بقلم: محمد صانري
ترجمة عن الكردية: سربست فرحان سندي
“كل كوردي وطني مناصر للحزب الديموقراطي الكوردستاني
ولا يعني هذا أن كل متعاطف مع الحزب الديموقراطي الكوردستاني وطني”
ملا مصطفي بارزاني
تاريخ الشعب الكوردي منذ مائة عام من القرن العشرين المنصرم لا شك كان مأساويا وتراجيديا، وخلال القرن العشرين لقي الشعب الكوردي مصيرا أسود، وحياة جائرة فرضت على الشعب الكوردي وأغلبها كانت تهدف الى محو الكورد ومحقهم؛ كما تعرض الكورد طوال تلك الفترة للإضمحلال.
وعندما ننظر إلى الحركة السياسية الكوردية وتاريخه النضالي، نرى منذ مئة عام من منتصف القرن العشرين المنصرم القوة الوحيدة التي استطاعت أن ترغم الأعداء على الاعتراف بالهوية القومية للشعب الكوردي وتحقق للشعب الكوردي الإنجازات والمكتسبات التي صارت بعد ذلك أساسا لأن يجعل من الكورد شعباً مقاوماً ومناضلا لأجل قضيته العادلة وأن يكتب ختمه تحت تلك الإنجازات والمكتسبات هو الحزب الديموقراطي الكوردستاني، الحزب الديموقراطي الكوردستاني بنضاله المستمر وبإنجازاته علي الارض استطاع ان يساهم في إيقاظ الكورد في الاجزاء الاربع من كوردستان وينعش فيهم روح القومية الكوردايتي ويبعث فيهم روح الوطنية.
والحزب الديموقراطي الكوردستاني في تعريفه بنفسه يقول: “الحزب الديموقراطي الكوردستاني ليس بالبيانات السياسية فقط ولكن بأفعاله وممارساته وهو صاحب المبادرة في الكفاح والنضال القومي الكوردي.”
فعندما أقيمت جمهورية كوردستان في مهاباد عام 1946 كان عليه بصمة الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وفي عام 1958 لاول مرة عندما ثبت حق الشعب الكوردي في الدستور العراقي كقومية ثانية في البلد كان عليه بصمة الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وفي عام 1970 عند ما قرر الحكم الذاتي لإقليم كوردستان ترك الحزب الديموقراطي الكوردستاني بصمته عليه. وفي عام 1992 الحزب الديموقراطي الكوردستاني كان هو الداعم الاساسي والمؤسس لفتح برلمان كوردستان، وهوالذي أعلن الدولة الفدرالية بكوردستان الجنوبية، بدعم الحزب الديموقراطي الكوردستاني وإصراره ثبت فدرالية كوردستان في الدستور العراقي الدائم عام 2005 وأخذ صيغة دستورية.
وبعد الحرب العالمية الأولي قسم المجتمع الدولي كوردستان بين أربع دول، كل واحد أظلم وأقمع من الآخر، ومنذ ذلك الحين و حتي الآن لقي الشعب الكوردي مصيارً أسود؛ فتعرض للويلات منذ الحرب العالمية الأولي وحتي الآن، وتعرض الشعب الكوردي للإنكار والقهر والتهجير القسري والتصهير العرقي والإبادة الجماعية، والنظام الدولي نظر إلي هذه السياسة القمعية للدول المقتسمة لكوردستان وكأنه عمل عادي يتبع لأمنهم الداخلي، وصار العالم تجاه قضية شعب الكوردي صما وعميانا. وخفي حقوق ومآسي شعبٍ بأكمله عن الأنظار.
والحق أن الكورد لم يصمتوا أمام هذه السياسة الظالمة، بل انتفضوا وتمردوا، ولكن كلما انتفضوا تعرضوا أكثر للقمع والإبادة, والنفي, والسجن, والتهجير القسري ومخيمات النزوح، ولكن رغم كل هذه الظروف كانت هناك سارية ذو إرادة قوية أقوى من الفولاذ؛ اسمها الحزب الديموقراطي الكوردستاني! لم يستطع أي قوة ان تسحقه وتمحقه! ومنذ منتصف القرن المنصرم وحتي الآن استند الشعب الكوردي إلي تلك السارية وقاوم بدون هوادة، وتلك السارية فتحت أزرعا وفروعا في كل انحاء كوردستان واثر إيجابا على تنظيمات الاجزاء الاخرى من كوردستان.
بدايةً أسس الحزب الديموقراطي الكوردستاني في 16 آب 1946 في مهاباد عاصمة جمهورية كوردستان، من قبل ملا مصطفي بارزاني مع أربع ضباط من رفاقه ممن اشتركوا في جمهورية مهاباد، وسعوا وحاولوا ان يوسسوا حزبا مماثلا للحزب الديموقراطي الكوردستاني ~ إيراني في جنوب كوردستان، في اول الأمر كان اسم الحزب: الحزب الديموقراطي الكوردي! وفي مؤتمر الحزب المنعقد بمدينة كركوك عام 1953 تغيير وحول اسم الحزب إلي الحزب الديموقراطي الكوردستاني، في عام التأسيس كان شعار الحزب سوار احمر أخذ لونه من لون دم الشهداء وفي جوف السوار 46 سهما أصفر وفوقه الشمس الكوردي وفي جوف الشمس كان شاهين يرمز إلي القوة والكرامة، في شعارالحزب الخط الأخضرهو لون كوردستان، و سنبل الحنطة يرمز إلي بركة تراب كوردستان، وكل ألوان الشعار والرمز أخذ من ألوان علم كوردستان.
