الاستفتاء الكردستاني وتأثيره على المنطقة

*ريزان شيخموس
ينتظر شعبنا الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان بفرحة كبيرة يوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، اليوم الذي قررته الأحزاب الكردستانية أن يكون كردستانياً بامتياز، يوميمارس فيه الشعب في جنوب كردستان حقه في تقرير مصيره، ويحقق حلمه التاريخي في بناء دولته الوطنية، هذا اليوم الذي ستتغير فيه خريطة الشرق الأوسط الجغرافية والسياسيةأيضاً، ستضاف دولة أخرى إلى الشرق بعد قرن كامل من اتفاقية سايكس بيكو التاريخية التي قسمت المنطقة وفق مصالح دولية لم تُراعِ فيها إرادة شعوب المنطقة بل جاءت بالرغممنها، هذه الاتفاقية لم تساهم فقط بتقسم الدول العربية بل قسمت كردستان أيضاً إلى أربعة أجزاء، لهذا أن هذا التغيير الذي سيحصل في المنطقة بعد الاستفتاء الذي سيجريه الشعب فيجنوب كردستان نابع عن إرادة حقيقية للشعب الكردي التواق للحرية وممارسة حقه في تقرير مصيره وبناء دولته الوطنية بعد قرن من النضال والتضحيات العظيمة التي قدّمه هذاالشعب من اجل حريته المسلوبة من قبل الطغاة التي حكموا المنطقة والشعوب القاطنة فيها .
الفرحة القادمة ستكون عارمة ومصيرية، فرحة الحرية والاستقلال، والانتهاء من الظلم والاستعباد، وتحقيق حلم الشعب الكردستاني بتحقيق أمنياته بولادة جديدة، ولادة جمهوريةكردستان، هذه الجمهورية الثانية بعد جمهورية مهاباد لكنها ستكون أبدية، لأن الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية قد تغيرت كثيراً وكثيراً جداً، نحن أمام شعب قدم أعظمالتضحيات، بيشمركة تملك إرادة عظيمة في مقاومة الإرهاب، مقاومة كل أشكال التحديات من أجل الحرية والانتصار، هذه البيشمركة التي أصبحت عالمياً تعبر عن الانتصاراتالمذهلة ضد الإرهاب الداعشي الخطير، نحن أمام رئيس كردستاني قرأ التاريخ بإرادة شعبه وعنفوانه وهو مصمم ان يحقق حلم شعبه الذي وثق به وبقيادته ، هذا هو الرئيس مسعودبارزاني المصمم ان يجري الاستفتاء في وقته المحدد رغم كل الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها، لانه يعرف تماماً بانه لن يحدث اي انفجار كوني في ذهنية الأنظمة والدولوالأحزاب التي تعارض هذا القرار التاريخي، بل ان الرئيس يدرك تماماً بان ما تسعى له هذه الدول هو الرهان على الوقت وتغيير الظروف وبالتالي إلغاء الاستفتاء اي تحطيم الحقالكردي في تقرير مصيره .
هذا الانتصار العظيم الذي سيتحقق في يوم الاستفتاء من اجل استقلال كردستان سيكون له انعكاسات وتأثيرات عميقة على الشعب الكردي في الأجزاء الأخرى من كردستان، وأنهستزيد ثقة شعبنا بنفسه وبحقوقه القومية وإمكاناته العظيمة نحو التقدم والتحرر والبحث الجدي عن أدوات جديدة للنضال بعيداً عن العقلية الحزبية الضيقة والتي تعيق اي عمل نضاليمن أجل تحقيق أهداف شعبنا في التحرر الوطني وانهاء الظلم التاريخي بحقه. 
شعبنا الكردي ومساهماته العظيمة في النشاطات الفنية  الكبيرة من اجل الاستفتاء هو تعبير واضح وجدي عن تضامن شعبنا مع جنوب كردستان ورغبته في التحرر والانعتاق، ولهذالابد من الاستفادة العميقة من هذا الحس القومي الكبير والامكانات العظيمة التي يملكها والبحث عن مشروع وطني كردي يتضمن تجميع كل الطاقات والامكانات الكردية وزجها فينضال وطني جامع عبر أدوات نضالية حقيقية تتجاوز العقليات الكلاسيكية التي تعيق التطور الحقيقي لابناء شعبنا في تجميع قدراته وبناء أُطر وطنية تعبر عن إرادة شعبنا في حريتهفي تقرير مصيره .
شعبنا الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان يملك خياراً وحيداً وهو العمل بكل طاقاته لدعم القرار التاريخي لشعبنا في جنوب كردستان برئاسة القائد التاريخي مسعود بارزاني مناجل بناء دولته الوطنية الذي يتحقق  فيها كل حقوقه القومية والديمقراطية والإنسانية، وادانة وفضح الأحزاب الرافضة لهذا العمل الكردستاني والتي تنفذ أوامر الأنظمة والحكوماتالديكتاتورية الغاصبة لكردستان، ولا يوجد اي مبرر منطقي لهذه الاحزاب برفض الاستفتاء بل تبرر مصالح الانظمة التي أصبحت عالة على شعوبها ومصدراً لتدمير المنطقةوالتدخلات الدولية فيها، ولابد لشعبنا ان تدرك حقيقة هذه الاحزاب وفضحها كونها تشكل خطراً حقيقياً على قضيته الوطنية والقومية .
الشعب الكردي والأحزاب الكردستانية يجب أن يقتنع تماماً بأنه يستحيل إقناع الأنظمة المغتصبة لكردستان بحق الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان في تقرير مصيرهوبناء دولته الوطنية وخاصة ان هذه الأنظمة هي ديكتاتورية بامتياز وتقمع شعوبها، ولا يمكن ان ننتظر قروناً أخرى حتى تقتنع هذه الأنظمة بحقوق شعبنا القومية، لذا ان هذا القرارصائب، وينسجم مع الظروف الدولية والإقليمية الرافضة للارهاب وخاصة ارهاب تنظيم داعش، حيث استطاع البيشمركة وبقيادة الرئيس مسعود بارزاني أن تحارب هذا التنظيموالانتصار عليه ودحره وبالنيابة عن العالم أجمع، حيث شكلت مقاومة البيشمركة وانتصاراتها على ارهاب داعش وسام شجاعة للشعب الكردستاني عموماً، وهذا ما دفع بالعالم اجمعوخاصة أمريكا والعديد من الدول الأوربية تقديم كل الدعم العسكري والسياسي للكرد في حربه ضد الارهاب، وهذا ماكان له الدور الأساسي في الاعتراف بالشعب الكردي كقوميةرئيسية في الشرق الأوسط.
*ريزان شيخموس سكرتير الهيئة القيادية في تيار المستقبل الكردي في سوريا 
هذا المقال منشور في جريدة كردستان العدد ٥٦٨ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…