يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لا يختلف الرأي العام عن مدى رغبة الشعب الكوردي في الإستقلال من أنظمة الإحتلال، كما ان الأغلبية الكوردية متشبتة بإجراء الإستفتاء في موعده المحدد، الموقف الذي تحمس له جميع الكورد في كل الأجزاء الكوردستانية المحتلة من طرف الانظمة الإرهابية الغاصبة.
أغلبية الكورد يتساءلون عن ما إذا قدمت حكومة بغداد بديلا عن الإستفتاء، مما أثار حفيظة الكورد بعدم رغبتهم في البديل مهما كان نوعه نتيجة المأسات والسياسات الإجرامية التي نالت من أجساد الشعب الكوردي، الأمر الذي لم يترك في نفسية الإنسان الكوردي أي نقطة ثقة في الوعود والإستمرار مع بغداد.
كنت متأكدا بشهر بأن الإستفتاء لن يتأجل وذلك لأسباب عدة ،من بينها ظهور الحقيقة والأهداف المرسومة من خلال الثورة السورية المتجلية في عدم رغبة إسقاط النظام السوري بل فقط لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة أو مناطق تحت وصاية (النظام، روسيا، أمريكا، إيران، تركيا) ،الشيء الذي وضحه المسؤولون الروس في أكثر من مناسبة، كما أن مخطط “برنار لويس” الذي أصبح من الأوراق التي أجمع عليها الكونكريس الأمريكي والروسي والإتحاد الأروبي الهادف لتقسيم الشرق الأوسط (الأنظمة العربية) لإنهاء المد العربي الإسلامي لوقف زحف الإرهاب على بوابة تركيا لعدم ولوجه أروبا، بمثابة نفس مخلفات سياسات “سايكس بيكو” التي تعتبر إمتداد لمخطط “برنارد لويس” فقط الفرق يكمن في أن الأولى كانت مطبقة على كوردستان والشعب الكوردي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، والثانية تخطط لسياسة شمولية مستقبلية على كل الأنظمة العربية الإسلامية في الشرق الأوسط والمغرب الكبير (بلدان شمال إفريقيا) والخليج العربي.
المقاومة الكوردية كانت أيضا مستهدفة في الحرب، لكن كانت تعي ذلك جيدا فلم تترك المجال مرة أخرى للقوى الغاصبة ،مستفيدة من التجارب التاريخية الماضية، مما أدى بقوات البيشمركة إلى حماية حدود الإقليم الكوردستاني والمشي قدما نحو الأمام لتحرير ما أمكن من أراضي كوردستان علما منهم أنها فرصة لا تعوض أبدا إن لم تستغل، البعض يقول بأن الثورة في سوريا وأنا أناقش في العراق، أجيبه بإن كانت الثورة في سوريا فبماذا تفسر حرب الأنظمة الغاصبة الممتدة إلى إقليم كوردستان المحتل من العراق ؟؟، المشكلة الحقيقية في النقاش الكوردي هو أن البعض لم يصل بعد إلى فهم لب سياسة الأنظمة الغاصبة على المكون الكوردي كيفما كان نوعه حتى الكورد الموالون لها.
الفرق بين فرعي القضية الكوردستانية في سوريا والعراق هو أن المقاومة الكوردية في سوريا لم تلقى رجالا أو بالأحرى وكلت لأشباه رجال ليسوا على قد المسؤولية عكس هو حال المقاومة الكوردية في العراق بقيادة “مسعود بارزاني”، الكورد السوريون مخذلون من طرف التيارات الكوردية (أحزاب وحركات منظمات….) التي باعت أرواحهم وخانت قضيتهم للنظام وللغاصبين أجمع. (معذرة على قسوة الحقيقة ايها الكورد الشرفاء).
