استفتاء اقليم كردستان و معضلة وحدة الدولة القسرية

 افتتاحية جريدة المساواة
يقترب يوم الخامس والعشرين من أيلول, ويقترب معه موعد يرهف له قلوب الملايين من أبناء الشعب الكردي ليعبروا فيه عن شعورهم, ويجسدوا إرادتهم في ممارسة حقهم الطبيعي والمشروع في تقرير مصيرهم وتحقيق حلمهم في بناء كيان قومي لهم أسوة بشعوب العالم ,هذا الحلم الذي طالما ضحوا وقدموا قوافل الشهداء من اجل تحقيقه طيلة عقود من النضال والكفاح تعرضوا خلالها لأبشع المجازر وحملات الإبادة والتطهير العرقي ولمختلف السياسات والمشاريع العنصرية والتمييزية ,دون أن يحيدهم ذلك من الدفاع عن وجودهم وحقوقهم القومية بالوسائل الديمقراطية والكفاحية المشروعة ,كما استجابوا دوماً لأي مبادرة سلمية ولأي حل سياسي في ظل ما اتسمت بها القضية الكردية من تعقيدات بإبعادها الوطنية والإقليمية وتوازنات المصالح الدولية في منطقة ساخنة لم تشهد الاستقرار منذ قرن.
ونتيجة التطورات الحادة التي عصفت ببلدان المنطقة وخاصة في سوريا والعراق وبعد أن يئست قيادة اقليم كردستان العراق من إمكانية رأب الصدع وإيجاد الحلول للمشاكل المتراكمة والتي افتعلتها القوى الحاكمة و المتنفذة في بغداد وأوصلت العراق إلى ما هو عليه وعدم التزامها بالدستور والاستخفاف به خاصة فيما يخص اقليم كردستان وشعبها ,اتخذت قيادة الاقليم خيار أن يستفتي شعب اقليم كردستان عل مصيره بنفسه, واستندت في ذلك القرار عل القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الذي يشدد عل حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
ومع الإعلان عن هذا القرار تباينت المواقف حياله إلا أنها ابتعدت عن الحدية ولم تتعدى الطلب في تأجيلها والبحث عن الحلول والمشاكل دون أن تطرح أو تقدم أي ضمان لنجاح هذا البحث وإمام ذلك اتسم خطاب قيادة الاقليم بالعقلانية وقدمت تبريرات لقرارها في إطار الواقعية السياسية بعيداً عن الشعاراتية وأكدت على إن كردستان ستكون كما كانت للجميع مكونات وأفراد دون إقصاء أو تهميش وتكون عامل امن واستقرار في المنطقة ,الأمر الذي ساعد على تخفيف نبرة العداء للبعض وخاصة لدى الدول التي تضم أجزاء من كردستان والتي نظرت بسلبية لهذا الاستفتاء وتخوفت مما سيجريه على الداخل من جغرافيتها ووحدتها القسرية التي لم تجلب لها سوى المزيد من المشاكل والتعقيدات, ومن المرجح إن نتيجة الاستفتاء ستكون منصة لمزيد من الحوار الجدي والمعمق لتنفيذها بالشكل الأمثل وبما يخدم مصلحة شعب كردستان ويخدم امن واستقرار المنطقة وعليه فان من الحكمة أن تتعامل الدول وخاصة التي ترى أنها معنية بها بإيجابية وتحترم إرادة شعب يسعى إلى الحرية والانعتاق, هذا الشعب الذي قدر له العالم تصديه للإرهاب وتمسكه بالقيم الديمقراطية والعيش المشترك.
إن الخامس والعشرين من أيلول 2017 سيكون يوماً مجيداً في تاريخ كردستان وشعبها يوما يؤسس للحلم المشروع الذي طالما تغنى به الكرد و انشدوا له دما ودموعاً وان التهويل لخلل هنا وتقصير هناك للتهرب من استحقاق هذا اليوم لن يغفر لهم ولمن يريد انكسار إرادة الكرد بهدف تحقيق غايات جهوية ضيقة.
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…