ذاكرة مكان إسمها قرية زركا – عفرين

كمال أحمد 
 الكبار يموتون … والصغار ينسون …أمام هذه  الحقيقة المهددة للذاكرة الجماعية، ليس بالإنحسار فحسب ، بل حتى  مشارفتها تخوم  الإندثار، لأنّ توثيق ذاكرة المكان، هو جزء من توثيق ذاكرة الزمان ، وهو توثيق الأحداث خلالهما، أي و كما هو المتعارف عليه ، بأن التاريخ  بمفهومها العام ، يتألف من عناصر  ثلاثة ، هي  الزمان …والمكان …والحدث الذي وقع خلالهما، هذا التاريخ الذي يصنعه ، الإنسان المرتبط بالمكان ، خلال فترة من الزمان ،وهذا التاريخ، و الذي على ضوء مساره وحركته، الذي عادة مسطرة ومعيار تقاس عليه، تطور ، ونشاط، ومنجزات، لأي مكون إجتماعي ، أو لأي شعب من الشعوب، ومقدار الكم والحجم الذي ساهموا فيه ، في إغناء وإثراء الحضارة البشرية ،وزركا ، هذه القرية الوادعة، التي أطلنا على إشراقات الحياة الأولى ، بين أحضانها ، وبمحاولتنا الإضاءة عليها، وإستنطاق وعصف ذاكرة ، كهوفها ، ووديانها ، وأوابدها، والأجيال الذين توالوا، على إعمارها وتطويرها، خلفاً عن سلف،
ومنذ مئات السنين ، هذه الإضاءة  وهذا الإستنطاق  للذاكرة المكانية ، بكل موجوداتها وتكويناتها ، ماهي إلآ تعبيراً، عن إيقاظ وإحياء ، وتشخيص ، معالم  وأحداث ، تعبر ، وتعتبر، مثالاً وأنموذجاً، بشكل ما، وإلى حد ما، لمعظم القرى والأوابد  والموائل العفرينية ، وفي هذا المقام ، وحيث أن هناك بعض الأمثال والحقائق  منها ” الإسم يدل على المسمىّ ” حاولت القوى  المحتلة  لجغرافيات كردستان ، على مر العصور ، تغيير وإستبدال اسماء الأماكن ، والأوابد، وحتى الأشخاص ، عندما منعت سلطات وزارة الداخلية السورية ” الأحوال المدنية والنفوس” من تسمية المواليد بأسماء كردية ،( وكانت معاملة تسجيل المواليد لدى دائرة الأحوال المدنية ،  وخاصة في منطقة الجزيرة السورية، قد تستغرق  ما يقارب سنة كاملة ، هذه المعاملة التي كانت تحال إلى الفروع الأمنية، لإعتمادها وموافقتها ، وكأنّ تسجيل وليد  حديث يشكل خطراًعلى الأمن القومي السوري)، كل ذلك ، كان سعياً من السلطات المحتلة لهذه الجغرافيات ، من خلال هذه الممارسات ، وتغيير الأسماء ، هو طمس الهوية القومية للكرد على أرضهم التاريخية ، ويمكن الإستدلال على ذلك ، وهي غيض من فيض، من الممارسات العنصرية ،  سواء  التتريك ،من قبل  السلطات الطورانية العثمانية، في العصور الماضية ، أو التعريب من قبل  سلطات ما بعد الإستقلال  والإنسحاب الفرنسي، وخاصة بعدقيام  دولة الوحدة السورية – المصرية  ثم متابعة النهج، بعد  تسلّم الرفاق السلطة في سوريا،  و الجدير ذكره في هذا المقام أيضاً، أنّ أول من أمر بتعريب جميع الأسماء في سوريا الحالية، هو الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان (  685م  – 705 م ) وفي هذا المقام ، يجدر بنا أيضاًالإشارة إلى الموقف الإيجابي لبعض المتنورين ، حيث: يذكر العلامة الحلبي خيرالدين الأسدي في “موسوعة حلب المقارنة، المجلد 4،ص 132،: حيث يقول : دعيت للاشتراك في تعريب الأسماء من قبل سلطات وزارة الداخلية السورية ،  كما فعل الاتراك في تتريك الأسماء غير التركية،فاعتذرت، وقلت بأن هذا عبث بالحقيقة وعمل الأتراك جهالة، ولا تقابل جهالة بجهالة، وفيما يلي بعض الأمثلة ، على تتريك وتعريب  الأسماء الكردية ، لإخفاء وإنفاء  وطمس،  الهوية ، والتاريخ :


الإسم الكردي

الإسم التركي (العصر
العثماني)

الإسم العربي في ( عصر
الرفاق )

