عن السياسة والديمقراطية والأمة.!

دهام حسن
يرى ماركس من أن السياسة والديمقراطية كلمتان مترادفتان، فلا سياسة بدون ديمقراطية، وبقدر ما تكون السياسة غير ديمقراطية، فهي بهذا غير صحيحة، ومن المعلوم أن القسر والإرغام في السياسة لا ينشئ واجب الطاعة كما يرى جان جاك روسو..
إن ما نشهده اليوم عندنا من تخلف سياسي، هو نتيجة  التخلف الاجتماعي، فلا يمكن لواحد منا أن يكون عشائريا ويحنّ إلى حكم وسيادة أسرته، ومكانته (الآغاتية) وفي الوقت ذاته يغدو مناضلا قوميا، ثم يدعو للتحرر القومي، فهل أيها القائد المتنفذ عشائريا تريد أن تستعبد شعبك من جديد، وبه تستعيد أمجاد اسرتك.؟ هذا الحلم ضرب من الخيال والطوباوية فقد تجاوزناها، فبهذا التطلع وهكذا تفكير لا يمكن لك أيها القائد السياسي الكردي أن تكون قوميا، وبالتالي لن يصدقك أحد في الدعوة إلى الحرية والتحرر، فعجلة التقدم إلى أمام، فالتاريخ والواقع كما يرى هيغل (هو صراع دائم من أجل الحرية) فلا قاسم مشترك بين الفكر الثوري والحنين للعبودية والاستعباد حتى من قبل بني جلدتك…
من جانب آخر لدينا تجار السياسة وأنصاف مثقفين، فبالرغم من هذا التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي غيّر وجه العالم، ناهيك عن هذه الرحلة النضالية المضنية والطويلة، فضلا عن توسع مدارك الفرد، ترى بعض (المناضلين) من سياسيين ومثقفين ينحنون أمام الأمر الواقع، فهم بالتالي غير جديرين أن يخططوا للمستقبل، ففيهم تهربا من المسؤولية يزعم بالتالي من أن المسألة القومية قد تجاوزها الزمن فخرجوا بمصطلح الأمة، ثم كان وسـم هذه الأمة بالديمقراطية.. أسال هؤلاء ما هي الأمة.؟ هل بلغناها وبالتالي هل يتمّ الآن تجاوزها.؟ ثم ما هي العوامل التي تتشكل منها الأمة.؟ البلدان العربية لا تشكل بالمفهوم العلمي (أمة) لأن العامل الاقتصادي الموحد هو الأساس، في حين أن التبادل الاقتصادي بين البلدان العربية لايتجاوز ثمانية بالمئة..
بعض هؤلاء يطرحون هذه المعضلة بغية تجاوز المرحلة القومية وليسوّغوا بالتالي ما يضمرون، تهربا من المستحقات النضالية، ركضا على المشروع الخيالي وهو نشدان الأمة الديمقراطية…
المرحلة القومية هي مرحلة برجوازية وهي مرحلة ضرورية في حياة الأمم ومسيرة المجتمعات.. فعندما احتد الصراع بين البرجوازية الرأسمالية المتشكلة حديثا من طرف، وبين الإقطاعية والكنيسة من طرف آخر. نصح ماركس الحركات العمالية أن يقفوا إلى جانب البرجوازية الرأسمالية ضد الإقطاع والكنيسة، ولم يحبذ ماركس أن يشكلوا تنظيمات خاصة بهم..
في هذه المرحلة، ومن خلال هذه المعمعة فتأييد الحركات القومية في تطلعاتها أمر مشروع، وعلى الحركات اليسارية بالتالي تأييدها والوقوف إلى جانبها.. دون  التوهم بحرق المراحل..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…