لا تبدو في الأفق بوادر لإنصاف شعبنا الكردي

  افتتاحية الوحدة (YEKÎTÎ) *

   يجمع المراقبون للوضع الكردي بأن أحداث آذار الدامية عام 2004 ,جاءت على خلفية احتقانات متراكمة بدأت من ملعب القامشلي، وتطورت على شكل اضطرابات شهدتها العديد من المدن في المناطق الكردية ,ورغم أنها أحدثت شروخا عميقة في الوحدة الوطنية في حينها ,إلا إن الحكمة كانت تتطلب استخلاص الدروس والعبر مما جرى, والبحث عن الأسباب التي دفعت الآلاف من المواطنين الكرد للتظاهر، ومواجهة قوى الأمن بصدور عارية، وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى, وتعرض الآلاف للاعتقال والملاحقة.

لكن وبالرغم من تصريحات السيد الرئيس بشار الأسد التي أقرّت بأن القومية الكردية هي جزء طبيعي من النسيج الوطني السوري,وبرّأت الجانب الكردي في تلك الأحداث من العلاقة بالخارج ,فان ما جرى منذ ذلك الحين يعكس تصعيداً كبيراً للسياسة الشوفينية المنتهجة التي تجد تعبيراتها في مختلف نواحي الحياة المتعلقة بالإنسان الكردي ,فدوائر الدولة ضاقت أبوابها أكثر منذ ذلك الحين أمام المتقدمين الأكراد للوظائف الحكومية، في حين أن تولّي الإدارات بات في حكم المستحيل عندما يتعلق الأمر بموظف كردي,ووصل إغلاق الأبواب الى بعض القطعات العسكرية التي توجّهت الى بعض المناطق الكردية التي أدرجت إثر تلك الأحداث في عداد المناطق (الخطرة على أمن الدولة) بدلاً من اعتبارها مناطق منكوبة بالسياسة الشوفينية ,وبذلك، وبدلاً من معالجة أسباب الاحتقان الذي تفجّر في تلك الأحداث والذي يستمد جذوره من سياسة الاضطهاد والتمييز القومي التي أثقلت كاهل المواطن الكردي وأشعرته بالاغتراب والغبن، فان السلطة ضاعفت من حدّة تلك السياسة وتصعيدها,بشكل مكشوف ,لم تعد تضع فيه أي اعتبار لقيم حقوق الإنسان ,فالإحصاء الرجعي الذي كانت تطلق الوعود بين الحين والأخر ,حول إمكانية إنصاف ضحاياه,باتت مفاعيله تنطبق بشكل أو بآخر ,حتى على العديد من حاملي الجنسية من المواطنين الكرد,من خلال حرمانهم من الحقوق التي يتمتع بها بقية المواطنين,والحزام العربي الذي يعتبر أحد مشاريع التمييز العنصري البغيض الذي أريد منه أن يكون رمزاً للتشكيك بالولاء الوطني الكردي ودليل الحرمان من الأرض الزراعية بالنسبة للفلاحين الكرد الذين شقوا من أجل إحيائها، كتب له عنصرياً، ان يكون محظوراً على هذا الفلاح ,حيث وزّعت أراضيه على الفلاحين العرب الذين استقدمتهم السلطة من حوض الفرات في محافظة حلب والرقة في إطار مشروع تغيير التركيب القومي لمحافظة الحسكة وتهجير الفلاحين الكرد الذين يتوه عشرات الآلاف منهم في ضواحي المدن الكبرى للعمل في المزارع والمطاعم والمقاهي وأعمال البناء او يلتجئون الى أوربا للحصول على جنسية بلدانها … ولأن هذا المشروع استجاب للحقد الشوفيني فان السلطة تريد الآن استكماله بتوزيع ما تبقى من الأراضي المسماة بمزارع الدولة على فلاحين آخرين من خارج المنطقة الكردية، وذلك في تحد خطير لأبسط القيم الوطنية الإنسانية، واستهتار بمشاعر الآلاف من الموطنين الكرد الذين لا يزالون يتمسكون بقراهم المتواضعة، لكنهم لا يملكون فيها أو حولها شبر ارض .وبهذا التحدي تقيم السلطة الحواجز بين أبناء الوطن الواحد وتنفخ في نيران الفتنة الخامدة، وتزيد من حالة الاحتقان السائد، وتسيء للعلاقات التاريخية الوطنية التي جمعت العرب والكرد والأقليات القومية التي ساهمت في بناء وطن، يجب أن لا يكون فيه مكان للظلم .

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (167) حزيران 2007م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…