زاكروس عثمان
لنساير الخطاب العربي – الإسلامي الذي يعتبر بناء دولة كوردستانية بمثابة إسرائيل ثانية، حسنا إذا كان نضال الكورد من اجل حقهم المشروع في تقرير مصيرهم مجرد مؤامرة علينا السؤال عن الجهات التي تقف وراء هذه المؤامرة هل هي الإمبريالية والصهيونية العالمية أم العرب والمسلمون أنفسهم من صنعوها، ولعلنا نعرف المتآمرين الحقيقيين لو أجرينا مقارنة بين موقف إسرائيل من الفلسطينيين وقضيتهم وبين موقف الدول الغاصبة لكوردستان وهي تركيا والعراق وسوريا وإيران من الكورد وقضيتهم.
– من حيث الاعتراف المسألتين:
إسرائيل منذ قيامها اعترفت بالقضية الفلسطينية من خلال إبداء استعدادها للتفاوض على مشاريع حلول بما فيها حل الدولتين ولكن العرب والمسلمين رفضوا الحل وتمسكوا بخيار إلقاء الإسرائيليين في البحر، فلو اعتبرنا فلسطين قضية شعب وأرض علينا عدم الكيل بمكيالين والنظر إلى المسألة الكوردستانية بنفس النظرة والسهر على تحقيق حق الكورد بمقدار حرصنا على الحق الفلسطيني، فهل اعترفت الدول المسيطرة على كوردستان بوجود قضية كوردية لديها وهل قدمت مشاريع حلول لها أسوة بإسرائيل التي اعترفت بالقضية الفلسطينية لا بل هذه الدول أنكرت ليس المسألة الكوردستانية فحسب بل أنكرت كذلك وجود الشعب الكوردي ايضا، ما يعني أن تعاطي إسرائيل مع الفلسطينيين افضل بكثير من تعاطي العرب والترك والايرانيين مع الكورد، بدليل أن إسرائيل دخلت محادثات سلام وقبلت بقيام سلطة فلسطينية، فيما مشروع الحل الوحيد للمسألة الكوردستانية لدى دمشق وطهران وأنقرة وبغداد هو التعاون فيما بينها على تصفية الأمة الكوردية.
– من حيث عمليات القتل والتدمير التي تعرض لها الشعبان:
يدعي العرب وقوع مذابح بحق الفلسطينيين على يد الإسرائيليين ولكن إسرائيل طوال تاريخها لم تلجأ إلى تطبيق سياسة التطهير العرقي للفلسطينين ولم تنفذ عمليات هجوم ضدهم باستخدام أسلحة الإبادة الشاملة المحرمة دوليا، فيما ارتكب الأتراك والعراقيين والايرانيين مذابح جماعية ضد الكورد وصلت حد استخدام الأسلحة الكيماوية وفي الوقت الذي يسارع فيه العرب والمسلمون إلى عقد مؤتمرات طارئة لتدارس أسباب قتل نملة فلسطينية فإنهم يلتزمون الصمت إزاء تدمير المدن والقرى الكوردية فوق رؤوس ساكنيها على يد حكام تركيا وإيران هذا إن لم يبارك الكثير منهم عمليات القتل والتدمير هذه، ويمكن القول أن نصيب الفلسطيني من المذابح والتدمير على يد الإسرائيلي لا يساوي شيء من عمليات القتل والتدمير التي يتعرض لها الكورد على يد حكومات الدول الغاصبة لكوردستان.
– من حيث سقف مطالب الكورد والفلسطينيين:
يطالب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير وبناء دولة مستقلة ويسانده في ذلك العرب والمسلمون أما الكوردي حتى الأمس القريب اكتفى بمطلب رفع سياسة الاضطهاد عنه ولكن جل العرب والمسلمين اعتبروه خائنا انفصاليا مع ان سقف مطالبه دون سقف المطالب الفلسطينية.
