حول حقيقة الفتاة التي ظهرت مع معراج أورال ؟

عبدو خليل
كثر الحديث مؤخراً حول حقيقة الصورة التي ظهر فيها معراج اورال مع اثنتين من قياديات حزب العمال الكردستاني، حاولت الصفحات الصفراء التابعة للعمال الكردستاني تفنيد الخبر من خلال مسح خلفية الصورة التي تحمل صورة تذكارية معلقة على الجدار تضم اوجلان مع اورال زعيم حركة عجلوجو، وتم استبدالها بصورة للرئيس السوري السابق حافظ الاسد. في محاولة لتمييع القصة أو لأقناع مريدي العمال الكردستاني بأن ثمة شكوك حول الحقيقة الدامغة التي تقودنا لصداقة قديمة جمعت اوجلان مع اورال منذ ثمانينات القرن الماضي، وتلك حقيقة يعرفها الكثيرون، ولم تعد بسر.
من طرف اخر حاولت هذه المكنة الخفية التابعة لإعلام العمال الكردستاني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي طمس هوية الفتاتين اللتين ظهرتا في الصورة، وقيل أنهما من خارج دائرة العمال الكردستاني. كل ذلك من أجل انهاك الرأي العام الكردي، ومحاولة إعادة الثقة بإعلاميي العمال الكردستاني ممن حاول عبثاً التصدي للحقائق الفاضحة عبر الفبركات أو من خلال ممارسة ديماغوجية وجدلية مقيتة حول علاقات الكردستاني مع من تلطخت ايديهم بالدماء، حتى تمر بسلام الزوبعة الشعبية التي استنكرت مزج القضية الكردية في سوريا مع تحالفات تقزم وتشوه جوهر نضالات كرد سوريا خلال العقود المنصرمة، خاصة اذا عرفنا أن اورال ذو تاريخ سيء بالنسبة لعموم الشعب السوري إبان المظاهرات السلمية، والذاكرة الجمعية السورية تحتفظ له بصورة سوداء نتيجة ارتباط شخصه بمجزرة البياضة في مدينة بانياس الساحلية تلك التي لاقت ضجة وتنديداً عالمياً واسعاً.
ربما لن يصدق البعض أن الفتاة التي تمسك بيد معراج في يمين الصورة. أي على يساره وترتدي الاسود هي “لورين” شقيقة السيد جوان ابراهيم القائد العام لقوات الاسايش وهي الاخرى بدورها تتصدر دوراً قيادياً مهماً في  قوات الاسايش بعفرين وهذا ما أكدته أيضاً مصادر على صلة قرابة بالفتاة وأخيها تقيم في اوربا. أما الفتاة الاخرى، هي على الاغلب مسؤولة سابقة في اتحاد ستار وكانت من ضمن منظمة ريباك للعلاقات الخارجية وكلاهما تتبعان للعمال الكردستاني وهي منظمة تدعي الاستقلالية وسبق أن تم طرد كوادرها من اقليم كردستان العراق ليس فقط كون المنظمة كانت بمثابة فرع معلومات تابع للعمال الكردستاني إنما نتيجة علاقاتها مع الحشد الشعبي الشيعي العراقي، وللمنظمة مكاتب عدة في بغداد ومكتب أخر برعاية حزب الله في بيروت.
