كردستان باشور .. ونقطة اللاتراجع

شادي حاجي
التحشدات العسكرية العراقية على تخوم كركوك الكردستانية وبعض المواقع الأخرى من بعض القوى  السياسية والعسكرية الشيعية المتنفذة والحاكمة في بغداد بدعم وتحريض من طهران وأنقرة ووقوف بيشمركة كردستان والقيادة السياسية وشعب كردستان على أهبة الاستعداد للدفاع وصد أي هجوم في حال وقوعها بكل قوة والتمسك بحقها في تقرير مصيرها في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة بعد أن اتخذ شعب كردستان قراره بالتصويت بنعم للاستقلال في الاستفتاء الذي جرى في 25/9/2017 .
هل يعني الوصول إلى نقطة اللاتراجع إندفاع الأطراف المعنية إلى التصادم المباشر؟ 
أعتقد أن الأمر ليس بسيطآ . 
والمواجهة ليست واردة الآن وبمثل هذه السهولة. 
إلا أن إحتمالات تطور الأزمة وإتجاهها جزئيآ نحو الحل العسكري ليست مستبعدة كليآ وهذا مايتطلب من الكردستانيين أن يحتاطوا لها على كافة الأصعدة وجميع الجوانب فالخيار العسكري من الاحتمالات الواردة خصوصآ أن الوضع الداخلي العراقي وقرب الانتخابات والتدخل الايراني والتركي السافر بالشؤون الداخلية العراقية ووقوفهم بالضد من طموحات وتطلعات شعب كردستان في الاستقلال بالاضافة الى الوضع الاقليمي والدولي تدفع بهذا الاتجاه خدمة لمصالح تلك الأطراف وسياساتها المعروفة في منطقة الشرق الأوسط .
كردستان من جانبها أعلنت مرارآ الأسباب التي دفعتها الى اجراء الاستفتاء والتوجه نحو اعلان الاستقلال بالطرق السلمية وعبر الحوار مع بغداد على القضايا العالقة بينهما ( الحدود النفط و.. ) ليكونوا جيران جيدين بعد فشلوا في أن يكونوا شركاء جيدين وأنها ليست خائفة وهي قادرة على الدفاع عن حدودها ومصالحها وشعبها . وأوروبا مترددة في هذا الصدد وهي كالعادة تنتظر الموقف الأمريكي النهائي من هذه القضية وروسيا تؤيد حقوق الشعب الكردي  دون أن توضح موقفها بشكل صريح من استقلال كردستان وتريد الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع كردستان ( الاتفاقات المتعلقة بالنفط والغاز نموذجآ ) ولكنها لا تحبذ الإنزلاق أكثر في المسألة نظرآ لحرصها على مصالحها الحيوية في سوريا والمنطقة بالتعاون والتنسيق مع كل من ايران وتركيا إلى حدود القطيعة .
يبقى الموقف الأميركي ومدى استعداد واشنطن إلى الانجرار إلى مواجهة شاملة  مع ايران من عدمه وهذا يتوقف على استراتيجيتها وأمنها القومي ومصالحها ومصالح حلفائها في منطقة الشرق الأوسط التي لم تتوضح بعد إلا باتجاه ايران والقاضية الى حد ما بإضعاف دورها وطموحاتها التوسعية في المنطقة وتهديدها لإسرائل والدول العربية المتحالفة معها ( الخليجية نموذجآ ) بالاضافة الى موضوع الاتفاقات حول الطاقة النووية الايرانية ولاننسى العلاقة المتوترة بين كل من أمريكا وتركيا بسبب تضارب وتناقض مصالحهما والسياسات التركية الجديدة وتوجهها نحو روسيا وايران .
وهنا وعلى ضوء ماسبق ذكره أعلاه أظن بأن موقف المجلس السياسي العليا لكردستان سيبقى حازمآ وصارمآ لأنها وصلت الى نقطة اللاتراجع لحين ظهور ماسيتبلور عن الضغوط التي تمارس من أكثر من جهة  أمريكية داخلية وأوروبية على الادارة الأمريكية والبيت الأبيض تجاه الاتفاق النووي مع ايران أولآ وتجاه الوضع في كردستان ثانيآ فالموقف الأميركي في هذين الملفين  يمثل حجر الزاوية في المعادلة سواء اتجهت السياسات الأمريكية  إلى مزيد من التأزم والتصعيد أو انفراج العلاقات وانفتاحها على حل سلمي يعتمد السياسة في معالجة القضايا في منطقة الشرق الأوسط سوريا والعراق واحترام إرادة شعب كردستان في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة أسوة بشعوب العالم وفهم واقع كردستان ونقطة اللاتراجع بالتعاون والتنسيق مع روسيا والدول الاقليمية الفاعلة السعودية وتركيا وايران واسرائيل من وراء الكواليس .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف بين عامين: عبورٌ من ألمٍ إلى أمل…! ها نحن نودّع عامًا يمضي كما تمضي السحب الثقيلة عن سماءٍ أرهقتها العواصف، ونستقبل عامًا جديدًا بأحلامٍ تتسلل كأشعة الفجر لتبدّد عتمة الليل. بين ما كان وما سيكون، نقف عند محطة الزمن هذه، نتأمل في مرآة أيامنا الماضية، تلك التي تركت على جبين الذاكرة بل القلب ندوبًا من الألم والتشظي، وفي…

اكرم حسين مع إشراقة أعياد الميلاد المجيدة، حيث تحمل الأيام بشائر الأمل والسلام، نقف اليوم أمام لحظة تاريخية في مسيرة سوريا وشعبها العظيم. لقد أثبتت الثورة السورية العظيمة ، التي انطلقت في وجه الطغيان والاستبداد . ان إرادة الشعوب أقوى من أي آلة قمع أو سلطة غاشمة ، واليوم ، بعد سقوط الطغمة الأسدية، يسطّر السوريون بدمائهم وتضحياتهم بداية…

صلاح بدرالدين عام سعيد جديد في ظل الحرية التي ناضل السورييون من اجلها عقودا وثاروا في وجه الطغيان ، وقدموا مئات آلاف الشهداء ، وباقة ورد للثوار المحررين يوم الثامن من كانون الأول / ديسمبر في نهاية العام الجاري . على عتبة العام الجديد كم كنت أتمنى ان تكون شريكة حياتي الراحلة ام لوند الى جانبي ، وتحتفل…

ماجد ع محمد يبدو أنَّ حال أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) يشبه حال الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني في بعض النواحي، حيث أنَّ الطالباني كان مطلوباً من حكومة بغداد، إلا أنه استطاع بعد زمنٍ من النضال وبمساعدة الظروف الدولية أن ينتقل من الخنادق في إقليم كردستان إلى قصر الرئاسة في بغداد بعد إطاحة الغرب بنظام الرئيس العراقي صدام…