مازالت براءتي تهتف باسمك يا «بارزاني»!!؟؟

يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لم تنسى الذكريات ذلك الطفل الذي لم يبلغ سن العاشرة ،كما لم ينسى هو بدوره ذكريات البراءة التي جعلته يركض في أنحاء الغرفة و المنزل ،حافي القدمين ، ليجالس تلك القدوة الأبوية التي هي مصدر إلهامه بمفهوم “الكورد” ،بعيدا على ما رسخته أفكار القومية العربية المتمثلة في العروبة و الاسلام في مجتمعاتنا المحافظة.
مازلت أتذكر واقعي و ما غرسته التجربة الناصرية الصدامية في مدرستي الأمازيغية ،و في مجتمعي المستلب ،كثيرا ما تغنت مسامعنا بهواجس حزب  البعث اللاهوتي أنذاك ،لكن سرعان ما كسر ذلك الكأس المدسوس بسموم الاستيلاب بسماع مصطلح الكورد و المقاومة ،ليصيرا بعد ذلك هذان المصطلحان مفهومين دلاليين في كبري.
تساءلت عن ذلك الرجل ذو الزيي البلدي و العمامة الحامل للسلاح على مرتفع و من حوله حشد كبير من الرجال في أيادهم أسلحة بسيطة عبارة عن بندقيات يدوية ،فجاء الجواب على أنه زعيم الانتفاضة الكوردية “مسعود البارزاني ” ،استمر تساؤلي عن من هم و ماذا يريدون ؟ فقيل لي أنهم معارضي “صدام حسين” ،لم يكد أبي ينهي الجواب حتى ارتفعت معه نبضات قلبي الصغير عاجزا عن تفسير هذا البند الذي طالما سمعناه كثيرا على التلفاز و المذياع و الصحف و الشارع “صدام لا يقهر ” ، لم أتمالك نفسي و أنا أهتف باسم “البارزاني” عاليا راكضا و متسائلا في خيال براءتي من هذا الرجل؟؟ ،و من أي نوع الرجال هو؟؟ ،  هل هو قوي بما يكفي على ذاك الديكتاتور؟؟ ،أم فقط هو مختل عقليا أم متهور ؟؟ ،دون أن أعلم عن حقيقة التاريخ و القضية شيئا يذكر ،لقد لفظت كلمة “الكورد” قبل أن أنطق مفهوم “الأمازيغية” التي لم تكن متداولة في مجتمعي ،في حقبة حكم الملك “الحسن الثاني” من جهة ،وصغري من جهة ثانية.
مع تنامي الوعي الأمازيغي فينا لفتت إنتباهي برقية “صدام حسين” للملك “الحسن الثاني” التي جاء فيها ” ما أنت فاعل بأولئك الأوباش بمعنى (الأمازيغ)؟؟ والله لو كنت حاكم تلك البلاد لفعلت بهم ما فعلت بالأكراد” ، عبارة أرغمتني على أن أستجمع بين براءتي للكوردية و وعي بالأمازيغية و علاقتهما بالأنظمة الحاكمة ،لأخرج فيما بعد عن طريق تطلع أولي عن إسقاط القضية الكوردية على القضية الأمازيغية كشعبين أصليين تواقين الى التحرر و الإنعتاق من نفس الجلاد ،كما لم أستغني يوما على القضية الكوردية إلا وأقرنتها بالقضية الأمازيغية في النقاش و الحوار و الموضوع ّ،لقد غرس أبي حب الكورد و مفهوم الكوردية في قلبي منذ نعومة أظافري كما غرست عائلة “البارزاني” القومية في نفوس الكورد.
بعد الانفتاح الفكري على القضية الكوردية استوعبت و فهمت الكثير من الاسرار و الكنوز و المعارف عن القضية و تشابهها مع القضية الأمازيغية الأم، كما كان الفضل في ذلك للعديد من المفكرين و المثقفين الكورد الذين أوصلوني الى  الطموح الذي كنت أرنو إليه ، المتمثل في أن أكتب شيئا عن القضية الكوردية يوما ،مما أجمعت قواي و بعض المواقف و الكلمات الموزونة الرفيعة كباقة ورد أهديتها في عالمي الإفتراضي عن الزعيم “مسعود البارزاني” ،لم أكن أتوقع الكثير منها لكن شاء لها القدر أن تصل إليه محفوظة بشكل رسمي عن طريق أيادي كوردية نبيلة ، ردد الكثيرون اسمي دون أن أعلم  شيئا عن المسؤولية التي تنتظروني في صباحي المشرق الموالي ،كانت لهذه الخطوة وقع كبير في بدايتي الأولى للدخول في المنظومة الكوردية بصفة عامة.
رجعت بي الذاكرة لأرى ذلك الطفل الصغير الخفيف الخطوات يهتف بٱسم ذلك الزعيم الكوردي كمصدر إلهامه الذي كان لا يعرفه مطلقا ،واليوم أصبح يكتب له و يناضل من أجله ،ذلك الطفل الذي كان يظن أن الزعيم كان مختلا و متهورا في قراره أصبح اليوم مقتنعا لحد الموت و الجنون على أنه زعيم قوي جدير بالثقة و القدوة و الزعامة ،تلك البراءة الحافية القدمين المؤمنة بٱسم الكورد الآن أصبح كإحدى دعاة رجال الدين المؤمنة بما ينص عنه كتاب تاريخ الكورد المقدس ،لقد وصلت إلى السر الذي جعلني أركض دون أن أعي لما؟!! ،أحسست كأني أقول لأبي لقد وفيت بعهد براءتي ،إكتشفت أنني كوردي ببراءتي لا أحد وصل إلى ما يكنه جوهري الروحي للكورد من الحب و الإنتماء الروحي ،كما لم أحب أحد في حياتي بقدر ما أحببت به كوردستان و الشعب الكوردي و الزعيم “مسعود البارزاني”.
مدين لكم مذى الحياة بحبكم الخالص لي ،لم يحبني أحد كما أحبني شعبكم الكوردي العظيم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…