كندي قاسم
Gundî Qêsim

جتل قوي

البئرين

كندي بيكي Gundî Bêkê

بيك أوبسي

أوبه

بيباكا Bîbaka

بيباك أوشاغي

الطفلة

كندي بيلهGundî Bêlê

بيلان كوي

بيلان

خليلاكا Xelîlaka

خليلاك أوشاغي

الخليل

كندي ديكيGundî Bêkê

ديك أوبسي

الديك

قورطا Qurta

قورت أوشاغي

هوزان

كندي بقجةGundî Bêxçe

بقجة قوناق

 باقجة

خلالكاXilalka

صولاقلي

المروية

Sêwiya  سيويا      

أوكسوزلي

اليتيمة

كندي كرّيGundî Kerê

صاغرأوبسي

صاغر

عمرا Omera

عمر أوشاغي

عمر

معملاMe””mila

معمل أوشاغي

المعامل

كندي شيخ Gundê Şêx

شيخلر أوبسي

الشيوخ

كندي جيGundî Çiyê

داغلر أوبسي

الجبلية
1 – والإضاءة الأولى ، ستكون على جبل بلال ( جاي بليل )  Çiyayê iBilêl –  الذي يحتضن زركا في حضنه  وسفحه الشرقي ،  وسمي هذا الجبل بهذا الإسم ، تيمناً بإسم الصحابي بلال الحبشي ( مؤذن الرسول) ويبلغ إرتفاعه  1105 م  عن سطح البحر ، وتوجد على قمته آثار قديمة وكهف عميق ، و تعرف بمزار بلال الحبشي، وهذا الكهف شاقولي في الأرض، فتحته دائرية قطرها حوالي 6 م، وعمقه حوالي 8 م، وفي الجهة الجنوبية من قاع هذا الكهف ، سرداب عميق، يعتقد الناس أنه يصل إلى مكة المكرمة!!،كما أنّ بعض الزوار ، كانوا يرمون بعجينة،  يصنعونها من تراب قاع الكهف ، ‘الى سقفه ، فإن علق بالسقف ، كان يبعث ذلك على التفاؤل ، وطيب الحظ ،وتحقق المراد ، وكان المزار فيما مضى ،مهماً لدى سكان قرى المنطقة، يأتون إليه في أوائل الربيع ، وفي سنوات الجفاف لإستجداء المطر والإستسقاء،ويقدمون عنده الأضاحي ، ويمارسون بعض الطقوس ، سعيا لتحقيق الإستمطار.
 وفي محيطه تستوطن سلالات وأحفاد ثلاثة عشائر كردية ( ويمكن القول ، بأنّ العشائرية تلاشت في منطقة عفرين) وهم عشيرة ” آمكان ” في محيطه الشرقي  ، وعشيرة” الشيخان” في محيطه الغربي، وعشيرة ” بيان ” في محيطه الشمالي، أما القرى التي تسكن وتقيم في سفوحه ،فهي قرية زركا ،Zerka وبإتجاه الغرب ، يليها قرية جوباناÇobana، ثم يليها ، عبولرا Ebulera، ثم يليها ، جرخيتا ،Çerxûta ويليها  كورا،Kûra بعد ذلك، كندي هوليلي،Gundî Holîlê يليها كندي حج خليلĤec Xelîl ، ثم  بلدة رجو Reco،  هذا على سفحه الشرقي والغربي ، أما على سفحه الشمالي وبإتجاه الشرق  ، تقع  قرية جنجليا Çençelî،يليها قرية جقماقا جوجك ،Çeqmaqê Çûçik يليها علندارا Elendara
وعلى السفح الشمالي- الشرقي  لهذا الجبل ، يرتسم وادياً عميقاً،  بطول  ما يقارب 3 كم  ،يسمى ” كليه آقوبي ،ê Gelyê Aqûb وعلى طرفه الجنوبي ، المحاذي لهذا الوادي ، هناك ريف صخري ، يسمى ” بنا قركي ” Benê Qirkê   حيث كان الغراب يقيم أعشاشه ،وعلى الرابية الواقعة في الجهة الشمالية للقرية والمطلة على زركا ، يتربع ما يسمى ب ”  كفري بل ” kavry bel “ ليطل عليها بشموخ ،وعلى  الجهة الجنوبية – الغربية ، من” بنا قركي ” Benê Qirkê   ، بإتجاه بيوت قرية زركا ، كان يوجد مغارة صغيرة  تسمى ( كومي نبك )  نسبة إلى راعي القرية  العازب  السيد” نبو ” حيث كان يقيم ، فيها إلى الخمسينات من القرن الماضي ، حيث توفاه الله، وكان يلقب  ب ( نبك – تصغيراً) وفي الجهة المقابلة لهذا الريف الصخري ، هناك مغارة فتحتها بإتجاه  الجنوب-  الغربي تسمى  ” قلا خنتي ”  qula xenty وعلى مسافة ما يقرب ، 1.5 كم بالإتجاه الشمالي، من هذا الكهف ، يقع على قمة هذا المرتفع ، ماسمي ب ” كلوشك ”  ” Pozê Keloşkê أي” قليعة “، أي تصغيراً  لعبارة قلعة وبالكردية ” كلا ” وهناك من يعتقد أنها ، كانت عبارة  عن مرصد لإرسال الإشارات الضوئية بواسطة النار ، خلال الحروب والغزوات ، في القديم والسالف من الزمان ، وفي الطرف الشمالي – الغربي من هذه القليعة ، كان هناك تجويف أرضي تتجمع فيها المياه ، وكانت تسمى ” كولا وحشا ” وفي الجهة الغربية من هذا الموقع ، وفي نهاية ” كليه آقوبي ” هناك تجويف أرضي آخر، يسمى “كولا هوبر،”     Gol Hopir وفي الجهة الشرقية من هذا الموقع ، هناك تجويف صخري ، تتجمع فيه مياه الأمطار ، يسمى ” كول تعطه ” ، وهناك على السفح الشرقي لجبل بلال ، المطل على قريتي “عبولرا” ، وجوبانا، تجويف صخري آخر ، تتجمع فيه مياه  نبع صغير إضافة إلى مياه الأمطار ، ويسمى” كولا آقوبي”  ، Gol Aqûbê