– من حيث موقف الدول الغاصبة لكوردستان من اللغة الكوردية و موقف إسرائيل من اللغة العربية :
إسرائيل لم تحظر اللغة العربية لغة الشعب الفلسطيني وهي متداولة في الشارع وفي المؤسسات التعليمية ومختلف وسائل الإعلام والمطبوعات بما في ذلك عدم حظر العربية داخل المؤسسات الإسرائيلية لم يحدث أن إسرائيل عاقبت فلسطينيا لأنه تحدث بالعربية أما الدول المسيطرة على كوردستان فأنها تشن حرب شعواء على اللغة الكوردية من خلال حظرها قانونيا وإعتبارها لغة أجنبية وتجريم من ينطق بها في الدوائر الرسمية وبالتالي منع تداولها في التعليم والإعلام والمطبوعات.
– من حيث عمليات الصهر القومي التي يتعرض لها الفلسطينيين والكورد:
لم يحدث لإسرائيل إن اتبعت سياسة الصهر القومي أو حرب خاصة بغية تهويد الفلسطينيين وتذويبهم في البوتقة اليهودية بفرض اللغة العبرية عليهم وحرمانهم من تسمية أطفالهم بأسماء عربية وإجبارهم على تسميتهم بأسماء عبرية أو ممارسة شتى الضغوط عليهم للتخلي عن هويتهم العربية والإنحلال في الهوية الإسرائيلية بينما الأتراك والعرب والفرس يطبقون ابشع سياسة صهر قومي ممنهجة على أبناء الشعب الكوردي بغية صهرهم في القومية الفارسية أو التركية أو العربية لدرجة عدم قبول تسجيل الولادات الكوردية بأسماء كوردية في الدوائر المختصة وفرض اللغة العربية والتركية والفارسية عليهم وتغيير أسماء المدن والقرى والمواقع الطبيعية والاثرية في كوردستان وإطلاق أسماء عربية أو تركية عليها.
– من حيث تعامل إسرائيل مع التنظيمات الفلسطينية وتعامل العراق وسوريا وتركيا وإيران مع حركة التحرر الكوردستاني:
بالنسبة للتنظيمات الفلسطينية المسلحة التي تشن هجمات على إسرائيل فإن تل أبيب تلاحق هذه التنظيمات وتكافحها ولكن بالمقابل فان إسرائيل تعطي حرية كاملة للأحزاب الفلسطينية التي تنبذ العنف وهناك بعض منها تشارك في الانتخابات الإسرائيلية وتحتل مقاعد في الكنيست الإسرائيلي، في حين تحظر تركيا وسوريا وإيران حتى اليوم التنظيمات السياسية الكوردية بما فيها الأحزاب التي تنتهج النضال السياسي السلمي، وليس هناك تنظيم سياسي كوردي معترف به من قبل الدولة على أنه يمثل الكورد رسميا، في تركيا إن وجدت أحزاب كوردية في الساحة فإن الدولة تعتبرها أحزاب تركية ومع ذلك تمارس بحقها مختلف أشكال القمع والملاحقة من قرارات جائرة تشمل حل هذه الأحزاب وزج قادتها في المعتقلات وكذلك اعتقال النواب الكورد في البرلمان التركي الذين سمحت لهم الحكومة التركية بخوض الانتخابات ونيل مقاعد في البرلمان بصفتهم أعضاء في حزب تركي وليس بصفتهم ممثلين للشعب الكوردي رغم أن هذه الأحزاب تنتهج الحل السلمي ولا يتجاوز سقف مطالبها نيل حقوق المواطنة في الدولة، وفي سوريا رغم الأزمة التي تعصف بها فما زالت السلطة الحاكمة فيها تنتهج نفس السياسة الشوفينية – العنصرية بحق القومية الكوردية تظهر في الامتناع عن الاعتراف الدستوري بالقومية الكوردية وحركته السياسية التي تتبع منذ بداياتها النضال السلمي- الديمقراطي وليس هناك حزب كوردي واحد في سوريا تعترف به الدولة على انه يمثل الكورد، بغض النظر عن تصريحات مسؤولي النظام التي يشيرون فيها الى الكورد بحذر وخجل فالغرض من هذه التصريحات هو ليس طرح مشروع حل للمسألة الكوردية بل تخدير الكورد وتجنب الدخول في صراع مسلح معهم ريثما يخرج النظام من ازمته الخانقة، ولا يختلف موقف المعارضات السورية من القضية الكوردية عن موقف النظام إن لم يكن موقفها اسوأ من موقف الحكومة، ونفس الأمر يجري في أيران حيث كافة الأحزاب الكوردية محظورة هناك وتقوم السلطات الأيرانية بعمليات اغتيال الزعماء الكورد داخل وخارج البلاد وملاحقة الناشطين الكورد وإعدام العشرات منهم سنويا، وما حققه الكورد من منجزات في كوردستان الجنوب- العراق لم يكن نتيجة تبدل إيجابي في سياسة بغداد تجاه المسألة الكوردستانية بل نتيجة نضال قرن كامل للحركة الكوردية وكذلك نتيجة المتغيرات التي جرت وتجري في الشرق الأوسط، ولن نبالغ إذا قلنا إن معاملة إسرائيل للحركات الفلسطينية أفضل بكثير من معاملة دمشق و بغداد وأنقرة وطهران للحركات الكوردية، وهنا نسأل العرب والمسلمين لماذا تعترفون بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بالمقابل تمتنعون بإجماع منقطع النظير عن الاعتراف بممثل للشعب الكوردي، هل الفلسطيني شعب والكوردي نكرة.
