هل يمكن اصلاح احوال المجلس الوطني الكردي.؟!

اكرم حسين 
كثرت مؤخراً دعوات اصلاح واعادة هيكلة المجلس الوطني الكردي والنظر بسياساته وبدأت  هذه الدعوات تظهر للعلن على بعض وسائل الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعي اضافة الى  مطالبة البعض  الاخر بالإسراع في عقد مؤتمره الرابع الذي تأخر انعقاده لأكثر من سنة ونصف ، بعض هذه الدعوات اطلقها قياديون في بعض الاحزاب الرئيسية في المجلس الوطني الكردي  حيث طالبوا بإعادة النظر في الاتفاق المبرم بين المجلس وبين الائتلاف الذي لم يدرج – حسب قولهم- أي من بنود هذا الاتفاق في الرؤية التنفيذية للهيئة العليا للتفاوض، ولم يتطرق الى الحقوق الكردية، لا بل طالب هؤلاء بالعودة الى الداخل الكردي والعمل على انشاء منصة كردية – اسوة بالمنصات الثلاث – على خلفية حالة الاخفاق والفشل التي وصل اليها  المجلس، في استقطاب قوى اجتماعية وسياسية مؤثرة لاعتبارات عديدة أولها حالة العجز التي وصل اليها ممثلو المجلس في الهيئة العليا وعدم حضورهم اجتماعات الرياض والسلبية التي عكستها سلوكياتهم وانحياز دورهم للاعتبارات والمصالح الخاصة التي خلقتها ظروف العيش خارج سورية، والعمل بشروط الجهة الممولة والراعية وما تفرضه من تنازلات وخضوع ، رغم كل ما قدمه لهم  الرئيس مسعود البارزاني  من دعم واسناد . 
كل ذلك يقتضي القيام بعملية إصلاح المجلس ، إن كان ثمة إمكانٌ لإصلاحه بعد ، بإعادة النظر في منطق التعاطي مع المشكلة والتدقيق في سلم الأولويات، بدءا من التفكير في أسباب انحساره وتراجع الأمل في تحقيق أهدافه كجزء من المشروع القومي الكردي ،  إلى مواجهة الذات وتحدي حالة الرضا الخادعة التي سادت وما تزال تسود بعض اوساط المجلس بإيهام الذات بمستقبل مشرق ينتظره ! وتحديد المسؤوليات والاعتذار عن الأخطاء والممارسات السابقة التي قادت المجلس إلى كثير من السلبيات والنتائج وبالأخص وأد الحراك الشبابي عبر احتوائه ، مروراً بوضع تصور منطقي وعملي لإخراج المجلس  من عنق الزجاجة كمدخل لإصلاح المجلس واعادة هيكلته وفق تصورات واقعية وعملياتية بعيدا عن الحتميات والشعارات البراقة والبيانات التي  لم تستطيع سوى ذر الرماد في العيون ، وبالتالي  فالجدوى الحقيقية للإصلاح مرتبطة بإمكانية إحياء المجلس وتفعيل دوره وتجاوز ما هو سائد من قول لنصف الحقيقة الى قول الحقيقة بكاملها و تمسكه بالحقوق القومية الكردية  كممثل للمشروع القومي الكردي ومدافع عن الشعب الكردي ومصالحه بالأفعال لا بالأقوال، بعيدا عن  سياسة النأي بالنفس التي لم تعد تجدي نفعاً  لأن السيل قد بلغ الزبى ، وصار من الضروري البحث عن السبل والاليات التي يجب اتباعها  كي لا يغرق  مركب الشعب الكردي، في مياه الاستبداد ثانية .
كل محاولات استدراج المجلس ودفعه القيام بأفعال عنفية  والوصول الى نتائج غير محمودة  بائت بالفشل – وهي نقطة مضيئة يمكن ان تسجل – لأن المجلس الوطني الكردي الذي يشكل الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا عماده الاساس – مارس وما يزال – سياسة ضبط النفس والتهدئة والاكتفاء بالبيانات والقيام ببعض الاعتصامات والتصريحات الاعلامية وابتعد عن التصعيد بحيث افسد  ما يخطط له وما يراد ، بالمراهنة على الشعب وقواه الحية وانتظار تغيير الظروف والاوضاع واعادة المجال للعمل السياسي الذي هو مصادر اليوم بقوة السلاح 
صحيح منطق اليوم  يذهب في منحًى تكريس هيمنة الحزب الواحد ومصادرة حق التعبير عن الرأي ومنع رفع الاعلام الكردستانية وصور الرئيس مسعود البارزاني واعتقال العشرات من كوادر وقيادات المجلس الوطني الكردي واغلاق كافة مقرات المجلس الوطني وتعطيل النشاط السياسي بالقوة في كردستان سوريا، لكن الاصح ايضا بان المجلس يتحمل جزءا مما وصل اليه المشهد بسبب قراءته الخاطئة لمسار الصراع الذي كان يقول بان الصراع  السوري العام قد ينتهي من خلال تسوية دولية في جنيف لكن لم تجري الرياح كما كانت تشتهيه سفن المجلس ،ولذلك  اصبح موقعه ضعيفا في الخارطة الداخلية ، خاصة وان المجلس قبل بلعب دور مستكين ميدانيا وابتعد عن الاستحقاقات النضالية وبقي مرتعا لبعض الاشخاص الذين لا هم لهم الا مصالحهم الشخصية ، الامر الذي ادى الى خلق  حالة فراغ وظيفي، سياسي وعسكري، أنتجتها تطورات لم تبذل أي جهد منظم لاستباقها أو أخذها في الحسبان .والسؤال :ماذا يجب ان يفعله المجلس كي يحتل حيزًا من ساحةٍ تعاد هيكلتها ، في ضوء وجود ومصالح كيان عسكري يملك كل وسائل القوة والمال ويعادي المجلس الوطني الكردي لا بل يعمل على تفكيكه كي يتولى القيادة الكردية السورية ويتحكم بمستقبل  المنطقة الكرية وبالتالي يسهل عليه تمرير مشروعه لانه يمتلك كل الوسائل والادوات اللازمة  تحت سمع المجلس وعينه ؟
في ظل هذا الوضع المتحرك جدًا والشديد التعقيد يجب البحث عن خيارات جديدة واضافية كي يستطيع المجلس ان يخرج من عنق الزجاجة ؟ وأول هذه الخيارات أن يتجه المجلس نحو الخروج القطعي والنهائي، من الحال الفكرية اليقينية التي يعيشها ،  اي الخروج من الخطاب القائل بان ما هو قائم كردياً هي حالة مؤقتة  ليس لها أي مستقبل وستنتهي اجلا ام اجلا مع رحيل النظام ! وسيتدخل اقليم كردستان العراق ويعمل على تغيير موازيين القوة وفرض الشراكة ، وبالتالي ما على المجلس الا الانتظار والحفاظ على الذات في حدها الادنى الى حين مجيئ تلك اللحظة الفارقة  !
_________________________________________
نشرت في صحيفة كوردستان العدد (570) 15-10-2017 م-2717 ك

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…