 أما  على السفح الشرقي  من ” كلوشك ”  ” Pozê Keloşk ، هناك الموقع ( والمسمى Enya Zinêr) وعلى الضفة الغربية من   كليه  جرقا ، Cirqa Gelyê ،وعلى  تقاطع الطريق العام ،  المتجه إلى كل من ،  دشتي جامييه  ، والميدانيات (ميدانا ) ، والآخر المتجه إلى بلبله،  هناك مايسمى  ( صهريج الماء الخيري أوما يسمى ب ” السبيل ”  ) وهو عبارة عن خزان أرضي تم حفره وتجهيزه من قبل السيدين المرحومين  ( إحمو رشيد إحمو ، وشيخو تاوود)  وعلى نفقتهما  الخاصة ، وكلاهما من قرية” زركا “، وذلك لتخزين مياه الأمطار ، لتستخدمها السابلة ، من مستخدمي هذا الطريق، وعلى الجهة المقابلة  لهذا الصهريج ، وعلى الضفة الشرقية ،  من كلي جرقا ، موقع يسمى  ” أوجاقي كريجي ” أي أتون صناعة الكلس، ( حيث كان تجمع الصخور الكلسية ، و يشعل فوقها النار لشويها ثم  طحنها فيما بعد   ، مستخدمين الأحطاب  السنديانية  من الغابات المجاورة ) وهو مهجور الآن ،  ومن المعروف أن الكلس كان يستعمل في البناء في العصور الماضية  قبل ظهورمادة  الإسمنت ) ، وفي الجهة الشمالية من أتون الكلس هذا ،  Cirqa Çiyayê  وبإتجاه   قمته المسماة أيضاً هناك ” Sincikهناك ريف  صخري يسمى Bena Kurdê ،وهناك مجرى الماء الشتوي الذي يجاري ويحاذي  السفح الشرقي ل Çiyayê Cirqa  ، ويسمى”  كلي سنجك ” gely sincik  مخترقاً قرية كورزيل kurzêl   بإتجاه الجنوب الغربي ، ليلتقي مع مجرى ، Cirqa Gelyê عند مزار ما زال يحتفظ بسندياناته المعمرة ، العتيقة ، ويسمى dewsa  aly حيث  ترقد صخرة ، ما زالت تحتفظ بآثار قدم  محفورة فيها ، يعزوها ،  ويعتقد سكان المنطقة وينسبونها إلى الخليفة علي بن أبي طالب 
2 – تاريخ النشوء والإعمار : يعود الإستيطان في هذا الموقع المسمى ” زركا ”  Zerka لفترة تزيد  عن مئات السنين  (منذ الخمسمئة سنة على الأقل تقريباً  ) ، كما يقدرها المعمرين من سكانها ، وسكانها ينتمون إلى  عشيرة كردية  كانت تستوطن في مناطق من  ضواحي و حول بدليس / (كردستان  تركيا) ليرخ، ص 49 /. وكانت لهم، إمارة تسمى “زراكي – زريكي- زرقي” في ماردين . وأسس هذه الإمارة الشيخ حسن ، ، وظهر من سلالته أربع أسر حاكمة، إحداها كانت تسمى درزيني ، يقال أن لها صلة بالديانة الدرزية ومؤسسها إسماعيل الدرزي، وأنه من مواليد الإمارة ،  وحكمت تلك الأسرة في عهد العثمانيين /أمين .زكي، ج 2، ص 375
أما الأوائل من الأشخاص والعائلات ، الذين قدموا وإستوطنوا فيها وفق المصادر التاريخية  ، وذاكرة المعمرين من أهالي القرية ،والذين تم التمكن من توثيقهم ، هم : 
a) –   عائلة ”   طانه  ”  اي ” العجل ” بالكردية ، ويقال أن السيد طانه  ، كان يملك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ، و يقال ، كانت له إبنة وحيدة ، سترثه فيما بعد ، ولكن لم يقدم على خطوبتها احد من سكان القرية ، لأنها لم تكن جميلة بما فيها الكفاية ،  ونكاية بهم ،قام  بوهب ملكيته لهذه االأراضي ، للآغا ” ديلي خليل ” من وجهاء عائلة  ” حج أومرلي في قرية ” إيكي دام ” وتقع الآن بالقرب من كليس في كردستان تركيا ، ونظراً لبعد المسافة بين إيكي دام حيث يسكن الآغا  وبين زركا ، وصعوبة إستثمار هذه الأراضي التي كانت تتجاوز مساحتها آنذاك ” الأربعون  هكتاراً” أقدم  ديلي خليل لبيعها للسيد حنان ديكو شقيق  سيدو ديكو آغا  من قرية Gundî Qêsim 
b) – عائلة ” خلاتي ” لم يكن له خلفة  من الذرية 
c) – عائلة ”  توسن ”  ولم يكن له خلفة من الذرية 
d) – عائلة ” ناصر ” وفيما يلي شجرة التسلسل  العائلي لآل ناصر ، والتي صممها 
المهندس المعماري  شيركو شيخو  رشيد ”  إحمو”   وبالتعاون مع 
محمد نجم الدين ” إحمو 
”  والتي تعتبر المكون الأساسي لسكان ” زركا ” الحالية ” وكان لناصر هذا ثلاثة 
أولاد هم ( خليل  والملقب ب خلوزو والثاني يدعى محمد ولم يخلفه أحد من الذرية ، 
  ، والثالث يدعى خالد) ومن نسل وسلالة كل من خلوزو  وخالد  تكونت مجمل 
العائلات  الزركية ، وينتمي إلى نسل خلوزو إبن ناصر ، كل من العائلات التالية 
وهم 1 ) ” عائلة إحموي شيخه ”  من إبنه شيخو إبن خلوزو بن ناصر( يعتقد أن والدته * زوجة شيخو بن خلوزو * كانت شقيقة طانه السالف الذكر  ، وزوجته من عائلة زيدان ” زيزي ” )، أما من نسل محمد إبن خلوزو بن ناصر ، فكانت  عائلة1) ” إيحميه ”  من ولده  أحمد بن محمد بن خلوزو بن ناصر ،  2) ” وعائلة شيخو  ” من ولده شيخو بن محمد بن خلوزو بن ناصر ، 3 )  ” وعائلة مسطو، أو مستكولو ” من ولده مصطفى بن محمد بن خلوزو بن ناصر 
