم مروره بازمات أكثر مما يعيشه الإقليم حاليا بفاجعة “كركوك” ،إنجاحه مشروع الإستفتاء مع تحدي كل الصعاب و الضغوطات الدولية و الإقليمية امر يحسب لذكائه و حنكته السياسية و إنتصاره على حكومة بغداد بشكل قانوني مشروع يثبت براعته السياسية و التطلعية للمستقبل ،نجاح الإستفتاء إنجاز تاريخي قطع به نصف الطريق و لن يتنازل عنه مطلقا لان هناك تطلعات مستقبلية سارة.
_البارزاني عسكري فد :شخص منذ صغره و ريعان شبابه حامل السلاح إلى يومنا هذا في صراع مع الديكتاتوريات من أجل الحق الكوردي و إفشال كل الهجمات الخبيثة كما تحمل بعضها ،سقطت انظمة و جاءت أخرى وهو مازال مكانه صامدا دليل على انه عسكري و داهية في فنون الحرب.
كان للمقاومة الكوردية العسكرية دور كبير في بقاء إيران على الخريطة و المكون الشيعي إبان النظام البعثي ،كما لعبت المقاومة الكوردية دور الحسم في إسقاط نظام البعث الصدامي ،كما لها الدور الكبير في فك الحصار الذي زحفت من خلاله إيران إلى الخليج العربي…كل هذا بقيادة العسكري “مسعود بارزاني” ،مع كل هذه الاحداث التاريخية  للمقاومة الكوردية أثبتت بأنها جديرة بالثقة و الصمود ،ثم يأتي جبان كان من كان ويقول “مسعود بارزاني” يفتقر لشروط القيادة.
_البارزاني منظر واقعي : لا احد يشك في أن البارزاني تنبأ بجميع الاحداث المعاشة حاليا قبل ظهورها بأكثر من 11 سنة كتنظيم داعش و الحروب و التقسيمات ،و قد وضح ذلك في العديد من المناسبات الدولية و المحلية في حين لم يكن العرب يفقهون على ما كان يتحدث ،نصح العرب السنة في 2003 بتاسيس إقليم لهم في العراق علما انهم مستهدفون من طرف حروب طائفية شيعية و الآن نرى نبوءته تتحقق بخسارة العرب السنة ،تاسيس إقليم كوردستان في سوريا الغاصبة كان من اهم إقتراحاته للإخوة الكورد.
إصراره على الإستفتاء كانت نظرة ناجحة كورقة ضغط علما ان القوات الإرهابية جمعاء عاجلا ام آجلا ستشن حربا على الإقليم سواء تم الإستفتاء أو لم يتم ،الهجوم بدون إجراء الإستفتاء بمثابة خسارة مريرة اكثر ،فالإعتماد على الإستفتاء نصف الإنتصار رغم نكسة “كركوك” و المناطق المتنازع عنها.
_البارزاني شامخ : العظيم في هذا الشخص انه دو عزة و نخوة و ليس ذليلا كباقي الزعماء ،لم يركع ابدا للديكتاتوريات و لم يلعق ابدا احذية امريكا و إسرائيل و التحالف الدولي ،علاقته بهم كانت علاقة مصالح ندا للند ،لم يتبجح ابدا بأمريكا و إسرائيل و لم يعش ابدا تحت اوامرهم ،زعيم قومي لا يعرف الكذب و لا المراوغة هادئ و ليس ثرثار.
عندما خانته أمريكا و إسرائيل لم يتوسل بل رفض مقابلتهم و بلهجة شديدة غاضبة بعد عدة محاولات تم اللقاء لكن وبخهم و لم يتنازل عن كرامته و قوميته ،كما ضغط عليهم بطريقته الخاصة بالإنسحاب من مواقع حساسة لأعدائهم كما يدعون.
البارزاني ليس عربيا لكي يكون ذليلا و لا فارسيا ليكون منافقا و لا أمريكيا ليكون براغماتيا ،هو كوردي لا يعرف الإستسلام و المذلة و المؤسف ان البعض  من شعبه لا يعرفونه قدر المعرفة.
_البارزاني رمز تاريخي : شخصيا اصنف السيد “مسعود بارزاني” بأنه أبرع سياسي و عسكري و منظر واقعي في الشرق الأوسط على مر التاريخ ،لقد مرت عدة شخصيات تاريخية سياسية لكن لم يستطع احد ان يتحدى الصعاب كما تحداها البارزاني ،كما أؤكد حسب معرفتي بأن نجاح البارزاني يكمن في شمولية شخصيته السياسية و العسكرية و الفكرية ،فلو كان سياسيا فقط لما بقي نهجه القومي مستمرا و لو كان عسكريا فقط لٱنتحر سياسيا ،كمثال دليل على هذا أن إنهيار البعث ناتج عن تباين و تباعد و عدم تكافؤ الذكاء السياسي مع الحنكة العسكرية للقادة.
شخصية البارزاني البسيطة جعلت منه رمزا يحتدى به عالميا و وطنيا ،رمز للوطنية و القومية المعتدلة و المقاومة ،لا يمكن ذكر كوردستان دون ذكر البارزاني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…