رسالة من كوردي الى السيد رجب طيب أردوغان

جمال حمي
يبدو أن سيادتك قد نسيت بأننا في زمن العولمة والتقنيات والأنترنيت وعلوم الفضاء ، وأننا نعيش في القرن الحادي والعشرون وفي زمن الحريات والديموقراطيات وحقوق الإنسان ، ولسنا في زمن هولاكو وجنكيز خان وجدك الأكبر أورطغل باشا ، وأن لغة الحوار والنقاش والتعايش السلمي بين الشعوب هي ما تجعلنا شعوب متحضرة ، وليس لغة التهديد وقرع طبول الحرب واللجوء الى أسلوب التهديد وفرض الحصار وتجويع الناس .
سيادة الرئيس 
لو حاكمتك بموازين الإسلام الذي تظهره أنت للناس في نفسك ، لوجدتك منافقاً لا تختلف عن عبد الله بن سلول زعيم المنافقين في بداية ظهور الإسلام ، فالتلويح والتهديد بحصار الكورد المسلمين هو أسلوب المنافقين والكفار وليست من أخلاقيات ومبادئ الإسلام .
ولو حاكمتك بموازين القيم والأخلاق التي أجمعت عليها البشرية بمعزلٍ عن الأديان ، لوجدتك رجل بلا أخلاق وبلا مبادئ ، شأنك شأن الطاغية بشار الأسد الذي حاصر مدن ومناطق في سورية وقتل شعبها من الجوع
ولو حاكمتك بموازين الإنسانية وشرعة حقوق الإنسان وما أجمعت عليه البشرية من العهود والمواثيق الدولية التي تصون كرامة الإنسان ، لوجدتك مجرداً من الإنسانية ومن الضمير ، وأنت تهدد شعب كوردستان بالحصار والتجويع وتلوّح بالحرب وبتدمير كوردستان .
ولو حاكمتك بموازين الديموقراطية التي تزعم أنت بأنك تعمل بها ، لوجدتك بعيداً كل البعد عن روح وجوهر الديموقراطية ، لأنك تريد مصادرة حق الشعب الكوردي الذي مارس حقه الديموقراطي المشروع في تقرير مصيره ، وتريد فرض ديكتاتوريتك عليهم بالغصب والإكراه وتحت لغة التهديد والوعيد .
ولو حاكمتك بموازين العقل والمنطق والحق والعدل والمساواة ، لوجدتك رجلا يركب موجة الباطل بعدما فقدت كل حجةٍ ودليلٍ وعقلٍ ومنطقٍ في تقديم ما يبرر تهجمك على شعب بكامله لأنه أراد العيش بحرية وكرامة بعيداً عن الحروب الطائفية التي أحرقت الحرث وأهلكت النسل في المنطقة وأنت أحد أهم اللاعبين على أوتار الطائفية فيها .
سيادة الرئيس
يبدو أنك ركبت موجة الغرور والعنجهية بعد الإنتصارات والنجاحات التي حققتها في بلادك على المستوى الإقتصادي ، لذا يبدو أنك تتجه نحو تأليه نفسك ونحن قاب قوسين أو أدنى من سماع اعلان نفسك فرعون هذا العصر والدعوة الى عبادتك من دون الله ، فزعمك بأن الرئيس البارزاني لم يأخذ بإستشارتك في هذا الإستفتاء ، دليل على أنك تريد القول لنا ” أنا ربكم الأعلى فإياي فإعبدون ” !!
ان تهديد شعب كوردستان المسلم بمعظمه وتجويعهم ، ليس من أخلاقيات الإسلام ، ولا هي من أساليب الديموقراطية ، وليست من الأخلاقيات البشرية ، ولا هي من الإنسانية في شيئ ، فأنت قد خرجت اليوم على جميع القيم والمبادئ التي أجمعت عليها البشرية ، وركبت حمار الشيطان وتحولت الى طاغية وفرعون ، واعلم جيداً ، بأن الإنسانية هي آخر قلاعنا وحصوننا ، فإن سقطت سقطنا جميعنا ، واعلم جيداً ، أن من يفقد انسانيته ، يفقد كل صلاته بالكائن المسمّى انسان ، وينبغي له أن لا يكون متفائلا حينها ، ويعتقد بأنه سيصل الى مستوى الدواب والبهائم ، بل سيكون وقتها أقل منها بكثير .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تمعنوا، وفكروا بعمق، قبل صياغة دستور سوريا القادمة. فالشعب السوري، بكل مكوناته، لم يثر لينقلنا من دمار إلى آخر، ولا ليدور في حلقة مفرغة من الخيبات، بل ثار بحثًا عن عدالة مفقودة، وكرامة منهوبة، ودولة لجميع أبنائها، واليوم، وأنتم تقفون على مفترق مصيري، تُظهر الوقائع أنكم تسيرون في ذات الطريق الذي أوصل البلاد إلى الهاوية….

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…