أما من خالد بن خلوزوبن ناصر ،  الذي كان له ولدان  هما حموش وعثمان ، تفرعت عن ولده حموش عائلة حموش وسميت فيما بعد ، 1 ) مالباتا قادر نسبة إلى قادر بن حموش  ، أما من ولده عثمان تفرعت عنه عائلة عثمان ، وسميت فيما بعد 2 ) ” مالباتا حبي مسطو” 
E ) – عائلة زيدان  أو مالباتا ” زيزيه ) أو”  مالباتا زيدين ” 
F ) –  عائلة داوود أو مالباتا ”  تاوود ” والتي وردت الى القرية فيما بعد
G ) – عائلة عمجوزيه ، أو مالباتا عمجوزيه، والتي وردت الى القرية فيما بعد 
H ) – عائلة محيه  أو”  مالباتا  محيه ” وينتمي  بأصوله  إلى عائلة ” عل كاور”  التي وردت الى القرية فيما بعد، من قرية  كلا Kêla وتحديدا من jery    Kêla أي كيلا التحتاني  التي غادرها نتيجة ، خلاف بينه وبين عائلتي، ” عل كاور ”  و محمدي بله زبه ” حيث  سكن في قرية جوبانا  أولا،ثم  إنتقل إلى زركا حيث  قدم ” إيحمي شيخه ” للسيد ”  محه ” ولعائلته منزلاً كان قد ورثه من خاله ”  المدعو ” طانه ” السالف ذكره 
I )- عائلة عفدي كور  ، أو مالباتا عفدي كور  ، التي وردت إلى القرية فيما بعد، ويعود بأصوله إلى عشيرة روباري في محيط قرية أبين ، وكان يعمل في مجال النقل بواسطة الجمال آنذاك ما يسمى ” دفجي ” devecy 
3 )  –  التعليم وبداياته  في زركا : يمكن القول بأن الرعيل الأول من  المتعلمين ، من أهالي القرية ، كان عدداً محدوداً ، بدأوا في بداية الثلاثينات من القرن العشرين ، عندما إلتحقوا بمدرسة الشيخ ” رشيد كدرو ” الذي  قدم من قريته ”  إبين” الروبارية  إلى قرية ” علندارا”  وإفتتح فيها مدرسة لأهل المنطقة ( و كان الشيخ رشيد كدرو قد تخرج من مدارس كليس العثمانية  عام 1900 م  وكان  التعليم فيها يتناول، العلوم الدينية  والفلكية وباللغات  التركية والعربية والفارسية ) وممن إلتحقوا من أهالي القرية بمدرسة الشيخ  رشيد كدرو ، يمكن ذكر كل من ، محمد رشيد إحمو الملقب ب (حمدو) ومحمد خليل عبد القادر الملقب ب ( كيلو ) ، وأحمد مصطفى والملقب ب (روطو) وشيخو رشيد إحمو، 
كما قدم إلى القرية فيما بعد  وفي  أواخر الأربعينات من القرن العشرين ،”  الشيخ حنان”  ،   والملقب ب ( خوجه روباري ) حيث إفتتح مدرسة  ، وكان مقرها  في ( ماغا كوندره ) المجاور لمنزل  حسن أحمد  والملقب ب ( “حسي إيمي “وأيضاً” حستوب” ) ويمكن إيراد ممن  إلتحقوا بهذه المدرسة ، كل من معمو بلال والملقب ب ( معمي بله ) ، وخليل عبدالقادروالملقب ب ( خله كيلو ) وبلال محمد والملقب ب ( بله ريجه ) وعبد الرحمن حبش والملقب ب ( رحو حبّل ) وعبد الحميد عثمان والملقب ب ( حمه أوسو ) وأيضاً عدنان  عبدو والملقب ب ( عدو )   من جوبانا ، وفي  هذا السياق يجدر ذكر ، ما كان يتعرض له ( عدو ) هذامن ممارسات عنفية من قبل الشيخ حنان ، الذي كان يتسم  بالجدية ، في التعليم ، ولجوئه إلى العنف الجسدي تجاه من لا يستوعب الدروس بالسرعة المطلوبة  من التلاميذ ( وكانت القاعدة المتبعة والعقد التعليمي غير المكتوب ، بين أولياء التلاميذ ، والشيخ حنان ( هواللحم للشيخ حنان ، والعظم لأولياء التلاميذ ، أي التفويض  بممارسة العنف  كما يشاء  _ هذه القاعدة التي تسلب حق الإحتجاج من أولياء التلاميذ، على الضرب الذي كان مبرحاً في أغلب الأحيان ) لذلك أقدمت والدة ( عدنان ” عدو ” وكانت تدعى  ” زينا عفده ”  ) الذي كان يتعرض للضرب المبرح ، أغلب الأحيان  ، بأن كانت تلبسه تحت ألبسته الداخلية ، فروة الخروف ، لكي تخفف عنه آثار الضرب اليومي من قبل الخوجة ( الشيخ حنان )
كما أن السيد خليل علي ، والملقب ب ( خليلي علي خوجه ) من قرية خلالكاXilalka وكان من نشطاء الحزب الشيوعي آنذاك ، قدم إلى زركا، وإفتتح أيضاً مدرسة يمكن القول أنها مدرسة صيفية ، حيث كانت مقر المدرسة عبارة عن ما يسمى ” هولك ” أي أنّ جدرانها  وأسقفها كات مشادة من أعمدة  وأغصان الأشجار ، وأقامها بداية بالقرب من منزل السيد حسن عمجوزو ( حسي عمجوزي )  ثم إنتقل إلى موقع جديد بالقرب من بئر جوبانا ( بيري جوبانا ) وأقام ( هولكاً جديداً ) تحت شجرة سنديانة كبيرة ، وكان يرد اليه التلاميذ  من القرى المجاورة ، مثل جوبانا وكندي قاسم وغيرها ، وإنتقل بعدها إلى قرية زركا مرة أخرى ، عندما ،تبرع له السيد أحمد مصطفى ( أحمد روطو ) بمنزله الذي كان قيد الإنشاء  آنذاك 
