يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لا اعلم ماذا حل ببعض الكورد بعد سماع قرار وزارة الخارجية الأمريكية الذي لم يكن في قائمة حسبان الكورد ،قرار لا يعترف بالإستفتاء بإعتباره قرار حزبي و نتائج مزورة و تصريح بعدم التنازل على وحدة العراق لما من علاقات تاريخية بين أمريكا و العراق ،كل هذه التصريحات اشعلت نيران غضب الكورد لكن لحظة تمهلوا قليلا و ناقشوا الأمر بذكاء علنا نفهم الأمر من جانب آخر لصالح كوردستان.
أولا يجب أن نعلم بأن امريكا دولة كسائر الدول و لها الحق بالإدلاء بموقفها الذي يمثل صوتا واحدا و ليس الأغلبية ،كما أن موقف وزارة الخارجية جاء متأخرا بينما كانت قرارات كهذه القضايا تأتي بيوم كأطول مدة على الأقل مما يجعلنا نشك في أن هذا الموقف يخفي لعبة سياسية جديدة ستلعب في الشرق الأوسط.
وزارة الخارجية لا تملك القرار النهائي بخصوص علاقة امريكا كدولة مع كوردستان ،لأن قرار الخارجية لا يمثل سوى ربع موقف من الموقف النهائي الأمريكي ،حيث أن امريكا تعتمد على أربع سلط هي مجلس الشيوخ و البانتگون و الخارجية و البيت الأبيض و كلها منفصلة على بعض و يتم تقرير الموقف النهائي حسب إجتماع بين الأربع ثم يتم التصريح به من البيت الأبيض و ليس الخارجية.
لو كان قرار امريكا كدولة رفض الإستفتاء لما هيأت الجو لذلك بإرسال طائرة خاصة رجال قانون و محامون إلى اربيل قبل اسبوع لدعم قرار الإستفتاء ،كما قامت بتأمين المنطقة إحتياطا من اي عدوان جوي على كوردستان ذلك لإفشال كل محاولات عرقلة الإستفتاء ،بعد الإستفتاء صرح اغلبية المسؤولين بتأييدهم للإستفتاء دون أي مشكلة تذكر.
موقف البيت الأبيض على لسان الرئيس “ترامب” و تصريحاته قبل و بعد الإستفتاء الداعمة لكوردستان كانت واضحة و شجاعة ،كما رفض الحصار و هدد كل من تركيا و إيران و العراق بأن أي تهديد بالحصار على كوردستان يعتبر تهديد لن يسمح به البيت الأبيض ،أتحدى أيا كان أن يعطيني قرار رئاسي أمريكي للبيت الابيض حاليا في حقبة “ترامب” قال كلاما عكس ما يطمح له شعب كوردستان ،إذن موقف البيت الأبيض واضح.
موقف البنتگون قوات الجيش الأمريكية نسقت مع القوات البيشمركة و هي اول داعمة لها في حربها مع داعش ،و قالها ترامب اكثر من مرة بأن امريكا ستدعم قوات إقليم كوردستان عسكريا ،و لحد الآن مازال الدعم مستمرا و لن يتوقف ابدا ،موقف البنتگون واضح ايضا.
موقف مجلس الشيوخ لا شك فيه مادام أن اللبي الصهيوني الأمريكي هو من يتحكم في زمام القرارات الساخنة ،كما أن موقف إسرائيل من إستقلال كوردستان واضح وضوح الشمس في يوم جميل كجمال يوم الإثنين 25/9/2017 ، كما تحدث مسؤول إسرائيلي في حفل دعم الإستفتاء بمدينة “كولن” الألمانية على أن اللبي الصهيوني في أمريكا و روسيا و أروبا يدعمون كوردستان ،سلطة مجلس الشيوخ اقوى من كل هذه السلط المذكورة.
قرار وزارة الخارجية الأمريكية فقط كلام شفوي بينما الأهم الذي تحتاجه كوردستان هو الدعم الملموس و العملي المثمتل في مجلس الشيوخ و البنتگون و البيت الأبيض ،علما أن البيت الأبيض لا يصرح إلا عندما يقرر مجلس الشيوخ و البنتگون ،يمكن تفسير قرار الخارجية الأمريكية بمثابة خطاب لتهدئة العلاقة الأمريكية العراقية لما تملك من مصالح إقتصادية فقط ،أما من حيث الواقع فإن امريكا تحارب العراق لأنها فقط قاعدة إيرانية لا غير ،لذى فعرقلة كوردستان هي بمثابة دريعة لتقوية العراق وهذا امر لن تفعله مطلقا لا أمريكا و لا روسيا و الإتحاد الأروبي و لا الخليج العربي السني.
كما أن قرار الخارجية الأمريكية جاء متأخرا و خصوصا بعد الزيارة الروسية التركية “بوتين” ل”أردوغان” ،مما يطرح سبب عدم إستدعاء رئيس إيران للإجتماع ،قراءة تعطينا بداية اخرى مطروحة في الساحة بمرحلة الإنشقاقات و التحالفات و اظن أن الروس و الترك بالإضافة إلى الأمريكان على علم بخطورة المد الشيعي في المنطقة في إتجاه الخليج العربي كأكبر مناطق النفود السنية الإقتصادية و العسكرية الأمريكية و الروسية ،علما بأن المد الشيعي المخطط لحصار الخليج فشل بشكل ذكي عن طريق أيادي البيشمركة الأبطال و هذا ما جعل الأنظمة السنية ذات الصلة بالسعودية تؤيد قرار الإستفتاء ،فقط هي بداية حصار إيران و كل الأنظمة الموالية لها.