لكن هذا قد يبدو طبيعياً بالنسبة لمنظومة العمال الكردستاني ولشبكة علاقاته المافيوية لكن المفارقة الحقيقية تكمن في حقيقة أخرى أشد إيلاماً للكرد عموماً ولكرد سوريا خصوصاً، وهي أن والدة جوان ابراهيم ولورين، السيدة أنيسة طوبال والتي تنحدر من إحدى قرى عفرين. كانت قد كتبت رسالة بوح وشكوى للرأي العام الكردي عبر موقع منتدى عامودا قبل عقد ونيف. تشكو فيها تصرفات العمال الكردستاني عندما قام كوادره بخطف ابنها جوان. أسمه الحقيقي نوسي جان، واقتادوه إلى قنديل رغم صغر سنه. ومن يطلع على رسالتها تلفحهُ نبرة الغضب من العمال الكردستاني والممزوجة بالعواطف المفعمة بمشاعر الأمومة إزاء فقدانها لأبنها. تقول الأم في نهاية رسالتها “أخواتي الأمهات, أرجوكم كل الرجاء أن تبتعدوا عنهم. أقولها وبكل كبرياء, هؤلاء هم عصابات ولا علاقة لهم بالتراب, هؤلاء جماعات هدفهم التخريب والدمار، عملهم فقط السرقة من أجل الدفاع عن شخصية عبد الله أوجلان”. 
أي أن العارف ببواطن الأمور يدرك أن المدعو جوان ابراهيم وشقيقته التي ظهرت في الصورة هما مجرد ضحيتين من ضحايا العمال الكردستاني غرر بهما في سن مبكرة، وتلك هي عادة العمال الكردستاني في التجنيد. حيث يتم خطف الأطفال في غفلة عن أعين الأهالي، حتى أرين ميركان التي اختفت في كوباني بظروف غامضة وتحولت إلى رمز لنضالات الكردستاني، تقول والدتها عبر فيلم وثائقي أنها اختفت بعد زيارة احد كوادر الكردستاني لمنزلها.   
خلاصة القول. من المعيب اليوم أن يقوم بعض المثقفين الكرد بممارسة التقية تجاه العمال الكردستاني الذي يقود المجتمع الكردي تحت تهديد السلاح نحو الهاوية نتيجة رعونة تصرفاته وسلوكياته كتاجر شنطة، حيث مازال البعض يقوم بغسل إرثه المثقل بالانتهاكات والجرائم منذ أكثر من ثلاثة عقود بحق كرد سوريا، و لا ندري اليوم ما موقف هؤلاء من رسالة السيدة انيسة طوبال والدة جوان ابراهيم قبل عقد ونيف في ظل استمرار عمليات الخطف والتجنيد القسري بحق اطفالنا وبناتنا، ولم نستطع تفسير صمت هؤلاء عندما كتب احد مسؤولي العمال الكردستاني عن مجموعة من الفتيات الصغيرات قمن بأداء رقصة تعبيرية صغيرة في عفرين وقال بالحرف الواحد وبكل صفاقة. آلا يوجد في عفرين فوط ذو الجناحين، وقتها لم يتحرك ضمير هؤلاء المدافعين عن العمال الكردستاني ولم تدفع نخوتهم لإدانة هذا التعبير الجبان بينما اليوم يريدون تمرير رسالة مفادها أنه من المعيب تداول هكذا صور وحقائق حول صحة الصورة التي تجمع اورال مع قياديات في الكردستاني. يخشى هؤلاء التعبير عن أن العيب الحقيقي يكمن في أن يدفع البعض ببناتنا للوقوف إلى جانب هكذا سفاح. لا وفوقها يستميت هؤلاء من أنصاف المثقفين والاعلاميين القيام بتبرير هذه الصور. من لا يستطيع الدفاع عن سياساته ويقوم بإخفائها عن شعبه يدرك جيداً أنه يمارس العهر بدل السياسة، وتلك هي حال العمال الكردستاني.
 لذا بات اليوم من الضروري القيام بعملية تعرية شاملة لهذه المنظومة المارقة وتحمل المسؤوليات التاريخية تجاه شعب عانى ويلات النظم القميئة، ليدفع بمن تبقى في المناطق الكردية نحو محرقة جديدة أشد فتكاً وارهاباً. حيث لم تعد المسؤولية تقع على عاتق بعض الكتاب والمثقفين الكرد ممن يتصدون لهذه المهمة الشاقة بأدوات بسيطة، إنما يحتاج الأمر لتغيير أليات وأدوات العمل السياسية والاعلامية للقيام بحركة كردية شعبية تجتث هؤلاء وترمي بهم خارج سياقات التاريخ الكردي، حتى لا نتحامل مجدداً على التاريخ ونتهمه بالتخاذل. 