أما بداية التعليم الحديث في زركا ، كانت عبر  الخطوة التي أقدم عليها مختار القرية آنذاك ، محمد رشيد أحمد والملقب ب ( حمدو رشي إحمو) وكان من الذين تعلموا على إيدي الشيخ (رشيد كدرو في علندارا باللغات الثلاثة ، أي العربية  والتركية  والفارسية ، أي كانت الجملة الواحدة  يتم تعليمها باللغات الثلاثة ،   وكان يردد  كثيراً هذا المثال  على ذلك ، فبالعربية ” أكلت التفاح ، وبالتركية yedim  alma    وبالفارسية sevim xordim )  وكان حمدو يعتبر من المتنورين ،فبالإضافة إلى شغفه  وإهتمامه  بالتعليم ، وإمتلاكه مكتبة صغيرة ، مؤلفة من كتب الفلك ، والشعر الصوفي ، وغيرها من  الكتب الأخرى ،  وكانت باللغة التركيةالقديمة أي بما يسمى ب ( إسكي ترك ، أو العثمانية)، أيضاً كان له نشاطات أخرى ، حيث جلب إلى القرية ، وزرع نوع و صنف من العنب الأمريكي ، المقاوم جذوره  لمرض ” الفلوكسرة ” الذي قضى على كروم العنب في منطقة عفرين ، كما أنه كان يزرع  شجيرات ما كان يسمى ” كلي رزا gula reza وكان يصنع من بتلاتها  شراب الورد ، وكذلك مربى الورد ، كما أنه أيضاً من الأوائل الذين زرعوا محصول الكمون في أرضه الواقعة في منطقة ” كلي بزيه” gely  bizye،كما أنه من الأوائل الذين ، جلبوا إلى القرية حاضنة  مدجنة،  تتسع  لأربعمئة بيضة  ، تعمل على لمبة الكاز ” نمرة  4 ” لتفريخ الصيصان ، كما أنه  قام بتعبيد الطريق المؤدي الى القرية ، من جهة “بيري جوبانا ” وذلك بتضافر جهود أهل القرية وتعاونهم  ، وكان يتسم بالكرم ، حيث كان بيته مقصداً للكثير ممن، كانوا يسمون بالدراويش من أهالي المنطقة ،وكذلك أي كان ، ممن يبحث  عن طعام أو مأوى،  ولكن ما يهمنا في هذا السياق ، هو الجانب التعليمي، حيث إستطاع بناء مدرسة حديثة في القرية  ، وكانت تعتبر المدرسة الحديثة  الأولى في المنطقة، بجهود أهل القرية جميعا ، وكان البناء مؤلف من غرفتين كبيرتين ، الأولى كقاعة للتعليم  ، والأخرى   كمقر لسكن معلم المدرسة، وكان ذلك عامي 1951  – 1952 م  وبعد الإنتهاء من اعمال البناء ،تقدم بالطلب  لوزارة المعارف السورية لإرسال معلم للتدريس فيها ،  وبعدها تكفل بمجمل ومعظم  الخدمات التي يتطلبها إقامة المعلم من مأكل ومشرب ، ومسكن ، وكان هناك  تضامن من أهالي القرية ، وقدتم تقاسم هذه الخدمات من قبلهم فيما بعد، وكان التدريس يشمل بداية ،على الصفوف الأول والثاني والثالث الإبتدائي ، وكان يتوافد عليها التلاميذ من جميع القرى المجاورة ،حيث كان  المعلم الأول الذي أرسلته وزارة المعارف، هو (سميح إبراهيم نسيم  ، من قرية عين العجوز ،في وادي النصارى التابعة لمحافظة حمص ، وكان المعلم الثاني هو ( جميل القاضي ) من معرتمصرين التابعة آنذاك  لمحافظة حلب ، والآن لمحافظة أدلب، وكان المعلم الثالث هو ( نصرالدين  الماغوط من بلدة السلمية  التابعة لمحافظة حماه )، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المعلمين الثلاثة كانوا من أنصار الحزب الشيوعي  الذي كان في أوج نشاطه آنذاك أي من بداية الخمسينات لحين قيام الوحدة السورية – المصرية في 22 / 02 /1958 م ، حيث كانوا يعتبرون أنّ مهمة التعليم في مثل هذه المناطق النائية ، والتي تتطلب تحمل الظروف الحياتية  غير المواتية ، هي  تضحية ورسالة. 
ثم تم إنشاء وإقامة مدرسة إبتدائية حديثة من قبل وزارة التربية السورية،  في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وتشمل الدراسة فيها كامل المرحلة الإبتدائية ، ومن الصف الأول إلى الصف السادس الإبتدائي. وهنا تجدر الإشارة إلى السيد حنان حسين وكان يلقب ب ” حن كلوك ” أو حني كوته ،  بأنّه  من الأوائل الذين حازوا على شهادة الدراسة الثانوية في الخمسينات من القرن العشرين  على مستوى المنطقة ، (وكان من النشطاء في صفوف الحزب الشيوعي في منطقة عفرين ، والذي كان يهيمن على الحياة السياسية آنذاك، خاصة ، قبل ظهور حزب البارتي الكردستاني عام 1956 م)، وكان يتسم بالجرأة والشجاعة ، وكان في صراع طبقي دائم مع أغوات المنطقة أصحاب السطوة والسلطة حينذاك، وخاصة مع فائق آغا من عائلة شيخ إسماعيل زاده ، من قرية ديرصوان ، الذي كان نائبا في مجلس النواب السوري آنذاك ،
 ولكن الآن هناك الكثير من أهل القرية الذين تخرجوا من الجامعات في الإختصاصات المختلفة ، منهم في الطب البشري ، وطب الأسنان ، وهندسة العمارة ، والهندسة المدنية ، والهندسة الكهربائية ،  وهندسة السدود ، والإقتصاد ، والمحاسبة ، والآداب بأقسامها المختلفة مثل ، الأدب العربي والأدب الإنكليزي ، والأدب الفرنسي، والرياضيات ، والحقوق ، والكيمياء الحيوية، وغيرها من التخصصات الأخرى .
4) – بداياتي ورحلتي مع التعليم ( كاتب هذه السطور) ولعل لإستعراضي لرحلتي الدراسية إنما هي للإضاءة على الظروف التعليمية  غير المواتيه ، خلال فترة الخمسينات وما تلاها  والتي عانى منها  الكثيرين من جيلي ، ولعلها تعبر عن لسان حال ذلك الجيل ، خلال  تلك الحقبة الزمنية ،  
والبداية هي كانت ، حرص والدي ” حمدو رشي إحمو ” بعد أن أنجز إقامة المدرسة ، بتضافر جهود أهل القرية وتعاونهم ، حرص أن ألتحق بالمدرسة الوليدة ، مع زملائي من التلاميذ من الرعيل الأول من روادالمدرسة، بالصف الأول الإبتدائي ، عام 1953 م  وبعد الإنتهاء من الصف الثالث في مدرسة زركا ، إنتقلنا لدراسة الصف الرابع في  علندارا لدى السيد  ” محمد عليكو ” وإستضافني للإقامة عنده  السيد ” رشيد ميرمي ”  وهو خال والدي ، وفي  عام 1957 م ، إفتتح السيد ” محمد حبش ” من قرية خلالكاXilalka وكان يلقب ب ” قطو ” لقصر قامته ،  مدرسة في قرية بلاليكو Gundî bilelko  لتعليم التلاميذ الراغبين بالتقدم لإمتحان الشهادة االإبتدائية والتي كانت تسمى ” السرتفيكا ، حيث كان الصف الخامس ، هو نهاية المرحلة الإبتدائية ، وألحقني والدي بها ، وإستضافني السيد ” حسوي زلفي ” من قرية بلاليكو ، للإقامة  في منزله ”  طيلة مدة الدراسة ،والتي تبعد عن زركا مسافة تزيد عن 15  كم ، والذي كانت تربطه صلة قرابة بوالدي ، وبعد أشهر قليلة ، وتحديداًفي 22/  شباط / 1958 م  تم الإعلان عن الوحدة السورية – المصرية ، والذي كان الهدف منها ، وفق رؤية الرئيس السوري  آنذاك  شكري القوتلي ، هو قطع الطريق أمام النفوذ السوفيتي  ، والخوف من نفوذ الحزب الشيوعي السوري ، والذي سموه ب ” المد الأحمر ” وحيث أن السيد محمد حبش ” قطو ”  مدير المدرسة،  كان من نشطاء  الحزب الشيوعي السوري ،فقد جاءت دورية من  المخابرات ،( وكانت تسمى الشعبة الثانية)، بعد فترة شهر من قيام الوحدة للبحث عنه ، أي في شهر آذار 1958 م ، وتوارى  السيد محمد حبش ولم تستطيع الدورية القبض عليه ، وبعد مغادرة الدورية ، جاءنا ليبلغنا أنه لايستطيع  الإستمرار، خوفا من القبض عليه ، وبذلك عدنا وزملائي كل إلى بيته ، دون إتمام  التحضيرات المطلوبة للتقدم لإمتحانات السرتفيكا ، 
وفي السنة التالية أي عام 1959 م ، إفتتحت دولة الوحدة  مدرسة في الميدانليات ” ميدانا ” بإسم مدرسة” شيخ محمدلي ” حيث إلتحقت بالصف الخامس الإبتدائي مرة أخرى ،ولبعد المسافة عن زركا ، إستضافني السيد ” مسلمي خاته أو خاتكي  ” من قرية كوسانلي ،وله صلة قرابة بوالدي أيضاً ، وحيث أننا مازلنا في أقبية الذاكرة المكانية ، لا بأس من إيراد بعض الصفحات من الظروف غير المواتية حينذاك وفي هذا السياق ( وحيث أنني كنت مقبل على المشي  يومياً من قرية كوسانلي حيث إقامتي، إلى المدرسة  في”  ميدانا ” ولمدة ساعة ونصف لكل  من الذهاب  والإياب  ، أرسلني والدي إلى كيلانلي kela حيث ” الإسكيفاتي  أو ” كوشكار ” ” خليل دادو أي”  خله دده ” لإصلاح حذائي ”  وكان آنذاك  ” فيلر سور ”  حيث قام بتفصيل قطعة سفلية لها تسمى ب ” الضبان “من إطارات السيارات المستعملة  ” وخاطه بالخيوط المدهونة بشمع النحل ، ليضفى عليها المتانة والمقاومة للرطوبة والتلف ، وبعد عودتي  ، وفي اليوم التالي ، رافقني عمي  ” إيحمو رشي إيحمو ” بإتجاه قرية كوسانلي ، وبعد مسافة قصيرة ،  تقارب  بعض الكيلومترات، بدأت المعاناة مع الجروح  في قدمي ،التي سببتها ” القطب ” الغليظة للخيط المدهون بشمع النحل ، والذي أصبح بقساوته يشبه  السلك المعدني ،  التي خاط بها الضبان  المعد  للجهد العالي hevy duty ، في المشي على الطريق الوعر  ” وفي أجواء طقسية ومناخية قاسية   ” إضطررت إإإلى خلعه والمشي حافياً ، إلى أن وصلت إلى بيت مضيفنا  في كوسانلي أشار إلي عمي تلافياً للإحراج  الذي قد يسببه رؤيتي حافياً ،  فإحتذيته  لدى دخولي الى بيت المضيف ،” ساعات  تجاوزت  الخمسة “، من المعاناة ،لم ولن أنساها ،  
وفي نهاية العام الدراسي ، حزت على الترتيب الأول في الصف الخامس وما سببه ذلك لي فيما بعد ، وهنا تجدر الإشارة إلى هذا الحدث الطريف  المرتبط  بهذه النتيجة ، وفي اليوم المحدد لتوزيع ” الجلاءات ” ذهبت من زركا الى المدرسة لإستلام  الشهادة المسماة ” الجلاء ” من مدرسة شيخ محمدلي ،  ولدى عودتي وأنا أحمل الجلاء منتشياً فرحاً بالنتيجة  ،ووصولي إلى مفرق  قرية خلالكا (صولاقلي)، إذا بي أفاجأ بما يشبه الكمين ، حيث السيد  ” شيخو بلي حمكي ”  من قرية خلالكا ، وهو أحد زملائنا في الصف الخامس، مع ثلاثة  آخرين  من ثلته ، وكان من غير المبالين  بالدراسة ، ويميل إلى القبضاوية  وشوفة الحال، وأحاطوا بي هوومن معه، وقادوني ، إلى ظل شجرة إجاص بري تسمى  ” شكوكه ”  وبعد أن أخذ الجلاء المدرسي من يدي ، أصبح يهددني بشق وإتلاف الجلاء ، وإستمر هذا المشهد غير السار لمدة  شعرت بها وحسبتها دهراً ، ولكن في نهاية المطاف ، لم أعلم ماذا كان  دافعه  على ذلك هل كان ذلك شقاوة مراهق ، أم حسداً على النتيجة في الترتيب الأول ،  وأيضاً ما الذي جعله يغير في قراره ، حيث أعاد إلي الجلاء  دون شقه وإتلافه ، وبعد مغادرتي المكان وأنا أحمل الجلاء سليماًمعافاً ، شعرت كمن عبرت  محنة كبرى .
وفي السنة التالية إنتقلت إلى  مدينة عفرين ، للإلتحاق بمدرسة ” الإبتدائية الريفية ، وبالصف السادس ، ثم الإنتقال إلى ثانوية عفرين ، حيث أنهيت المرحلة الإعدادية ،عام 1964 م  ونظراً لضعف وقلة  ذات اليد ، ألحقني والدي بمدرسة ، الثانوية الزراعية في درعا ، أقصى جنوب سوريا ، لأنها كانت تدفع للطالب مبلغاً ىتشجيعياً قدره ” 90 ” ليرة سورية شهرياً وكان ذلك يعتبر مبلغاً لا يستهان به آنذاك ، حيث أمضينا الفترة الدراسية للصفين العاشر والحادي عشر في درعا ، ثم إنتقلنا إلى مدينة السلمية – محافظة حماه ،  لدراسة الصف الثاني عشر وحصلنا على شهادة الثانوية الزراعية” البكالوريا”  عام 1967 م  ، حيث إنتسبت إلى كلية الزراعة في جامعة حلب ، وبعد فترة تقارب  الثلاثة أشهر ، إضطررنا إلى ترك الكلية ، لضعف ذات اليد كما أسلفنا ، وحيث كان ترتيبي في الثانوية الزراعية هو ” الخامس ” فقد تم إبتعاث زملائي ذوات الترتيب الأول والثاني والثالث ، ببعثات خارجية إلى ألمانيا الشرقية “آنذاك “،ومن هؤلاء ( حسين عبدو جمي  من قرية كوركان – عفرين وكنا قد تشاركنا  السكن بغرفة استأجرناها بجانب منزل المناضل الكردي ” محمد علي خوجة” من مؤسسي الحزب البارتي في سوريا ، والذي كان منفياً الى درعا من قبل السلطات البعثية آنذاك بعد إطلاق سراحه من سجن المزة  ، لأسباب صحية ،والذي كان يعاني من مرض عضال ألمّ به ، جراء مما تعرض له من  تعذيب في سجن المزة السيئ الصيت في دمشق ، بعد عودته من صفوف البيشمركةالتابعة لقوات الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الملا مصطفى البرزاني )بعد تعثر أوضاع الثورة الكردية آنذاك ،  وتم قبولي كمنحة داخلية في ” المدرسة الحراجية الإقليمية للشرق الأدنى ” التابعة لمنظمة الفاو ” الأمم المتحدة والذي سمي بمعهد الغابات العربي  فيما بعد ، وذلك في مدينة اللاذقية ، وبعد تخرجي من المعهد المذكور بعد سنتين من الدراسة ، بشهادة ” دبلوم معهد الغابات العربي ” تقدمت  بعدها إلى إمتحانات الثانوية العامة السورية ، عام 1970 م وبعد حصولي على شهادة الثانوية العامة ، إلتحقت بكلية الإقتصاد في جامعة دمشق ، وبعد حصولي على الإجازة في الإقتصاد ، كان هاجسي على الدوام ، هو إتمام تحصيلي العلمي ،أي ” الماجستير والدكتوراه ”  لذلك كنت دائم البحث  عن أي فرصة تمكنني من ذلك، وحيث كنت موظفاً في وزارة الزراعة ، فقد تم التعميم ، عن طريق هيئة تخطيط الدولة ، بأن دولة تشيلي قد قدمت منحة دراسية ، لدرجة الدكتوراه ، لمدة خمس سنوات ، في “الإقتصاد البيئي ” وبعد إجتيازي إمتحانات القبول  ونجاحي فيها ، أصبحت أنتظر موعد السفر، ولكن طال هذا الإنتظار ، إلى أن حرمت منها لأسباب رفاقية وغايات في نفس يعقوب ؟، إلى أن قدمت إيطاليا منحة دراسية ، عن طريق هيئة تخطيط الدولة أيضاً وبالإختصاص عينه ، وبعد إجتيازي إمتحانات القبول ، وتوفر الشروط الأساسية وهما دبلوم الغابات وبكالوريوس الإقتصاد ، فقد تم قبولي ، وسافرت إلى إيطاليا – مدينة فلورنسة  وبعد سنتين حصلت على دبلوم في الإقتصاد البيئي ، ولعل هاجس التحصيل العلمي  ما زال يراودني ويسكنني ،   
5 )-  الحياة الإجتماعية :إتسمت العلاقات الإجتماعية في زركا ، بالترابط  والتفاعل الإيجابي ، بالرغم من ظهور بعض الخلافات التي ظهرت بين ” عائلة أو مالباتا عمجوزي” وبين عائلات  أخرى من القرية في الثلاثينات من القرن العشرين ، ولكن رغم ذلك ، كانت هناك الكثير من الزيجات  المتشابكة تاريخياً ، التي وطدت هذه الأواصر والعلاقات ، حيث كان ، إحمي شيخه ، ومستكولو ، وقادري حموشه ، متزوجون من بنات  زيدان ” زيزي ” وتاوودي كلاح ” متزوج من إبنة إحمي شيخه ، وحنان قادر ، متزوج  من شقيقة عفدي كور ،وعفدي كور أيضاً متزوج من شقيقة حنان قادر ،
