كوردستان قضية أجيال

يوسف بويحيى  (أيت هادي المغرب)
هنا يمكن أن نسلط الضوء على نقطتين أساسيتين بما يتعلق بقضايا الشعب و الوطن ،حيث تعتبر الحركة الشبابية المثقفة الركيزة و المحرك المحوري لقطار مستقبل القضية و الوطن على كل مجالات نضالات الحياة ،فتقدم الأنظمة و إستقرارها يرجع بالأساس إلى إنفتاحها و سماعها للفئة الشابة من المجتمع ،بينما نجاح الثورة مقرون بنضج الفكر الثوري لذى الشباب المثقف.
غالبا ما تكون الحركة الشبابية ذات طابع فكري حداثي معاصر حسب تماشيها مع قيم و قوانين المجتمع الدولي قصد التطور و المشي قدما تجاه التنامي و الإزدهار و الإنفتاح الفكري و الثقافي و الإقتصادي و السياسي ،دون التخلي عن قيم الثقافة الأم التي تعتبر القاعدة التي ينبني عليها و يعود إليها الإنسان و المجتمع و الشعب و الدولة.
من الرائع أن نتأمل البركان الكوردي في كل بقاع العالم دعما للإستفتاء الديموقراطي المشروع قصد الإستقلال ،و نيل الطموح الذي إستشهد عليه ملايين الشهداء الكورد ،ليس بالغريب عن شعب ولد من رحم المقاومة الحقة و ترعرع بين اليتم و الحرب ان يثور في وجه كل الديكتاتوريات العالمية من اجل الكرامة و إسترجاع الوطن المنهوب منذ زمن طويل ،لا استغرب بما أراه يقدمه الشعب الكوردي ولاءا للوطن و القضية و القدوة الشريفة مادام أنني أعرف جيدا تاريخ هذا الشعب المليىء بالتضحيات و الألام و الأمجاد و الصمود والقيم و الأخلاقيات…
قلت مرارا و تكرارا أن الثورة الكوردية القومية هي التي ستنجح في المستقبل و ضربت بعرض الحائط باقي مكونات الثورة السورية و كذلك ثورات المغرب الكبير (ليبيا،مصر،تونس) لعدم نضج الشعوب بمستوى الثورة ،قد يتساءل الكثير عن أسباب نجاح الثورة الكوردية القومية التي تتمثل في أن الشعب الكوردي الحقيقي حدد ماذا يريد من ذاته بٱعتباره مستعمر لا سبيل له للكرامة إلا الحرب من اجل الإستقلال ،لم يعطي الكورد القوميون فرصة للساسة و الأحزاب بل حملوا السلاح و تركوا ببغات الأبواق السياسية على الهامش ،عكس ما قام به العرب السنة و الكورد المسلوبون البسطاء سرعان ما خذلتهم الأحزاب و تركتهم ضحية الحرب خاليي الوفاض بدون وطن إلى الآن.
إني أرى إنتصارا للذات الكوردية بعد الخيانة التي تعرض لها الإخوة الكورد البسطاء أن يدعموا الإستفتاء مع إخوانهم الكورد في إقليم كوردستان الجزء المحتل في العراق ،إنه السبيل الأوحد للخروج بنصف الخسائر في ترقب المستقبل الزاهر الذي ينتظرهم بعد الإستفتاء و الإستقلال ،فقد جربوا كل القوى السياسية فلم يحصدوا سوى الخيانة لذلك لا سبيل لهم سوى مناصرة  الإخوة القوميين بقيادة الرئيس “مسعود بارزاني” و البيشمركة ،إنهم أمل كل كوردي مضطهد.
كان من اهداف الثورات المذكورة إسقاط الأنظمة الديكتاتورية ،لكن سرعان ما سقطت الشعوب و عوضت الأنظمة بأخرى اكثر تطرفا و ديكتاتورية ،كما ابيدت و هجرت شعوب لتحل محلها شعوب غاصبة ،من خلالها بيعت ارواح الشعوب و الوطن في المزدات ،فلم يبقى سوى من كان صامدا يعي من يكون و ماذا يريد و اين يوجد ما يريد إنهم الشعب الكوردي الحامل لفكر الكوردياتية.
إن رؤية الأطفال و البراعيم الكوردية في ٱحتفالات الإستفتاء تعطينا قراءة للواقع و المستقبل الكوردي الذي لن يرضى إلا بالحرية و الإستقلال ،فمهما قتلت الأنظمة الغاصبة أرواح الشعب الكوردي بمناضليه و سياسييه و مفكريه و نسائه و ابريائه و أطفاله فلن يستطيعوا قتل الكوردياتية ابدا مادام يحملها أطفالا و صغار من حليب أمهاتهم ،لا يمكن طمس الفطرة من نفوس الأبرياء الصغار مهما حدث ،فإن كانت الانظمة الغاصبة تملك السلاح و المال لذلك ،فالأطفال و البراعيم الكوردية تملك البراءة و الله.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…