يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لا يهمني ما قد ينتج بعد ما سأقول ،و لا أهتم بما سيقال ،و لكني أتحمل مسؤوليتي الشخصية على كل ما أقول.
كأمازيغي لا أجد أي سبب في كرهي لإسرائيل ،لا أحمل أية ذرة كره تجاه هذه الدولة الحقة و المشروعة تاريخيا للشعب اليهودي المضطهد الذي عاش الويلات منذ ما قبل التاريخ و إلى بزوغ التاريخ و مازال يعاني إلى يومنا هذا ،شأنه شعب اصلي كشأن الشعب الكوردي و الأمازيغي ،هاته الشعوب التي كتب عليها الإستعمار و الإبادة و الإضطهاد و القتل و التصفية و العنصرية ليس لشيء سوى أنهم خلقوا ليكونوا يهودا و أمازيغا و كوردا.
هي الشعوب المغضوب عليها في نظر العرب ،كثيرا ما فسرنا العرب حسب ذكائهم الديني بالكفرة و الأعداء و المنافقين و إخوة الشياطين كخطاب لغزو أوطاننا و سرقة ثرواتنا و تعمير أراضينا و إستيطاننا.
ما دنبي إن خلقت يهوديا أو كورديا أو أمازيغيا ؟؟
إن كنا أخطاء بشرية فالمشكلة تكمن في الخالق ،وإن كان الخالق لا يخطئ فما السر في كوننا مختلفين؟؟ ،ليس السر في كوننا مختلفين أن نقتل و نباد ،ليس عدلا و ليس منطقا ربانيا رحيما أن نخلق بإرادته للألم.
مقولة الزعيم اليهودي “تيودور هيرتزل” :”ألا يحق لليهودي أن يشعر أنه إنسان و بنوع من الإنسانية” كافية لتلخيص ما عاشه هذا الشعب من نكسات و نكبات و شتات بين الرفض و التشرد إلى عصر النهضة سنة 1948 ،اليوم نرى اليهود و إسرائيل أول الداعمين للشعب الكوردي لنيل الإستقلال المجيد المرتقب منذ عقود من الزمن ،إعتمادا على القرابة التاريخية و الجغرافية و الواقع المرير المعاش الموحد بين الكورد و اليهود.
قبل تأسيس دولة إسرائيل كان المغرب ثاني أكبر تجمع لليهود في العالم بعد روسيا ،و مازال وطني يحتوي على أسواق الملاح و محلات الدباغة و مقابر اليهود ،كما أن قريتي الأمازيغية “أيت هادي” تحتوي على مقبرة و ملاح اليهود لكونهم و نحن تعايشنا معا في بلدتنا كالإخوة ،كانت لهم علاقة وطيدة مع الأمازيغ أكثر و أكبر من العرب إلى حين مغادرتهم إبان تأسيس إسرائيل.
لو لم أكن أمازيغيا كنت سأتبنى الهوية اليهودية لما لنا من تلاقح الثقافة و الحضارة الأمازيغية اليهودية ،لكن أنا اليوم أمازيغي و أفتخر بهويتي الأم ،و أومن بإسرائيل دولة مستحقة مشروعة لليهود ،و بكوردستان وطني الأم الثاني إن لم أقل الأول لأني كوردي الروح بشرف.
لكن متى ستدعم إسرائيل ملفنا المطلبي الأمازيغي في الأمم المتحدة؟؟ ألا نستحق قليلا من الحماية؟؟ ألا يكفي أن نعامل ولو بقليل من الجميل مما قدمه أجدادنا الأمازيغ لكم تاريخيا؟؟
لقد كان موقف أمريكا واضحا من الإسثفتاء الكوردي بٱعتبار هذا الأخير ضرورة و حاجة لموازنة منطقة الشرق الأوسط ،لم تخالف تصريحات الرئيس “ترامب” الصواب قبل و بعد الوصول إلى السلطة بخصوص ملف إستقلال كوردستان ،تنفس الكورد الصعداء مع ترامب قائلين “ترامب صديق الكورد”.
إن من يشكك في كفاءات النهج القومي الكوردي بٱعتبار أمريكا هي الرئيسة وراء الإستقلال لهو أكبر المخطئين ،ذلك بأن أمريكا كانت هي الأخرى في أمس الحاجة للتنسيق مع الكورد القوميين في ظل هيمنة إيران و روسيا على المنطقة ،من منطلق آخر يمكن القول بأن المقاومة الكوردية هي من أعادت آمال الأمريكان الإقتصادية و العسكرية إلى الواجهة.
إن ما كان يحتاجه الكورد في العقود الماضية ليس أمريكا و لا روسيا و “الناتو” بل الموازنة الإقثصادية و العسكرية بين كوردستان و حكومات الأنظمة الغاصبة التركية الإيرانية العراقية السورية ،حيث كانت القضية الكوردية كورقة ضغط تلعبها الحكومات المذكورة على الدول الساعية للتنسيق مع إقليم كوردستان العراق خاصة و كوردستان عامة ،كما لعبت الحكومات على عزل أقاليم كوردستان و سد كل المنافد و المواصلات في الداخل و الخارج ذلك لإخماد الثورة الكوردية و قتلها بالتقسيط شيئا فشيئا ،وكما منع الكورد من نيلهم حقوق الجنسية السورية و العراقية و الإيرانية لعقود طويلة كانوا معلقين بدون هوية مذكورة ،كما كفت كل الدول الصناعية لفترة من الزمن تزويد و بيع السلاح للمقاومة الكوردية مما أجبر الأخيرة على نهج سياسة الهدنة مع الجوار إلى أن ينكسر الحصار عليها ،فكانت علاقات حكومات الجوار بالكورد حربا باردة دائمة مما جعل من الزعيم الروحي للكورد “الملا مصطفى البارزاني” يعلنها بمقولة تاريخية راسخة على جبال “رغروس” إلى يومنا هذا “ليس للكورد أصدقاء حقيقيون”.
إن ما يثبت حنكة و ذكاء و منطق النهج القومي هو تشبتهم بفكرة الإستقلال و الحرية مهما كانت التجارب و الظروف السياسية و الإقتصادية التي تتخبط فيها كوردستان ،هذه الفكرة التي رفض الكورد التنازل عنها و كما رفضوا قطعا حتى التفاوض على الطاولة من أجل النقاش في ذلك.
لقد لعب توصيل السلاح إلى المقاومة الكوردية في الفترة الأخيرة دورا هاما ،حيث لم يستغرق إلا وقت قصير جدا حتى صدم العالم بٱنجازات و إنتصارات الكورد العسكرية و طرد قوى الإحتلال الداعيشية من معظم المناطق الكوردية ،مما يوضح أن الكورد لم يكونوا بحاجة لأحد ليعيشوا في جلبابه بل كانوا فقط في حاجة للسلاح المتطور لا غير.
إن للكورد شخصيتهم الخاصة بهم و ليسوا سكيزوفرنيين كما يظن أهل ثقافة العبيد ،إنهم مجد التاريخ و اليوم مازالوا في بناء مجد جديد متواصل ،فأقل ما يمكن منحه للشهداء الكورد هو إستقلال قبورهم المقدسة بإستقلال كوردستان الكبرى.
إن مصير العالم ينبني على الإرادة القوية للشعوب ،لهذا نقف مثيقنين بلا شك في مشروعية إرادة الكورد ،إذ لا يعقل أن ننفي طموح كوردستان في ظل ما قدمته من أرواح كقرابين لبلوغ المجد و القمة ،ليس من الصدفة كل هذا الإصرار و الإيمان بطموح الإستقلال ،إنه لشيء خارق لعادة الفطرة و جوهر الذات الكوردية العاقلة المفكرة.
قد نجوع الأجساد ،قد نهزم الإرادات ،وندك الكرامة بمنجل الاحتقار ،لكن لن نستطيع تجفيف الينابيع الأعمق ،حيث الروح اليتيم ،وعبر عروق صغيرة لا ترى ،يرضع من حليب الحرية ؛على حد قول العقيد المفكر الأمازيغي “جان عميروش”.
لا يمكن إيقاف فطرة الحرية و السعي لإعتناقها عند الكورد ،فمن يفكر في ذلك لهو في حيز درب المستحيلات ،بل إنه من الجنون نزع الفكرة الأصلية التي إستشهد في سبيلها أكثر من ثلثي الشعب الكوردي ،كما أنه ليس لذى الكورد مايخسرون فيما تبقى سوى أن يموتوا أو تكسر أغلالهم في كلتا الحالتين.
أيها الغاصب لكورستان؟؟!! إني أخاطب ذكاء عقلك النير ، كيف يمكن إقناع هذا الكوردي الذي قتلت أمه و أباه و أخته و أخاه و زوجته و أبناءه بما تدعيه من إنسانية و مستقبل و سلام له بعد كل مافعلته بأقربائه!! ،لا أجد جوابا لكم سوى أن تخجلوا من أنفسكم ،و أن لا تتعبوا أنفسكم فمكانكم ليس هنا.
أيها التجار!! كوردستان ليست للتفاوض إلا للإستقلال ،و ليست للإسترزاق في قلوب الكورد الحقيقيون ،فمن يرى عكس ذلك فيها فأشهد له أن يبحث له عن أصله المجهول ،ثم إبحثوا لكم عن مهنة شريفة قصد لقمة عيشة حلال تطعمون بها نساءكم و أبناءكم.
أيتها الأجهزة البشرية!! كفاكم السير وفق برمجة أيادي الأنظمة الغاصبة و الخائنة لكوردستان ،إرجعوا إلى طبيعة و فطرة أجدادكم الأوائل الذين خاب ظنهم فيكم ،عودوا إلى إنسانيتكم.
أيها البيشمركي!! الطاهر بدمائك التي تفوح منها رائحة النعيم ،الممزوجة بعرق جسدك المتعب و بغبار تراب كوردستان المتطاير في ساحة القتال ،أنت و من معك شفعاؤنا يوم لا ظل إلا ظلال دمائكم الشريفة يا شهداء الله على أرضه.
أيها الكورد الحقيقيون!! أنتم أسياد العالم لا يضاهيكم أحد في الشرف و الشهامة سوى جبالكم العالية ،إيمانكم بالوطن هو سر نجاحكم ،قلوبكم التي لا تحمل ذرة حقد و كره هي سلاحكم ،قريبا سينحني العالم بأسره تقديرا و ٱحتراما لكم ،أما أنتم فإن كان إنحناؤكم حتمي فلا تنحنوا إلا لله.
أنا أيها الأمازيغي العاشق المحب لكوردستان!! فلا يسعك سوى أن تترقب خطوات المستقبل متفائلا لها ،ومناصرا لقضيتها و محفزا أجيالها ،ثم تموت على فراش بارد و في قلبك حب لامتناهي أبدي لها.
فأرجوكم لا تنسوا كوردستان.