وباقتراح الزعيم المؤسس للحزب الديموقراطي الكوردستاني ملا مصطفي بارزاني الشيخ لطيف بن الشيخ محمود برزنجي و كاكه ضياء إبن حما آغا الكويي يكونان نائبا لرئيس الحزب، ملا مصطفي بارزاني كان القائد العام للقوات المسلحة لجمهورية مهاباد، والشيخ لطيف ابن ملك كوردستان، وكاكه ضياء ابن أسرة كبيرة ورئيسية في كوردستان، إذا نظرنا إلي هؤلاء الثلاثة الذين أسسوا الحزب الديموقراطي الكوردستاني من جهة سايكولوجية المجتمع الكوردي كانوا من قمة المجتمع الكوردستاني، ولكن أعضاء الحزب الآخرين، والمتعاطفين معه وجمهوره رجالا ونساءا، شبانا و شيوخا كانوا من كل فئات المجتمع الكوردي والكوردستاني، علي سبيل المثال لا للحصر؛ سكرتير الأول للحزب حمزة عبدالله كان من اهل شمال كوردستان وكان شخصا ماركسيا الوجهة، والحق ان الحزب كان ذو اتجاه معاصر حديث أسس على أبعاد وأهداف قومية، وكان يهدف إلي أن يأخذ الشعب الكوردي جميع حقوقه ويحقق أهدافه القومية والسيادة على كامل أراضه كوردستان.
والحزب الديموقراطي الكوردستاني اختار طريق الكوردايتي وأسس قواعد وملامح الشعورالقومي لدى الكرد، كما أن كلمة “بشمركه” كلمة كوردية خاصة وليس له مثيل في اي لغة اخري وكذلك كلمة “كوردايتي” اأضا كلمة كوردي خاصة وتعني الحب للقومية الكوردية والوطنية لكوردستان الحرة الأبية، وكلمة “كورد واري” يتعلق بكل خط، كل آلة, كل طعام, كل شرب, كل لباس, كل نقش, كل صورة, كل صيغة ثقافية او معرفية للكورد، و كلمة “كوردايتي” أيضا تحتوي علي كل مفاهيم حب الكورد لوطنهم، وعلينا أن لا نخالط الكوردايتي بكلمة ” ناسيوناليسم” بالمفهوم الغربي ولا بكلمة “الوطنية والقومية” بالمفهوم الشرقي، لأن تلك المفاهيم العرجاء جعل العيش جحيما للاقليات العرقية والطائفية والدينية! إذن لا يمكن المقارنة بين الكوردايتي وتلك المفاهيم التي تبنتها التيارات العنصرية!
علي سبيل المثال لا الحصرفثورة أيلول المجيدة بقيادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني بدأت في 11 أيلول عام 1961 وقدرت أن ترغم أشرس وأقمع وأجرم جيش العالم أمام المقاومة الكوردية البطلة، ألا وهو الجيش العراقي، وإستطاع الحزب أن يجبر الحكومة العراقية علي القبول بالحكم الذاتي لكوردستان وإمضائه، وكان مجلس تلك الثورة المجيدة يتشكل من 64 شخص؛ فيه من كل فئات المحتمع والمذاهب والاديان والطوائف؛ كان فيه ممثل للآشوريين والكلدان والارمن، وعلماء الدين الإسلامي، والتعددية الموجودة اليوم في جنوب كوردستان تأتي من مفهوم الكوردايتي، التعددية في جنوب كوردستان ليست شيئاً تفرضه الظروف الدولية؛ إنما تأتي من مصداقية كوردستان والتسامح الديني والمذهبي للشعب الكوردي، حيث كان شعار المؤتمر الأخير أي الثالث العاشر13 للحزب الديموقراطي الكوردستاني هو “التجديد، العدالة، التعايش”.
وبات الحزب الديموقراطي الكوردستاني كما هو وفي كل العالم يُعرف بأنه عمود للبيشمركه الذي يناضل للحرية ويحمي العالم الحضاري والحر، وكذلك هو عمود للكوردايتي، الحزب الديموقراطي الكوردستاني كان دائماً مع الذود والدفاع عن الخصوصية القومية، ولم يضع الأفق الواسع وقيم العالم الحضاري والديموقراطي جانباً وكان ملتزما بهم، بعد الحرب العالمية الثانية أثناء الحرب الباردة كل التنظيمات التحرورية في أنحاء العالم تأثروا بالأيديولوجية اليسارية، ولكن الحزب الديموقراطي الكوردستاني دائماً كان يؤمن بالحقوق والحريات الفردية والجماعية الدينية والقومية، وكان يؤمن بحق تقرير المصير للشعوب، الحزب الديموقراطي الكوردستاني في هذ الإطار كان دائما يدافع عن القيم الغربية ويساند النظام الديموقراطية ويدعم السوق الحرة.
واليوم أيضا بقيادة نفس الحزب أي الديموقراطي الكوردستاني، فالشعب الكوردي يناضل بقوة في سبيل الحرية والسلام والعدالة، وهو متوائم وفي توافق ملحوظ مع قيم العالم الحر والمجتمعات الديموقراطية، ويناضل لإستقلال كوردستان، إذن فالحزب الديموقراطي الكوردستاني ظل عموداً قوميا للشعب الكوردي، وفي كل الألوان والوجوه الوطنية والكوردايتي للحزب الديموقراطي الكوردستاني ثمة بصمة للأب المؤسس أي ملا مصطفي بارزاني الخالد، فبصمته موجودة في كل تفاصيله ومنعطفاته التاريخية، ولا شك أن هذ الألوان راحت تتلألأ أكثر فاكثر في ظل قيادة الإبن البار الرئيس مسعود بارزاني، إذن ففي الوقت الراهن وفي ظل قيادته بت مؤمناً أكثر بأن مستقبلاً زاهراً ينتظر الشعب الكوردي.
13 آب 2017