– من حيث معاناة الفلسطيني و الكوردي من سياسات التمييز:
ربما تطبق إسرائيل سياسات تمييزية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المجال الاقتصادي والاجتماعي والإداري ولكنها تترك للفلسطينيين مجالا يساعدهم على تدبر أسباب عيشهم وتسيير شؤون حياتهم اليومية حيث يدخل الإلوف من العمالة الفلسطينية يوميا إلى سوق العمل الإسرائيلية ومن أراد منهم وظيفة مدنية أو أمنية أو عسكرية فالطريق أمامه مفتوح، كما أن إسرائيل سمحت للفلسطينيين بأن يكون لهم اقتصادهم الخاص والذي ما كان له فرصة بالبقاء لولا اعتماده على الإقتصاد الإسرائيلي واستفادته من البنى التحتية التي أوجدتها إسرائيل ولولا التسهيلات الإسرائيلية لاختنقت الزراعة الفلسطينية التي تعتبر المورد الأساسي لغالبية السكان، اما سياسة الدول الغاصبة لكوردستان فإنها تقوم على أساس التمييز بين العرب والترك والفرس كمواطنين درجة اولى وبين الكورد كمواطنين درجة ثانية أو كأغراب لا حقوق لهم سوى السماح لهم بالسكن في الدولة لدوافع إنسانية؟ الدولة السورية نزعت الجنسية عن ألوف الكورد ومنحتهم صفة أجانب وصادرت آلاف الهكتارات من الأراضي من أصحابها الكورد ومنحتها للمكون العربي الذي تم جلبه من محافظات سورية أخرى بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية في كوردستان الغربية – سوريا وحدث الشيء ذاته في عموم كوردستان على يد الحكومات العراقية والتركية والإيرانية، حيث تضع هذه الدول مختلف العراقيل والعقبات أمام الكوردي لمنعه عن تحصيل قوت يومه و الحيلولة دون ظهور اقتصاد كوردي ومع ثراء كوردستان بالموارد الاستراتيجية فإن سواد الكورد يعيشون بفقر مدقع حيث خططت حكومات هذه الدول أن تكون المناطق الكوردية الأكثر تخلفا في الدولة حيث تذهب عائدات البترول والغاز والمحاصيل الزراعية في المناطق الكوردية لتنمية مناطق أخرى في الدولة مع حرمان كوردستان من التنمية ومن البنى التحتية والتي بدونها لا يمكن أن يزدهر اقتصادها المحلي، وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة العاطلين عن العمل بين الكورد خاصة أن باب توظيفهم في المؤسسات الحكومية شبه مغلق الأفضلية تكون للعربي أو التركي أو الفارسي، ولهذا فإن الكوردي يحسد الفلسطيني على النعم التي تغدق عليه إسرائيل، فالقطاع الصحي والتعليم والخدمات افضل حالا مما هو عليه لدى الكورد، والقضاء الإسرائيلي بالنسبة للفلسطيني مغفرة ورحمة لو قورن بالقضاء التركي او السوري او الايراني او العراقي بالنسبة للكوردي.
