وليد المعلم يعطي الكُرد حقوقهم وصالح مسلم يدافع عن كُردستان

حسين جلبي 
الكُرد شعب طيب، والطيبة عملة نادرة أو غير مقبولة في هذه الأيام، لا تجد لنفسها بنكاً يقبل بصرفها في عالم المصالح، ولذلك لا يجد أصحابها لأنفسهم مكاناً حتى في ذيل الترتيب العالمي، حيث لا دولة ولا أي كيان مستقل. لكن الكُرد بدؤوا أخيراً بادراك هذه الحقيقة المرة، وأخذوا يبحثون لأنفسهم عن موقع على الخارطة العالمية المكتظة بالألغام، وكان استفتاء الاستقلال في إقليم كُردستان الخطوة الأولى على هذا الطريق الطويل الشائك.
ومن مظاهر طيبة الكُردي، انخداعه بالشعارات البراقة الكبيرة، مهما كان الشخص الذي يصدر عنه الشعار، ومهما كان شكل الجهة التي ترفعه، إذ كلما كان الشعار براقاً وكبيراً كلما أبهره أكثر، وحرق ذاكرته، فيتناوله خارج سياقاته التاريخية، ويجعل منه صك براءة لصاحبه، إلى أن يقع في الحفرة مرة أُخرى.
بعد الإعلان عن الاستفتاء على استقلال كُردستان، والذي نفذ في يوم الخامس والعشرين من سبتمبر الحالي، وحاز على قبول الأغلبية المطلقة من المصوتين حسب نتائجه الرسمية، صدر تصريحين لافتين، أولهما من وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، قال فيه بإن ” إدارة ذاتية للكُرد في سوريا أمر قابل للتفاوض”، تلاه صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي بالقول “سندافع عن إقليم كوردستان إذا تعرض لهجوم”.
وإذا صح القول في تصريح المعلم، بأنه ليس سوى كلام فارغ، لا يخرج عن سياق الرسائل التي لا يكف نظام الأسد عن إرسالها إلى تركيا، لخطب ودها تحت طائلة التهديد بورقة حزب الاتحاد الديمقراطي، مغلفة بإمكانية منح الكُرد بعض الحقوق للتأثير على وضع تركيا، فإن الأمر ذاته ينطبق بحذافيره على كلام صالح مسلم، الذي يستعمل نظام الأسد حزبه صندوق بريد عادةً، مع زيادة الشحنة في هذه المرة، من خلال القول بأنه ـ أي النظام ـ ليس مستعداً لمنح الكُرد بعض الحقوق فحسب، وهو أمر غير صحيح على الاطلاق، بل هو في وارد دعم سعي كُردستان إلى الاستقلال من خلال حزب صالح مسلم، إذا لم تستجب الحكومة التركية لرسائله ـ أي رسائل النظام ـ وتقوم بضمه علناً إلى الحلف الثلاثي، العراقي ـ الإيراني ـ التركي، مع ما يتبعه ذلك من تخلي نهائي من تركيا عن مواقفها السابقة تجاه النظام السوري، الذي يعتبر حقيقةً دينمو العداء للكُرد وحقوقهم القومية، والخبير في محاربتهم، حتى دون أن يترك بصماته على مسرح الجريمة. إضافة إلى ذلك، ينبغي عدم نسيان جانب الخطورة في تصريح صالح مسلم، بإعتباره يمنح ذريعة أُخرى للأتراك للإعتداء على أراضي كُردستان، مثلما هو شأنهم في استغلال وجود حزب العمال الكُردستاني، للإعتداء يومياً على أراضي الإقليم. 
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي تغير حقاً في حزب الاتحاد الديمقراطي، أو ما الذي غيره حتى يقرر هكذا فجأةً  ركوب الموجة القومية والدفاع عن كُردستان؟ الجواب بكل بساطة هو: لا شئ طبعاً. فالحزب الذي يقول بأنه لا يؤمن بالدولة القومية الكُردية، ويسعى مع حزب العمال الكُردستاني إلى منع ولادتها، والوقوف في وجه تقسيم الدول القائمة في المنطقة كما يقول، ومحاربة الرموز القومية الكُردية بما فيها علم كُردستان، هو نفسه الذي يشاكس منذ ست سنوات، وبدعمٍ من نظام الأسد إقليم كُردستان، وهو لم يترك إساءة إلا ووجهها للإقليم الكُردي، ولم يترك مناسبةً إلا وحاول إستغلالها للإعتداء على أراضيه وسيادته واضعافه، من ذلك بالتعاون مع الحشد الشعبي الشيعي وسواه، في الوقت الذي يقف فيه، من يفترض أنهم أعداء الكُرد من عراقيين، إيرانيين وأتراك متفرجين، مطمئنين إلى تفنن جماعة مسلم في إختراع العداوات ضد الكُرد وكُردستان.
من جهة أُخرى، كيف يمكن لصالح مسلم أن يقنع كُردياً واحداً، بأنه سيعمل على دعم كُردستان في حال تعرضها لعدوان، وقد كان حزبه، ولا يزال رأس حربة النظام السوري في العدوان على الكُرد السوريين وقضيتهم، إذ أن فاتورة الحزب الثقيلة، تضم قائمة طويلة من الانتهاكات التي يستحيل جبرها، فهناك مليون مهجر كُردي، وخمسة مجازر جماعية، ومئات الضحايا الكُرد الذين سقطوا برصاص الحزب وبآلته التعذيبية، ومئات المختطفين الذين لا يزال العشرات منهم في المعتقلات التي يديرها الحزب لمصلحة النظام، وهناك آلاف الشبان والفتيات الكُرد الذي قتلوا على أسوار منبج والرقة ودير الزور وغيرها في معارك لا لزوم لها، بعد إدخال الحزب الكُرد في اجندات إقليمية ودولية كبيرة ابتلعتهم، هذا بالإضافة إلى تدمير التعليم بعد إغلاق المدارس، وتفقير وتحطيم المجتمع الكُردي لأسبابٍ منها الحرب على فئة الشباب، وزرع الشقاق والعداوات حتى بين أفراد الأُسرة الواحدة، وغير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…