الجيران وتطبيع الخلاف مع كوردستان

الان حمو / السويد
سوف لن تجد أحد من مثقفين العالم بقاراتها الخمس لا يعطيك نبذة عن تاريخ القضية الكوردية, والكثير من الشرح للتعريف بالشعب الكوردي. وببحث غير متعب, ستجد مشكلة الكورد في الدول التي تتقاسم كوردستان هي القاعدة الأساس التي تبني عليها الدول سياساتها وتجاذباتها الدولية والاقليمية. يوضع الكوردي دائما في موقع يكون بمقدوره حل كل الخلافات في المنطقة على حساب قضيته, فللكوردي امكانيات هائلة بالقضاء على الخلاف المذهبي , القومي , الايديولوجي , الحدودي (الجغرافي) بين الدول بلمح البصر. دلالة هذا الشيء فقط هي أن القضية الكوردية محورية في الشرق الاوسط, ومفصلية من حيث اعتماد السياسات ولذلك العين المراقبة والساهرة لها لا ترف. وإذا أردت أن تحصل على معلومات دقيقة أكثر عن الكورد, لا تسأل الكوردي, بل اسأل عدوه. فدرايتهم (الأعداء) بالكورد تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً أوسع من مدارك الكوردي نفسه. واكبر إشارة لما ذكرت قول الكوردي في مطلع نشيده الوطني  (هي رقيب هر) اذهب أيها العدو المراقب.
منذ بداية القرن العشرين تدرج الكورد في المعترك السياسي الاقليمي, بدايةً من الكفاح المسلح التقليدي (ثورات في جباله بين كر وفر) مروراً بعلاقات دولية قاصرة تارةً ومرحلية تارة أخرى, ومعاناة من عدم وجود قاعدة سياسية ايديولوجية تحمي القضية على الطاولة الدولية, وصولاً إلى منتصف القرن العشرين وبالتحديد عام 1946 (تأسيس الحزب الديموقراطي الكوردستاني في ايران) ومزاولة الكورد الحياة والادبيات السياسية بمفهومها الحديث, أيضاً مع استيعاب الكثير من التطورات الحاصلة في السياسة الدولية (الحرب العالمية الأولى والثانية). وكما ذكرنا سالفاً لم تكن الدول المسيطرة على كوردستان غافلة عن هذا التطور الحاصل للكوردي في مسعاه السياسي, والتي كانت تأخذ على عاتقها (الدول) وضع العصا في عجلة التطور كل ما سنحت لها الفرصة.
وبالحديث عن هذه المرحلة التي تعرف دولياً بمرحلة قيام الدولة الكوردية أو مرحلة الاستفتاء على استقلال كوردستان دون الابتعاد عن سياقه التاريخي, ستجد بأن لسان حال مثقفي الشعوب المجاورة المناهضين منهم قبل المؤيدين يقول: دولة كوردستان قادمة عاجلاً أم أجلاً. وهذا إن دل يدل على المكنون المعرفي بالقضية الكوردية ومراحل نضوجها وصولاً إلى النتائج (الدولة). ومع هذا تجد الكثير من الجعجعة والتحركات العسكرية على حدود الدولة القادمة مع كم كبير من التصريحات غير الاخلاقية والمناقضة للصفات التي كانت تستتر بها الشخصيات المسؤولة (اردوغان انموذجاً). وكل التصرفات العدائية التي تستمر حتى اللحظة ليست للحد من المد الفكري الكوردي عن الدولة بقدر ما هو ايجاد وتسويغ فكرة أو ذهنية سلبية عن الدولة الكوردية المرتقبة, فالصيغة الجارية إحداثها وتأسيسها في هذه المرحلة هي دونية الكوردي ودولته, وتكريساً لثقافة المشاكل والنعرات والقلاقل وما إلى ذلك من مرادفات وتعابير سلبية لاحقة بنشوء الدولة. وخير دليل على هذه الثقافة هو ربط كوردستان (وباسلوب مبالغ) بدولة اسرائيل وهو ليس إلا تقبيحاً للدولة القادمة والطعن بأخلاقها (حسب مفهومهم طبعاً) تحضيرا قبل وجودها. وبذلك يكون ايذاناً لمرحلة جديدة من الفوقية التي تمارس ضد الكورد ولكن بأسلوب أخر.    
ما لا شك فيه, هي أن القيادة الكوردية على دراية تامة بهذه الاساليب المنتهجة من قبل الدول المجاورة تجاه كوردستان. واستشهد هنا بالعبارة التي ألقاها الرئيس مسعود برزاني في الاحتفالات التحضيرية للاستفتاء وكانت في هولير (اربيل) عندما قال: سوف لن أقدم على فعل يخجل منه شعبي. فالمقولة مرتبطة بكبرياء وكرامة الكوردي أكثر منها ارتباطاً بتأسيس دولة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…