لقد عانى الكوردي وما زال يعاني من سياسة البطش والتنكيل والإنكار والحرمان والقتل والتدمير على يد الدول المسيطرة على كوردستان أضعاف ما يعانيه الفلسطيني على يد إسرائيل، كل هذا دفع الكورد الى قناعة مفادها أن التخلص من سياسة الاضطهاد القومي لا يمكن أن يتم ما لم يتحرروا من سيطرة هذه الدول، وإذا فكر الكوردي بحقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة فإن سياسة الدولة التركية والسورية والعراقية والإيرانية ومن خلفها إنكار العرب والمسلمين للقضية الكوردستانية هي التي اوصلت الكورد إلى هذه القناعة بعبارة اخرى هذه الدول هي التي تآمرت على نفسها حين عاملت الكورد بالحديد والنار ولم تترك لهم سوى خيار المقاومة ومن ثم السعي إلى الاستقلال كطريق وحيد للتخلص من الظلم والإجحاف، وحين يقرر الكوردي السير في طريق منفصل فلا يحق للعرب والمسلمين محاسبته كونه لم يجد دولة من دولهم أو منبر من منابرهم يناصر قضية الكورد العادلة بل على العكس تماما وقفت دول العرب والمسلمين دائما الى جانب الدول التي تستعبد الكورد كما يحدث اليوم إذ تفتحت قريحة الجميع على توصيف الكوردي بإسرائيل عوضا عن التفكير برفع المظالم عنه، هذه المواقف وحدها تكفي لدفع الكوردي الى تقرير مصيره بعيدا عن العرب والمسلمين، انه لشيء مضحك ان العرب والمسلمين لا يتعلمون من إسرائيل التي كسبت ود ملايين الكورد بمدة وجيزة حين اعلنت دعمها للكورد بينما المواقف العربية والاسلامية اوصلت الامور بينها وبين الكورد الى حد القطيعة.
اليوم يقولون: ان كوردستان إسرائيل ثانية وعليهم أن يحاسبوا أنفسهم أشد حساب لان سياستهم العدوانية هي التي أوجدت إسرائيل الثانية، ولو أن العرب والمسلمون عاملوا الكورد معاملة إسرائيل للفلسطينيين ما كان الكوردي يرفع سقف مطالبه إلى دولة مستقلة.
وحين يجد الكوردي من جديد تكالب عربي – إسلامي منقطع النظير بالضد من مطالبه المشروعة فمن حقه اتخاذ أي إجراء وبناء علاقات مع القوى التي تبدي دعمها له، إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم من تعلن رسميا وصراحة دعمها التام للكورد ولسوف تكون حماقة كبيرة وقاتلة من الكوردي ما لم يقرر أن يكون إسرائيل ثانية، واذا احتج عربي او مسلم على انفتاح الكورد على اسرائيل نقول له: حسنا هات دولة عربية أو إسلامية تعلن رسميا دعمها لمطالب الكورد وتعترف بحقهم في تقرير المصير حينها يمكن الحديث عن مراجعة العلاقة بين إسرائيل والكورد، شيء سخيف أن يسمي الأتراك والعرب كوردستان بإسرائيل الثانية بينما سفارات ومكاتب إسرائيل موجودة في أنقرة والقاهرة وعمان وعلم اسرائيل مرفوع في معظم عواصمهم، فلماذا يطلبون من الكوردي ان يكون عربيا اكثر من العرب فيما العرب لم يقدموا للكوردي سوى الكوارث .