عدم إعادة “سايكس بيكو” جديدة في إقليم كوردستان في العراق فقط هي صحوة ذكاء من طرف حكومة الإقليم التي كانت تحت علم بكل مايجري و يخطط له منذ إنتفاضة 1991 التي نتج عنها إنقسام ملحوظ بين الإقليم وبغداد فقط بقيت كصورة إتحادية شكلية لا غير، إتخد بعدها الإقليم هدف الإستقلال ورقة ملموسة واضحة لا رجعة فيه كحل وحيد أوحد للحد من كل هذه التلاعبات الإجرامية، بعد سقوط نظام “صدام” كانت نوايا الإقليم واضحة بدون أدنى شك كما أنه يعلم جيدا ما سيتعرض له على ذلك من طرف الأنظمة الغاصبة (سياسة التفقير، قطع الموازنة، منع رواتب البيشمركة والموظفين، منع مستحقات الفلاحين، عائدات النفط والغاز، قطع المواصلات، إغلاق الحدود) زيادة إلى حرب داعش والقصف، لكن مع كل ذلك أظهر البيشمركة بقيادة الزعيم “مسعود بارزاني” حنكة وصمودا لا يتصوره عقل عاقل.
أما بخصوص بديل الإستفتاء فعلى الكورد أن يحمدوا الله والقدر على منحهم زعيم إسمه “مسعود بارزاني” و أكتبوا حروف ٱسمه من ذهب إن أمكن لكم ذلك، جبل كوردي بقمة الذكاء والحنكة السياسية والدهاء والهدوء والنجاعة، إنه الشخص الوحيد الذي وقف في صف نفسه لعدم بيع الإقليم إلى العراق وتركيا وإيران، كانت من خطواته الذكية تقديمه للبديل من عنده بضمانات دولية، ولم يترك مجالا لبغداد سوى حق القبول والرفض فقط، بنود البديل كانت تخدم ألف في المئة مشروع حكومة الإقليم من شتى الجوانب، كما أن قبولها من طرف بغداد سيؤدي بالإقليم إلى قفزة عالية صوب التقدم الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والديبلوماسي والعسكري وزيادة إلى التوسع وعدم التخلي على المناطق التي حررها البيشمركة، كانت حمولة البديل ثقيلة على بغداد لو تم قبولها ستؤدي إلى إنهيار ما تبقى من كرامة العراق، في حين سيكون إقليم كوردستان مستقل بشكل كلي بإسثتناء التسمية الدولية، التي خطط لها مستقبلا ان تزول بشكل مادي ومعنوي.
خطاب الزعيم “مسعود بارزاني” بخصوص نقطة إنتظار البديل كانت فقط تلاعب و تسلية الإعلام العالمي و الإعلام الإرهابي و كذى جس نبض الشعب الكوردي إليه و إلى كوردستان ،في حين أنه كان يعلم جيدا أنه لن يتلقى أي شيء من النظام العراقي مادام أنه وضع صلاحية بغداد فقط للتوقيع بنعم أو لا ،لقد كان الزعيم أكثر صلابة مما جعل النظام العراقي يجني على نفسه كل ما مارسه على الكورد من سياسات إجرامية طائشة.
رغبة الزعيم في الإستقلال بتوازي مع الشعب الكوردي تلقت دعما من العديد من الدول الديموقراطية والمتبقية الصامتة فقط هي متحفظة على الأمر جراء نهاية الإستفتاء لتعترف بدولة كوردستان، كل هذه الأشياء كان يعلمها الزعيم “مسعود بارزاني” فقط كان هادئا.
لقد تلاعب “مسعود بارزاني” ذكاءا بالعالم أكمله، كما إمتحن قلوبكم الطيبة أيها الكورد حبا فيكم، ألا يستحق هذا الأمين الكوردي الرمزية والتقديس، فأرجوكم ألا تخذلوه كما لم يخذلكم قط، صوتوا جميعا بنعم للإستفتاء، ولا تنسوا كوردستان.
ملحوظة: أتمنى من كافة الكورد أن يطلعوا على ما يسمى بمخطط “برنار لويس” فقط لفهم سياق أسرار مايجري في الشرق الأوسط والمغرب الكبير وما يزحف حاليا إلى الخليج العربي.