————— 
أدناه نص رسالة والدة لورين ” أنيسة طوبال” مع الرابط:
نداء من أم كردية تبحث عن ابنها 
  أنيسة طوبال – سةري كانية 
نظراً لعدم وجود وسائل إعلام تهتم بأحوال العائلات التي اختطفت فلذات أكبادها من قبل جماعة الـ (PKK)، فقد وجدت من خلال هذا المنبر/الموقع متنفّساً لأعبر عن همومي وأحزاني ، وأرجو أن يصل ما أكتبه إلى جميع الأمهات كي يبادروا في إيصال معاناتهم إلى الناس في كل مكان … 
تزوّجت وأنا في الثامنة عشرة من عمري ، بشاب يبعد عن محافظتي مسافة (400كم) أنجبت منه طفلين (نوسي جان و لورين) ، والظروف الماديّة كانت صعبةً وقتذاك مما اضطرّني إلى العمل خارج البيت كمدرّسة لتوفير حياةٍ أفضل للولدين ، تحملت الكثير من أجل أولادي فالبيئة المختلفة والوضع المادي الرديء جعلتني أرتبط أكثر بالأسرة. 
حكايتي تبدأ الآن وسأرويها باختزالٍ شديد وعفويّة: 
عدت ذات يوم من عملي وكان نوسي جان في السادسة من عمره ولورين في الخامسة ، حين استقبلت شاباً وفتاة لم يبلغوا الثامنة عشرة من عمرهما تحدثا كثيراً عن الوطن والوطنيّة وقالوا أنّهم من كردستان تركيا ، توالت بعدها زياراتهم لنا ولم نقصّر معهم في شيء , فقد كنت أقدّم لهم المساعدات الماديّة (بما تيسّر) والطعام ومكاناً للراحة. كما أنني اشترطت أن لا تكون لهم علاقة بالصغيرين. توالت الأيام واندست جماعة الـ (PKK) بكل خبث بين الأولاد ولم أكن أتوقّع أنّهم سوف يسيطرون على عقول أولادي. 
لن أطيل عليكم كتابتي بل أقول لجميع الأمهات الكرديات , الحذر ثم الحذر من هذه الجماعة لأنهم لا علاقة لهم بالوطن والوطنية سوى الكذب والنفاق. 
أخواتي الأمهات, أرجوكم كل الرجاء أن تبتعدوا عنهم. أقولها وبكل كبرياء, هؤلاء هم عصابات ولا علاقة لهم بالتراب , هؤلاء جماعات هدفهم التخريب والدمار , أنهم ينتشرون بين الأكراد لا يملكون شيئاً سوى البحث عن الطعام , مشردون في شوارع البلدان يخافون كثيراً من الدخول إلى كردستان.عملهم فقط السرقة من أجل الدفاع عن شخصية عبد الله أوجلان. 
أقولها وبكل كبرياء أنا أم اللا مناضل نوسي جان ,أنا أم الضائع نوسي جان الذي حطم أسرته وباع حقه وخان عشيقته وترك دراسته وهو دون الثامنة عشرة من عمره. نعم أنا أنيسة أم نوسي جان , قريباً النصر لجميع الأمهات الكرديات. 
ولأن أبحث عن وحيدي نوسي جان لا أعرف عنه شيئاً ولا أدري أين هو. أي نظام في العالم يقبل هذا الشيء ؟؟ 
أبحث عن عنوانه , أريد أن أسمع صوته , أتعذب كثيراً في هذه الحياة من أجل أن أرى مرة واحدة وحيدي نوسي جان .
 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…