السياسة الروسية و الأمريكية هي متفقة إلى درجة لا تختلف في شيء في حرب الشرق الأوسط كما انها لن تقف ابدا ضد كوردستان ،كما لا يعلم الكثير أنهما وجهان لعملة واحدة ،سياسات نفاقية كدليل على ذلك أنهما تتفقان سريا و تعلنان الحرب الكلامية علانية ،كبرهان ملموس على هذا أين كان الجيش الروسي عندما تدخل الجيش الأمريكي لإسقاط نظام “صدام” علما ان نظام البعث العراقي أنذاك كان حليفا قويا لروسيا ،كما انه أين كانت روسيا بعد تهجم حلف “الناتو” على نظام “معمر القذافي” علما ان هذا الأخير كان حليف الروس لمدة 30 سنة ،اين كان جيش الروس عندما غزت امريكا “الڤيتنام” لولا تدخل اليابان و الصين و كوريا ،أين كان جيش الروس عندما تدخلت امريكا في افغانستان علما أن الروس كانوا حلفائها ،هل رايتم يوما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا مواجهة بين الجيش الأمريكي و الروسي ؟؟ ،أين و أين و مازال الكثير يؤمن بصراعات النظام الإشتراكي و الرأسمالي كخدعة لا غير ،روسيا دولة رأسمالية تحت خطاب إشتراكي مزيف و امريكا دولة رأسمالية تحت خطاب ليبرالي واضح ،لذى لا تكذبوا على أنفسكم كثيرا ،و تاريخ الثورات الشيوعية لم تكن ابدا تحارب الأنظمة الإقتصادية سواء رأسمالية بل كانت ثورات حروب عرقية و دينية و مرجعيات ماسونية خفية. (أقسم أن هذه هي الحقيقة).
موقف الروس من الإستفتاء الكوردستاني كان بوجهين مقبولين و هكذا نطق “بوتين” امام “أردوغان” “نحن نحترم تطلعات الشعب الكوردي بخصوص الإستفتاء ،ونحن كذلك ندعم سيادة العراق لما لنا معها من علاقات تاريخية” ،ماذا فهمتم من هذا بأن روسيا التي كانت تحارب الكورد في البداية بدأت تكشف عن حقيقة نواياها بالتودد إلى الكورد بعد نهاية التحالف الإيراني و بداية تقسيم سوريا إلى مناطق نفود كما هو مخطط منذ بداية الثورة السورية و كما هو مدروس من “الكريملن” الروسي و “الكونكريس” الأمريكي بما هو محفوظ في وثائق “مخطط برنار لويس” الداهية اليهودية البريطانية.
تصريحات الخارجية الأمريكية فقط حقنة مسكن للنظام العراقي مما يجعله يسترجع بعض انفاس الثقة الأمريكية التي فقدها هذه المدة كلها و كذلك لا ننسى أن هذه التصريحات تخدم مصالح كوردستان لعدم التصعيد و إخماد البركان و التأهب و إفشال الحصار و الحظر الجوي المرتقب من طرف بغداد و الأنظمة الغاصبة الأربع ،علما ان هذا الموقف لن يفيد العراق في شيء فقط هي خطة لإفشال الأشكال التصعيدية الإيرانية العراقية من اجل إكمال نجاح قرار إستقلال كوردستان.
إن إسقاط نظام البعث الصدامي كانت من خطوات دعم إقليم كوردستان ،حيث كانت بادرة لم يفهمها احد سوى من كان عميقا جدا و اظن أن السيد “مسعود بارزاني” لمح لها بالقول دون تفسيرها “لقد تاخرنا كثيرا على إعلان إستقلال دولة كوردستان ،كان علينا إعلانها منذ 2003” ،و الآن يأتي كوردي جاهل بأبجديات الكوردياتية حاقد على كوردستان يشمت في الشعب الكوردي بأنهم فشلوا و لن يحققوا شيئا بعد قرار خارجية أمريكا و كأن امريكا هي من لديها القرار ،علما ان امريكا هي من ارغمت مجبرة بالتنسيق مع البيشمركة و الإقليم لما حققه هولاء الأبطال من بطولات بأسلحة بسيطة قبل تلقي دعم السلاح من امريكا تجاريا و ليس حبا أو شفقة.
الشعب الكوردي و حكومة إقليم كوردستان هي من تمتلك قرار الإستقلال و موقع الإقليم الإستراتيجي و الجغرافي و ثرواته النفطية ستجعل كل القوى العظمى الإقتصادية تلهث ورائها حتى و إن ذهبت امريكا إلى الجحيم ،لذى فإستقلال كوردستان مسألة وقت و لن يستطيع أحد وقفه مهما كان ،مادام أن الشعب الكوردي و القيادة متمسكة بالقرار زيادة على حلفاء ذوي وزن و ثقل في الساحة السياسية العالمية الأمريكي و الروسي و البريطاني و الفرنسي…الخليج العربي الثري السني.
أيها الشعب الكوردي لما أنتم خائفون و كأنكم لستم احفاد الملا “مصطفى البارزاني” ،تخافون رغم انكم تذوقتم كل شيء مر في الحياة فماذا تخشون رغم كل ما تجرعتم من آفات؟؟ ،كونوا اقوياء فلن يستطيع أحد ان يرتكب مجددا فيكم ما إرتكبته “سايكس بيكو” سابقا ،مادمتم تمتلكون الإرادة و الإصرار و جيش البيشمركة البطل و الزعيم الثائر “مسعود بارزاني” فلا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون.