علي شمدين
من السهولة بمكان ملاحظة تطور الأحداث على الساحة السورية، وتسارعها نحو بلورة مواقف جديدة حول الأزمة السورية التي تعيش عامها السابع من القتل والتشرد والدمار، وآخر المؤشرات في هذا الاتجاه هو ما تمخض عنه اللقاء الذي تم بين رياض حجاب (رئيس هيئة التفاوض)، وعادل الجبير (وزير الخارجية السعودي)، حيث تقرر فيه بأن: ( تستضيف السعودية اجتماعا موسعا للهيئة العليا للتفاوض.. وذلك من خلال تشكيل لجنة خاصة للتحضير لعقده بمشاركة أوسع طيف من الشخصيات الوطنية السياسية والعسكرية والثورية ومن ممثلي المجتمع المدني)، هذا بحسبما جاء في البيان الذي اصدرته هيئة التفاوض بتاريخ (5 آب 2017).
لاشك بأن مبادرة كهذه تعتبر هامة وضرورية لإجراء مراجعة شاملة للتطورات الأخيرة التي شهدتها هذه الأزمة، وإعادة قراءة المتغيرات والمستجدات التي شهدتها مواقف الدول والأطراف المعنية، والتي شهدت خلال السنتين الأخيرتين تغيرات جذرية، وخاصة الموقف الأمريكي والفرنسي والتركي وغيرها من الدول التي كانت تقف حتى وقت قريب في صف ما تسمى بالمعارضة السورية، مطالبة باسقاط النظام ورموزه فانقلبت مواقفها رأسا على عقب لتقف مع النظام في جبهة واحدة في مواجهة منظمة داعش والنصرة وغيرها، وإن ما يجري في جنيف وآستانة والرياض من مؤتمرات واجتماعات إنما تأتي لتوليف ما تبقى من المعارضة بهذا الاتجاه، كما إن مؤتمر الهيئة العليا للتفاوض المزمع عقده في الرياض في اكتوبر القادم، سوف لن يخرج عن هذا الإطار بكل تأكيد.
السؤال الذي لابد من طرحه ها هنا، هو: ماذا عن موقف الحركة الكردية في سوريا تجاه هذه التطورات والمستجدات السياسية الجارية حول الأزمة السورية، والتي تكشف عن تجاهل متعمد للقضية الكردية في سوريا، وتفصح عن تشويه واضح لتمثيل حركته السياسية وتقزيم حضورها في المحافل الدولية وتغييبها عن المشاركة في الجهود الساعية الى حل هذه الأزمة، ترى ألا تستحق كل هذه المتغيرات من حركتنا السياسية العتيدة مراجعة عاجلة وجريئة لمواقفها؟!.
لايخفى بأن المؤتمرات والاجتماعات المتتالية التي انعقدت هنا وهناك حول الأزمة السورية، رفضت إدراج قضية الشعب الكردي في سوريا على جدول أعمالها، وخلت مختلف وثائقها حتى من كلمة الـ(كردي)، ناهيك عن تجاهل وجوده وتثبيت حقوقه كثاني أكبر مكون قومي في البلاد، لابل تمادت قيادة المعارضة المتمثلة حاليا بما تسمى بالهيئة العليا للمفاوضات، والتي بات يتصدرها اليوم الشوفينيين العرب والمتطرفون الإسلاميون، الذين يزاودون على النظام في معاداتهم للكرد والطعن في هويتهم القومية والانتقاص من خصوصيتهم، وبالتالي حصر طموحاتهم في (حق المواطنة)، ليس إلا.
طبعا لاغرابة في التقاء موقف الجهات الشوفينية ضمن صفوف المعارضة والنظام حول معاداة الشعب الكردي وانكار وجوده القومي، لأنها خريجة مدرسة واحدة ، مدرسة البعث المشؤومة، هذه الجهات الحاقدة التي ظلت تعتقد بإمكانية الشطب على هذا الوجود بجرة قلم من دون جدوى، وإنما الغريب حقا هو إنه ما زال هناك من الكرد السوريين لايزالون يراهنون على مواقف تلك الجهات، ويرهنون مصيرهم بمصيرها، وينقسمون على طرفي جبهة الصراع الدائرة التي لم تعد للكرد فيها ناقة أو جمل، سوى إنهم يشكلون غطاء سياسيا مجانيا لتلك الجهات التي تجهد في السير بمخططاتها الشوفينية نحو الشوط الأخير، ولابد لهؤلاء الكرد من أن يستيقظوا من غرورهم الذي بات يدفعهم نحو الانتحار، وأن يستفيقوا من أحلامهم التي لايمكن تحقيقها الا بوحدة صفوفهم حول مرجعية مشتركة وموقف سياسي موحد، وإن ما تمخض عن لقاء حجاب والجبير يعد فرصة أخيرة يمكن الرهان عليها لإعادة قضيتنا القومية إلى موقعها الصحيح إن أحسنا الأداء السياسي المسؤول، وإلا فأن السيل قد بلغ الزبى وعلى قضية شعبنا السلام.
13/8/2017