التقدمي ينحاز لطائفية بغداد ويحمّل الإقليم المسؤولية

صبري رسول
أصدر المكتب السياسي لحزب الديمقراطي التقدمي في سوريا بياناً اليوم 18/10/2017م عن الحدث الكركوكي الكارثي، وكارثية البيان لا تقلّ عن كارثية متصرّفي العسكر في انسحابهم من كركوك وانقلابهم على رفاق حزبهم قبل شركائهم. الغريب في هذا البيان انحيازه الكبير إلى جانب الحكومة الطائفة في بغداد، وتهجمه غير الموضوعي على حكومة إقليم كردستان، وهذا يُعدّ بياناً على بياض الولاء لجماعة هيرو وأولادها، ومناصرة واضحة للحشد الطائفي المدعوم من الولي الفقيه، وتقرّبٌ سياسيّ للنظام السوري. وإليكم التفاصيل:
بيان التقدمي يفسّر بأن الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان جاء على خلفية الخلافات بين حكومة بغداد وحكومة الإقليم، ولم يُشرْ إلى دستورية هذا الاستفتاء ولا إلى وصفه بأنه حق مشروع للشعب الكردستاني كما هي للشعوب. وكأنّ الاستفتاء جاء ردة فعلٍ للخلافات ((… جاء الإعلان عن إجراء الاستفتاء من قبل الأحزاب الكردستانية في إقليم كردستان العراق في 25 -9-2017 على خلفية الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حول العديد من القضايا السياسية والإدارية والاقتصادية…)) ألا يلاحظ القارئ بأنّ البيان لم يُشر إلى مسألة الطائفية التي تتباهى بها حكومة العراق، الغارقة في حتى الأذنين للمشروع الإيراني، واكتفى بوصف الحكومة العراقية بـ«الاتحادية» وهي صفة تنمّ عن التمسّح بفرو النظام السوري أولاً وليس العراقي.   
ويمدح البيان إلى الجهود الدولية الرامية إلى تأجيل الاستفتاء، ولم يُشر إلى غياب الإرادة الدولية أو الجهود الدولية في الضغط على حكومة بغداد لتطبيق المادة 140 من الدستور، وبهذا يلقي باللوم كاملاً على إقليم كردستان ويبرّر للحكومة الطائفية أعمالها، من دون أي إشارة إلى استقطاع رواتب الموظفين، ورواتب البيشمركة، ولا إلى بطولاتهم الكبيرة في دحر داعش، ولا إلى وقوفهم مع الجيش العراقي لتحرير الموصل.
((ورغم الجهود الدولية التي دعت إلى تأجيل الاستفتاء، إلا أن قيادة الإقليم أصرت على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد ما لاقى رفضا دوليا وإقليميا…)) 
وهناك أمر غريب في البيان، وهو وصف الأوضاع السياسية بـ«بالمتفاقمة» حتى قبل حدوث الصدام العسكري، ويصف بأن ما حصل كان لإصرار حكومة بغداد على إلغاء نتائج الاستفتاء وإصرار الإقليم بنتائجه، ناسياً أنّ اتفاق «سد دوكان» ببنوده الخمسة تدل على وحدة الموقف، وأن الأوضاع السياسية لم تكن متفاقمة، بل كانت سلسة وخاصة بعد جلسة البرلمان الكردستاني، وأن ما حصل من مواقف مشينة لهيرو وأبنائها في كركوك هو خروج على الإجماع الكردي، وضربٌ لوحدة الكرد سياسياً وعسكرياً. لماذا وافقت هذه الجماعة التي لاتمثل الاتحاد الوطني الكردستاني على الاتفاقية نهاراً ونفذوا مشروع قاسم السليماني ليلاً؟ بيان التقدمي ينسى ويتناسى هذا الأمر. 
((وكذلك إصرار الحكومة العراقية على إلغاء نتائجه ومن ثم البدء بحوار حول القضايا العالقة من جهة، وتمسك قيادة الإقليم بنتائج الاستفتاء ومن ثم الدخول في الحوار من جهة أخرى، وتشبث الحكومة الاتحادية بموقفها ولجوئها إلى الخيار العسكري لبسط سيطرتها على المناطق المتنازع عليها، من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي، أدى إلى تفاقم الأوضاع السياسية في كردستان.))
الأمر الذي يدعو إلى التساؤل أن بيان التقدمي يوزع المسؤولية بالتساوي بين حكومة بغداد الطائفية وحكومة الإقليم. بل أنه يحمّل قيادة الأحزاب الكردستانية المسؤولية أولاً لعدم استجابتها لتأجيل الاستفتاء، وتالياً في متن البيان يذكر مسؤولية الحكومة الطائفية في بغداد.
 ((نحمّل قيادة الأحزاب الكردستانية التي رفضت الاستجابة للدعوات الدولية بتأجيل الاستفتاء مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في كردستان العراق. وفي الوقت نفسه نحمّل الحكومة العراقية مسؤولية عدم التزامها بتطبيق بنود الدستور.)) 
حقيقة إذا كان هذا البيان يمثّل موقف التقدمي مما حصل من تطورات في كردستان العراق فكيف به سيواجه المزاج الكردي حتى من أنصاره؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…