عفرين والمآزق الحرجة

 أحمد حسن 
Ahmed.hesen.714@gmail.com
عفرين تلك البقعة الصغيرة من جغرافية كوردستان والكبيرة باسمها وصيتها وطيبة شعبها حيث نهر عفرين ( Avrın ) كشريان حيوي يبعث الحياة في المنطقة الذي اتخذ اسم المدينة منه والذي يقسم المدينة كذلك المنطقة الى شطرين كذلك قلعتا سمعان والنبي هوري التي أخذت اسمها التاريخي من الدولة الهورية عاصمتها (أوركيش ) والعائدة الى ( 3500  ق . م ) وانسان نياندرتال الذي اكتشف هيكله العظمي في كهف ( دوده ري ) ذو البابين الواقع في جبل ليلون العائد الى (80 000 ) قبل الميلاد 
ومن لم يذكر الرصاصات الأولى التي انطلقت من منطقة عفرين كدليل على شعب يرفض الذل والهوان والمؤسسين الأوائل لأول تنظيم كوردي في كوردستان سوريا وباقات الشعراء والفنانين أمثال ( شيركلي كرد – روخاش زيفاري – بريشان – جميل هورو – أوديك – بافي صلاح – علي تجو – رشيد معم جوجاني – حسنازي – ……. الخ ) وعشرات الآلاف من الأكاديميين ذوات الشهادات العليا من اجازات جامعية الى شهادات ( دكتوراه والماجستير) ومن مختلف الاختصاصات كذلك غنى جبال عفرين بالمعادن والبترول المكتشف من قبل الانكليز منذ أكثر من ( 70 ) سنة ولم يستثمر بعد كما أن قرب عفرين من البحر المتوسط وسحر جمالها وطبيعتها الخلابة من جبال ووديان وسهول وموطن الزيتون حيث أكثر من ( 30 ) مليون شجرة زيتون وكافة الأشجار المثمرة والرمان الباسوطي المعروف على مستوى كوردستان وسوريا وغنى وديانها بالينابيع والجداول وموقعها الجغرافي الاستراتيجي كل ذلك جعلت من عفرين عروسة كوردستان أن تجلب اللعنة على نفسها وتجعلها مطمعا للطامعين فمرت عفرين بأحقاب وعقود من الزمن لاتعرف الحرية والأمان فمن السلطة العثمانية الى الفرنسية الى البعث الشوفيني والآن تئن تحت وطأة سلطة الأمر الواقع بل سلطة الوكالة للنظام الدكتاتوري حيث الفكر الشمولي وسياسة الحزب الواحد والشعارات الطنانة ( لا حياة دون القائد ) وأهل القائد وأتباعه في تركيا غير مبالين له. فالسياسة التي اتبعتها سلطة الأمر الواقع والظروف الوطنية والاقليمية أدخلت عفرين حصارات وضغوطات خانقة أهلكت كاهل الشعب الكوردي في عفرين ودفعت بعشرات الآلاف الى الهجرة والتهجير والأن وبعد أن سيطرت تركيا على مناطق غرب الفرات من ( جرابلس الى اعزاز ) وبسطت نفوذها هناك والبدء ببسط سيطرتها على ادلب وريفها فإن منطقة عفرين ( جيايي كورمينج ) تدخل في نفق مظلم وتنزلق الى مآزق حرجة فلم يبقى أمامها إلا سيناريوهين اثنين وهما :
1) إما أن تلحق بتركيا كتحصيل حاصل لأنها أصبحت بين فكي كماشة ( ادلب – اعزاز ) وهذا يتطلب توافق دولي واقليمي سواء من الدول التي تسمى بالضامنة لأستانا ( تركيا – ايران – روسيا ) وبموافقة أمريكية وأوروبية أو بموافقة امريكية أوروبية .
2) أو تلحق بمناطق نفوذ النظام بدعم واسناد ( روسي – ايراني ) وموافقة امريكية ضمنية وصامتة .
وفي كلتا الحالتين فإن سلطة الأمر الواقع لا حول ولا قوة لها فهي تبدل وتغير لونها وشكلها حسب ما تتطلب أجنداتها ومصالحها الشخصية لا مصلحة الشعب والمصالح القومية . هذه رؤية أولية فالوضع في سوريا والمنطقة عموما لازال على صفيح ساخن وكل الاحتمالات واردة ولا ثبات في عالم السياسة والمواقف الدولية ربما تتغير الكثير من المعادلات السياسية وحدها القوة والمصالح الاقتصادية هي التي تحدد المآلات الأخيرة … لعفرين الأمن والسلام . 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بين عامين: عبورٌ من ألمٍ إلى أمل…! ها نحن نودّع عامًا يمضي كما تمضي السحب الثقيلة عن سماءٍ أرهقتها العواصف، ونستقبل عامًا جديدًا بأحلامٍ تتسلل كأشعة الفجر لتبدّد عتمة الليل. بين ما كان وما سيكون، نقف عند محطة الزمن هذه، نتأمل في مرآة أيامنا الماضية، تلك التي تركت على جبين الذاكرة بل القلب ندوبًا من الألم والتشظي، وفي…

اكرم حسين مع إشراقة أعياد الميلاد المجيدة، حيث تحمل الأيام بشائر الأمل والسلام، نقف اليوم أمام لحظة تاريخية في مسيرة سوريا وشعبها العظيم. لقد أثبتت الثورة السورية العظيمة ، التي انطلقت في وجه الطغيان والاستبداد . ان إرادة الشعوب أقوى من أي آلة قمع أو سلطة غاشمة ، واليوم ، بعد سقوط الطغمة الأسدية، يسطّر السوريون بدمائهم وتضحياتهم بداية…

صلاح بدرالدين عام سعيد جديد في ظل الحرية التي ناضل السورييون من اجلها عقودا وثاروا في وجه الطغيان ، وقدموا مئات آلاف الشهداء ، وباقة ورد للثوار المحررين يوم الثامن من كانون الأول / ديسمبر في نهاية العام الجاري . على عتبة العام الجديد كم كنت أتمنى ان تكون شريكة حياتي الراحلة ام لوند الى جانبي ، وتحتفل…

ماجد ع محمد يبدو أنَّ حال أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) يشبه حال الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني في بعض النواحي، حيث أنَّ الطالباني كان مطلوباً من حكومة بغداد، إلا أنه استطاع بعد زمنٍ من النضال وبمساعدة الظروف الدولية أن ينتقل من الخنادق في إقليم كردستان إلى قصر الرئاسة في بغداد بعد إطاحة الغرب بنظام الرئيس العراقي صدام…