 كما أن منصب المختار ، كان يتم تداوله بين مختلف العائلات  ، حيث إنتقل من المختار حسين عمجوزو والملقب ب ” كوته عمجوزي ” إلى خلي قادر ” ثم إلى رشي إحمو ” ثم إلى ولده محمد والملقب ب ” حمدو رشي إحمو” ثم إلى حسي إيمي والملقب ب ” حستوب ” ثم إلى ” شيخو رشي إحمو ” الملقب ب” جيب رش”ثم إلى محمد عفدي كور والملقب ب ” كوبيل ” 
وكان هناك نوع من التضامن والتكافل الإجتماعي ، فمثلاً كانت زوجة محمد إيحمه والملقب ب  ” ريج”  والتي كانت تدعى  “خاته ” كانت تتميز بغزارة حليب الرضاعة لديها ، لذلك كانت تلبي حاجة معظم الأطفال الرضع في القرية والذين كانت أمهاتهم تعانين من شح حليب الرضاعة لديهن  ، مثل “شيخورشي إحمو ” وحمزو خلي قادر” وزينب بنت مستي شيخو”و” أحمدي حبي مستو ” و ”  بلي حبي محه “
كما أنّ السيد ” إحمو رشيد إحمو ” كان يتقن أكثر من مهنة ، كالنجارة ، حيث كان يصنع محراث الفلاحة الخشبي ” evcar  ، وكذلك ملاعق الطعام الخشبية  kevcy  dary ، ومشارب الدخان الخشبية والمسمى ” إمزك “emzek    من خشب شجيرة الكرز البري  المسمى ” keraZ ”  ومقابض البلطات والفؤوس  والسكاكين اليدوية ، والمسابح من حبات الزيتون البري ,وحبات شجيرة التزبيك TEZBIK”” وكان أيضاً يجيد قلع الأسنان المنخورة بواسطة أدواته الخاصة ،  وكانت جميع خدماته  هذه  ،  لأهالي القرية ، و أهالي القرى المجاورة  مجانية 
وتجدر الإشارة هنا إلى ظاهرة الألقاب المرتبطة بسكان القرية ، حيث أنّ  ليس جميعهم بل معظمهم ،  كان يحمل إضافة إلى إسمه المتعارف عليه في السجلات والقيود ، كان يحمل لقباً آخر ، يتناسب مع شكله ، وسلوكه ، طباعه ، ربما كان هذا اللقب أكثر إستخداماً للتعريف بالشخص ، وكانت معظم  هذه الألقاب  يصدرها ويطلقها بعض سكان القرية ، الذين كانوا يتميزون بحس الدعابة والسخرية  والعدسة الكاريكاتيرية ، وكان من بعض هؤلاء المرحوم حبش محمد  ” حبي مدي”  ومحمد داوود ” محمدي تاود  ” وغالباً كان البعض من عائلة ” عمجوزي وتاود يمتلكون هذه الموهبة السخروية ، وإستنباط الألقاب من الشكل أو الطباع  والسلوك  ، وبمجرد أن يطلق أحد هؤلاء ، لقباً على أي من أهالي القرية ، يصبح شائعاً بين أهالي القرية خلال فترة وجيزة  ، ويلتصق بصاحبة ، ويصبح أداة التعريف به الأكثر إستخداماً ، ويمكن إيراد بعض الأمثلة على ذلك  ، فكان لقب ” ريج ” الأكثر إستخداماً  للتعريف ب المرحوم  ” محمد إيحمي “ولقب كوبيل  ” الأكثر إستخداماً للتعريف ب “محمد عفدي كور” ولقب ” كودا “الأكثر إستخداماً للتعريف ب ” المرحوم ” أحمد حنان قادر”  ولقب ” إزكو ” كان الأكثر إستخداماً للتعريف ب المرحوم ” محمد شيخو ” ولقب ” كلير ” كان الأكثر أستخداماً للتعريف ب ”  المرحوم محمد داوود ،  ولقب ” حستوب ” كان الأكثرإستخداماً للتعريف ب” بالمرحوم ” حسن أحمد ” ولقب ” حبّل ” الأكثر إستخداماً للتعريف بالمرحوم ” حبش محمد ” 
وفي الخاتمة نأمل بأن نكون قد أحطنا القارئ الكريم ببعض مما تحويها ذاكرة مكان إسمها زركا – عفرين 
المصادر والمراجع 
1 ) المعمرين من سكان القرية 
2 )جبل الكرد( عفرين ) بحث تاريخي اجتماعي توثيقي- تأليف الدكتور محمد عبدوعلي 
3 )جبل الكرد( عفرين ) بحث جغرافي –  تأليف الدكتور محمد عبدوعلي
4) كتاب عفرين عبر العصور تأليف : مروان بركات صادر عن  دار عبد المنعم – ناشرون  -حلب  – شارع القوتلي
5 )د.عبدالله الحلو: تحقيقات تاريخية لغوية في الأسماء الجغرافية السورية، بيسان للنشر،
. بيروت – لبنان، طبعة أولى 1999
6) الخوري برصوم أيوب أستاذ اللغة السريانية في جامعة حلب: الأصول السريانية في أسماء
. المدن والقرى السورية وشرح معانيها، دار ماردين، طبعة أولى 2000
7 ). خيرالدين الأسدي :موسوعة حلب المقارنة، طبعة ثانية في سبع مجلدات، معهد التراث
. العلمي في جامعة حلب، طبعة أولى 1988
 8 )يوسف شورو: السياحة في م.عفرين، رسالة تخرج من جامعة حلب قسم الجغرافيا.2005
9 ). د.عادل عبدالسلام: جغرافية سوريا العامة، جامعة دمشق 1990
 10 ) ب.ليرخ ، دراسات حول الاكراد واسلافهم الخالديين الشماليين ، ترجمة 
الدكتور : عبدي حاجي ، (حلب ، 1992

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…