ولكن على اي اساس يعتبر العرب والمسلمون أن كوردستان إسرائيل ثانية هل احتل الكورد اراض عربية او تركية او ايرانية هل اعتدى الكورد على شعب من شعوب المنطقة، الواقع يقول العكس فالأتراك والفرس والعرب هم من يحتلون كوردستان ويعتدون على شعبها، هم يدعون بأن الشعب الإسرائيلي جاء من الشتات و استوطن أرض فلسطين نتيجة مؤامرة استعمارية ولكن الحقيقة أن إسرائيل قامت على أرضها التاريخية وهي بعث وامتداد للدولة اليهودية القديمة التي تسبق ظهور الفلسطيني بالمنطقة آلاف السنين، لا بأس لنأخذ برواية العرب والمسلمين الكاذبة ونقول: أن إسرائيل شعب شتات أقام دولة إحتلال على أراض فلسطينية طيب أين هو وجه الشبه بين إسرائيل وكوردستان، هل الأمة الكوردية ايضا شعب شتات تسلل من اوروبا وامريكا وافريقيا ويحتل اراض عربية وتركية وايرانية المنطق لا يستقيم مع هذه الدعاوى الجوفاء لسبب بسيط هو ان الكوردي لم يتسنى له بناء دولة كونه وقع تحت سيطرة دول أخرى ما يعني أن الآخرين هم من تسللوا الى بلاد الكورد واحتلوها وليس العكس ولو حظي الكوردي بدعم الاستعمار البريطاني- الفرنسي أو نجا من مؤامرات الدولتين لكان أقام إمبراطورية وليس دولة فحسب، من جهة ثانية الوجود الكوردي في كوردستان والشرق الأوسط قديم قدم المنطقة فيما لم يسجل للعرب حضور في شمال سوريا وشمال العراق وكوردستان الا في العصور المتأخرة وتحديدا اثناء موجة الاستعمار العربي الاسلامي التي انطلقت من صحراء الجزيرة العربية واحتلت بلاد كثيرة من ضمنها كوردستان، اما الأتراك فقد كانوا آخر عنصر يدخلون المنطقة متأخرين جدا قادمين من آسيا الوسطى حيث تسنى لهم احتلال كوردستان وارمينيا والبلقان والبلاد التي تسمى حاليا بالبلاد العربية، هذا ما توثقه امهات كتب التاريخ الاسلامي وهي مصادر عربية وفارسية وتركية وليست كوردية حتى نقول: انها موضوعة او منحازة للكورد، تبعا لهذه المصادر فان العناصر الغريبة التي تسللت الى كوردستان وجوارها هم العرب والترك، فاذا اخذنا بنظرية الحق التاريخي في امتلاك الاوطان نجد الكوردي قد خلق على ارضه وهو الاحق بها وعلى العرب والترك الانسحاب منها ومن بلدان كثيرة غيرها، فمن هم اسرائيل الثانية الكورد المقيمين على ارضهم التاريخية ام المستوطنين العرب والترك.
أقول ذلك مع إدراكي أن المسائل المتعلقة بالأوطان وبناء الدول لا تعالج طبقا لنظرية الحق التاريخي، إذ أن عوامل كثيرة دفعت ببعض الشعوب إلى الهجرة بعيدا عن وطنها الأم والاستقرار في بلاد جديدة ومع مرور الزمن باتت البلاد الجديدة موطنا لهؤلاء المهاجرين الذين توالدوا اجيال واجيال على أرضه ولم تعرف هذه الأجيال غيره موطنا وبات من الصعب إعادتهم إلى الوطن الأم لاجدادهم، وإلا وجب إعادة الأوروبيين من قارة أمريكا وأوقيانوسيا وجنوب افريقيا الى ارض اجدادهم في القارة الأوروبية التي هاجروا منها منذ قرون وأسسوا دول لهم في الوطن الجديد، بل الذي حدث أن الوافدون الجدد توصلوا إلى تفاهمات مع سكان البلاد الأصليين بأن تكون الدولة للجميع على حد سواء، فيما الذين احتلوا كوردستان طبقوا سياسة ترمي إلى محو هوية سكانها الأصليين وهم الكورد بل المضحك أن هؤلاء المستوطنين الجدد أخذوا يدعون بان الارض ارضهم وان الكورد تسللوا إليها ويجب طردهم منها، ولا عجب في ذلك فما زال بعض العرب يبكون على جنوب إسبانيا “الأندلس” السليبة فيما الأتراك يظنون أن النمسا جزء اصيل من وطنهم الطوراني، أما الكوردي وهو أكثر واقعية من الترك والفرس والعرب فلا ينكر هوية الشعوب الأخرى ولا يطالب بطرد العرب والترك والفرس من كوردستان بحجة أنهم متسللين بل يطالب بحقوقه كما لغيره من الشعوب حقوق تقرها الشرعية الدولية، ولأن الكوردي يطالب بهذه الحقوق فهو بنظرهم اسرائيل الثانية، فمن يا ترى اسرائيل ثانية العرب والترك والفرس ام الكورد، انا على يقين لو ان اسرائيل هي التي تسيطر على كوردستان لكانت قد انصفت الكورد بحل عادل يرضي الطرفين ولكن لسؤ حظ الكورد ان القضية الكوردستانية ليست لدى اسرائيل.