ابراهيم محمود
مليكة مزان الكبيرة خارج سجنها، الكبيرة في سجن من لم يعرفوا الحرية بعد في المغرب وشقيقاتها المشبّهات بها في المنطقة. خاب سعي الطغاة من حولهومن في إثرهم ومن حولهم وقد اعتقلوك. بين أمازيغستان وكردستان ثمة ظلال سموات سبع تحميك، وألسنة لا تحصى تسمّك.
مليكة تتقدم بجسدها الموهوب الذيلا يبلى في مواجهة ملك منذور للبلى. لا سماء تتستر على عريهم، ولا أرض تواري سوأتهم، ففي أي واد معتم، كابوسي يكون الهاربون من الحرية؟
أيتها المليكة المملوكة لروحها، الملكة الأم لكثيرات لم ينجبن حريات، وهي تحفّز فيهن ملَكة الحرية ليكنَّن أكثر رشاقة ذات، ورهافة صوت، وعظمة رؤية، وصلابة موقف.
الملكة الأم للكلمة التي تقشعر لها أجسام الخائفين من ظلالهم، وأنت بجليل صراحتك. كنت مليكة مزان الأمازيغية الأطلسية جبلاً وبحراً، براً وماء، شعباً وقضياً، أمازيغية وفي جسدك قلب آخر يتهجى كردستان. تالله يا مليكة كم تليق بك الملوكية المزانية وأنت تعرّين المرعوبين من حقيقة ما هم عليه في كلامهم المبتذل، وصمتهم المبتذل وتدينهم المبتذل، ووجودهم المبتذل، ومعناهم المبتذل، كم تليق بك سماؤك ذات الزرقة الحالمة حتى وأنت في سجنهم المهدّد لهم.
مليكة مزان الأكبر من بؤس ” جلالة ” الملك ومزنه البائس: سحابه العقيم، وعصاه المسوَّسة، والمسوسون من حوله، وروحه المسوسة، وظله المسوس، ونومه المسوس، ونومه المسوس، والذين يتبعونه ويهللون باسمه، وهم أمَّعيون من ألفهم إلى يائهم.
بين أمازيغستان وكردستان، ثمة خطى تتحرك، خطى تبصر طرقها الألف إلى الحرية، تؤلب أرضاً بجهاتها الأربع على طغاتها وبغابها وجناتها، وروحك المحلّقة بين جنبيك، بك، تتهجى لغات تترى، لغات مكونة من كلمة واحدة تهفو إليها لغات من جهات أربع: الحرية.
أكتب من هنا، حيث تسمّيني إنسانيتي، حيث تعرّف بي كرديتي، حيث تتقدمني أخلاقيتي الروحية في وحدة الإنسان الإنسان على الضد من عدو الإنسان بيده ولسانه وقلبه أنى كان !
سلام لك، إليك، معك، عليك، يوم ولدتِ مليكة، ويوم شببت عن الطوق مليكة، ويوم تعلمت لغة النجوم مليكة، ويوم شهرت لغة الجسد المفزّز لأعداء الجسد الفعلي مليكة، ويوم تسترسلين بخطاك الخطى على أرض تصادقك، وفضاء وافر من التوقير والتقدير يصاحبك مليكة، ويوم تقفين بليغة المعنى في وجه الآمر باعتقالك، ومن يقتادك إلى السجن، وسجانك، والمحقق معك، وصاحب محضر الضبط مليكة، كما لو أنك أنت المحقّقة معهم: عما هم عليه، وما يتفكرونه، وما يقولونه، وما يحلمون به، وأي ظل يستغرقهم ويغيّبهم، ويجردهم من كل معنى حياتي مليكة.
أبعد من حدود المغرب، أبعد من نطاق عصا السلطان، الملك، الطاغية أنى كان موقعاً وحضور أثر، تكونين أنت، وتبقين أنت، وتستمرين أنت مليكة الصوت والاسم والجسد والأثر، مليكة أمازيغية تمد يديها الرحبتين إلى جهات أربع، وهي تطوق بحنانها المليكي كل من غنت بشعرها، كل من صرحت لها بحبها غير المألوف.
دمت مليكة، ودامت أمازيغيتك، ولا دام كرسي كل طاغية !
دهوك، في 19-9/ 2017