شريف علي
المتتبع للشأن الكوردستاني , ومنذ أن استطاع الكورد ،من خلال دورهم المحوري على الأرض في إسقاط ودحر الهجمة الإرهابية الممنهجة التي استهدفت المنطقة عموما و كوردستان تحديدا تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام ،, لابد وأن يلاحظ بأن كوردستان خطت خطوات جادة و متسارعة بإتجاه التأسيس لدولة ديمقراطية عصرية يعتبر حق الإنسان وحريته وكرامته من أولويات ركائز ذلك التأسيس إلى جانب، ما تم إنجازه على الصعيد الدولي والرأي العام العالمي وبدبلوماسية موفقة، فيما يتعلق بانتزاع اعترافها بشرعية القضية الكوردية وعدالتها وأهمية الدور الكوردي كعامل استقرار أساسي في المنطقة لا يمكن تجاوزه .
الواقع الكوردستاني هذا جعل من مجتمعه نموذجا للتعايش السلمي والعيش المشترك في المنطقة، وعنوانا للإرادة والعزيمة الراسخة في محاربة الاستبداد والتسلط العنف والإرهاب والفكر التكفيري اللاغي للآخر مما أكسبه الدعم والتأييد العالمي وبات الكورد رقما صعبا في المعادلة الإقليمية ومركز جذب للاهتمام العالمي ومراكز القرار الدولي .
من هنا بدأت بلدان الطوق الاستعماري بالتحرك جراء ما رأت في المشروع القومي الكوردي الذي يرعاه رئيس إقليم كوردستان مسعود بارزاني، تهديد لكياناتها المصطنعة، والتي تشكل أجزاء كوردستان جزءا أساسيا من تكوينها الجغرافي والاقتصادي والمجتمعين فكان ضالتها في الداخل الكوردستاني،بعد أن فقدت إمكانية التأثير من الخارج في ظل التحصين المحيطي ذاتيا وموضوعيا، تلك الضالة كانت خانة الخيانة، التي عانى منها الشعب الكوردي مرارا على مدى مسيرة ما يزيد عن قرن من النضال ،تلك الخانة التي يلجأ إليها الخصم في أي صراع وتكون محط أنظاره في الوقت الذي تكون فيه على الأرجح غائبة عن نظر الآخر كونها مستبعدة على الأقل في ظل معطيات تنفيها ، وتجعلها من آخر الاحتمالات رغم أهميتها الإستراتيجية في أي صراع، والتي لا بد وأن تؤخذ بعين الاعتبار وتفرض حضورها كأقرب الاحتمالات.
ما شهدتها كركوك مؤخرا وأرخت بتداعياتها على مجمل المشهد الكوردستاني لا شك يندرج في إطار خانة الخيانة القومية والوطنية ،وبشهادة أقرب المقربين من أولئك الذين نطقوا بخيانتهم في أدق المراحل التي تمر بها القضية الكوردية عموما وعبر بوابة كوردستان الجنوبية،ورفعت راية الولاء للخارج المعادي لتطلعات الشعب الكوردستاني الذي لم يلبث بدوره أن استغل الموقف ليضع القيادة السياسية والعسكرية الكوردستانية أمام خيارين أحلاها مر، إما أن يكون هناك القبول بما اختارته زمرة الخيانة وفي أدق اللحظات، أو أن تعيد مأساة التسعينات من القرن المنصرم ومواجهة عدو سلاحه درع كوردي .وهنا بدت حكمة القيادة الكوردستانية وحرصها علة مكتسبات الشعب الكوردي التي تحققت بفضل تضحيات الجسيمة ودماء البيشمرگة،س بتجنب إراقة الدم الكوردي بسلاح الكوردي والقبول بالأمر الواقع رغم تداعياتها السلبية على الشارع الكوردي وموقفها من أداء القيادة .