الأحزاب الكردية في غربي كردستان والإصرار على الفشل

دلكش مرعي
منذ ستين سنة والأحزاب الكردية تسير من فشل إلى فشل ومن تشرذم إلى تشرذم والغريب في الأمر بأنها مازالت تصر على هذا النهج الفاشل فيأتي المؤتمر الحزبي ويذهب المؤتمر الحزبي والحالة الحزبية تبقى كما هي دون تغير وعلى نفس النمط من الجمود والروتين  فهم وحسب اعتقادي  يسيرون بعكس ثقافة الإنجاز العلمي المعاصر التي تعتمد على من يمتلك الموهبة والكفاءة والخبرة في مجال عملها …
 فالسياسة هي علم وموهبة كبقية العلوم فمن المستحيل أن تبدع مجموعة شبه أمية لا تمتلك الموهبة السياسية ولا الخبرة السياسية ولا النزاهة السياسية ولا تمتلك أي كارزمة اجتماعية أن تبدع في السياسة وتحقق أهدافها وستكون مصيرها الفشل المحقق .. 
 فأنك تجد الآلاف من عازفي الموسيقى لكن المبدعين في الموسيقى هم قلة والأمر ينطبق على من يمارس الرياضة والفن ومن يعمل في بقية العلوم وفي السياسة أيضاً . ففي بداية الثورة السورية كان أكثر من ثمانين بالمائة من الشعب الكردي كان مع هذه الأحزاب لكنها فشلت في قيادة هذه الجماهير وخذلتها وأهدرت أثمن فرصة تاريخية أتت بعد قرن من اتفاقيات سايكس بيكو ونتيجة لهذا الفشل هجر أكثر من الثمانيين بالمائة من هذا الشعب ومازال الحبل على الجرار أما الطاقات والكفاءات فكانت تهمش أو كانت تستوجب عليها أن تقدم فروض الولاء والطاعة لهؤلاء الأميين وعديمي الخبرة التي تتشكل منها هذه الأحزاب بمعظمها مع باستثناء بضعة أشخاص .. 
وحسب اعتقادي إذا ما أصر هذه الأحزاب على هذا النهج فسنقرأ الفاتحة على روحها فأما ستنقرض أو ستصاب بمزيد من الضعف والهزال .. 
نعم تتحمل البيدا نصف المسئولية لكن الأنكسة تتحمل النصف الآخر .. وقد يسأل سائل وماذا قدم المثقف الكردي في تلك الفترة وأني كشاهد عيان أقول لقد قدم المثقف أفضل الحلول في بداية الثورة السورية  فعبر مبادرة من الكاتب المرحوم خليل كالو الذي دعا إلى مؤتمر وطني كردي كامل وشامل في غربي كردستان على أن  يكون نصف المؤتمرين من الأحزاب والنصف الآخر من المستقلين أصحاب الكفاءات ومن الكتاب والحقوقيين وغيرهم من المثقفين وقد طلب مني المرحوم  العمل معه في هذا المجال وقد عملنا معاً ما يقرب الشهرين التقينا خلال ذلك بكافة قيادات الأحزاب الكردية ومن ضمنهم السيد صالح مسلم والكل وافق على انعقاد هذا المؤتمر ولكن بعدما أنجزنا حوالي السبعين بالمائة من عملنا وتم تعين اللجنة التحضيرية لانعقاد المؤتمر
 وأصبح انعقاد المؤتمر على الأبواب طلب الأحزاب التي تشكلت منها الأنكسة فيما بعد طلبت لقاء معنا وقال أحدهم لي وبالحرف الواحد نحن نرفض جميع المرشحين المستقلين التي تم اختيارهم من قبلكم لأن كلهم من أصحاب الكفاءات ومن المثقفين وإذا كان نصف المؤتمر من هؤلاء فلن يبقى لنا نحن الأحزاب أي دور داخل هذا المؤتمر وفي اليوم الثاني تفاجئنا ببيان على لسان أحد ممثلي هذه الأحزاب تقول بأن كل حزب ستعّين قسم من المستقلين وقد تم ذلك بالفعل وجاءوا بمستقلين على مقاسهم أميين وشبه أميين ومن أنصارهم وبنو مجلساً كسيحاً ومشوهاً وعبر ذلك وصل المجلس على ما هي عليه اليوم من ضعف وانكسار

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…