الحراك الديبلوماسي الكوردستاني

أحمد حسن
Ahmed.hesen.714@gmail.com
الكورد ليسوا أتراكا ولا عربا ولا فرسا لكنهم إخوة لهؤلاء الشعوب ويدعون الى تآخي كل شعوب العالم قاطبة وأن يسود السلام والوئام بينهم ومن يعترض ويقتنع بغير هذا الكلام فليحاسب الله سبحانه وتعالى الذى خلقنا كوردا كما خلق باقي الشعوب  مبينا في محكم كتابه الكريم ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) سورة الحجرات ( الآية 13) وقسمت الاتفاقيات الدولية وطنهم كوردستان بين ( سوريا – العراق – تركيا – ايران – روسيا ) كما قسمت الوطن العربي وناضل الكورد عبر تاريخهم الطويل من أجل نيل حقوقه القومية وإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم المسماة كوردستان كأمة مستقلة لها كيانها الخاص كحق مشروع كما لباقي الأمم وفق ما شرعت به العهود والمواثيق الدولية والقانون الدولي ومبادئ حقوق الانسان في تقرير الشعوب مصيرها بنفسها . 
لكن المشروع الكوردي عبر التاريخ ( قديما / حديثا ) اعترض الكثير من المجابهات والممانعات ( ذاتيا / موضوعيا ) و ( داخليا – اقليميا – دوليا ) وعلى كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والديبلوماسية وهنا سأسلط الضوء على الجانب الديبلوماسي لما له من أهمية في أصول وقواعد الحوار والتفاوض والحكمة والحنكة لكسب المواقف والوقوف الى جانب القضية التي تفاوض من أجلها من قبل الطرف الآخر والعمل على توسيع جبهة الحلفاء والأصدقاء.
إن كلمة الدبلوماسية “Diplomatic”  يرجع أصلها إلى اليونانية القديمة وتعني الوثيقة المطوية التي تعطي حاملها امتيازات معينة  كما قد تستعمل للإشارة إلى الهيئة التي تتولى تصريف الشؤون الخارجية للدولة  و الدبلوماسية هي عملية سياسية و ممارسة عملية لتسيير شؤون الدولة الخارجية وهي علم وفن . فهي علم لما تتطلبه من تخطيط و دراسة عميقة للعلاقات القائمة بين الدول ومصالحها المتبادلة مراعاة للعهود والمواثيق الدولية  وهي فن لأنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها أصول الحوار والتفاوض واللباقة والفراسة وقوة الملاحظة.
ومن هنا فإن المفاوض والمحاور الكوردستاني والديبلوماسية الكوردستانية وخاصة في السنوات الأخيرة بلغت درجة من الرقي والتقدم ترتقي الى مصافي الديبلوماسيات العالمية سواء من حيث فهمها للديبلوماسية بأنها علم وفن وامتلاك مقوماتها وعوامل قوتها أو من حيث ادراكها أن السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد على حد قول كارل ماركس وأن الاقتصاد عصب الحياة وفق مبدأ زرادشت وتجلت نجاح الديبلوماسية الكوردستانية في العديد من المحطات والمؤتمرات والمنتديات الدولية والاقليمية ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
1) حضور الرئيس مسعود البرزاني والوفد المرافق له مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا الذي انعقد ( 17- 20 كانون الثاني 2017 )  تحت عنوان “زعامة دقيقة ومسؤولة” وبمشاركة نحو ثلاثة آلاف زعيم ومسؤول سياسي واقتصادي و أكثر من 1000 مدير شركة، ونحو 30 رئيس دولة وحكومة إضافة إلى رؤساء ومدراء منظمات دولية مرموقة مثل صندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية ليبحثوا أهم القضايا العالمية. ولقائه العديد من الرؤساء والمسؤولين الاقليميين والدوليين  وكسب مواقفهم وموافقتهم ووقوفهم الى جانب استقلال كوردستان أفرادا ومنظمات ودول .
2) حضور الرئيس مسعود البرزاني والوفد المرافق له مؤتمر الأمن العالمي في مدينة ميونيخ الألمانية ( 17-19 شباط 2017 ) وسعيه الحثيث من أجل كسب المزيد من الأصدقاء والحلفاء الاقليميين والدوليين ووقوفهم الى جانب قضية الشعب الكوردي واقامة دولته المستقلة .
3) حضور الرئيس مسعود البرزاني المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي انعقد في منطقة البحر الميت بالأردن بتاريخ ( 19 – 21  أيار  2017 ) تحت شعار ( تمكين الأجيال نحو المستقبل ) بحضور أكثر من (1000) شخصية بارزة و من أكثر من (50) دولة و شخصيات حكومية و رجال أعمال و قادة المجتمع المدني.
4) حضور وفد كوردستاني رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء نيجرفان البرزاني المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة سان بطرسبورغ  الروسية الذي انعقد في ( 1- 3 حزيران  2017  ) تحت شعار (البحث عن توازن جديد في الاقتصاد العالمي ) بمشاركة نخبة من السياسيين والاقتصاديين ورجال المال والأعمال لمناقشة القضايا الاقتصادية التي تواجه العالم وجذب الاستثمار الأجنبي الى مختلف الدول وفي هذا الصدد فإن عملاق الشركات الروسية ( روز نفط ) أبرمت العقود مع إقليم كوردستان مدتها ( 20 ) عام في مجالات التنقيب والخدمات اللوجستية وتطوير البنية التحتية وتجارة موارد الطاقة ويعد هذا انجاز كبير للديبلوماسية الكوردية في التفاعل والتعامل مع سياسة المصالح الدولية وجر الموقف الروسي كدولة لها وزنها وقوتها ودورها في السياسة الدولية الى جانب استقلال كوردستان وازدهار اقتصاد كوردستان كتمتين للبنية التحية الكوردستانية .
لا شك أن حضور هكذا منتديات ومؤتمرات لها شروطها ومقاييسها ومعاييرها وليس كل من يود أو يهوى له يستطيع حضورها . أضف الى ذلك عشرات اللقاءات للديبلوماسيين الكورد برئاسة الرئيس مسعود البرزاني مع كبار القادة السياسيين والعسكريين والاقتصاديين الاقليميين والدوليين وكسب تأييدهم الى جانب الشعب الكوردستاني في نيل استقلال وطنهم كوردستان كذلك لقائه مع بابا الفاتيكان فرنسيس الثاني سنة 2014 لما له من دور ورمزية وأهمية في العالم المسيحي ومن هنا فإن الكورد الى جانب انتصاراتهم وانجازاتهم في المعارك التي خاضها ويخوضها بيشمركتهم الأبطال نيابة عن العالم أجمع ضد أعتى القوى الظلامية والوحشية في العالم ( داعش ) حققوا انجازات ونجاحات على الصعيد الديبلوماسي والسياسي اقليميا ودوليا ومهدوا الطريق أمام استقلال كوردستان وغيروا القناعات والحكم الخاطئة التي أطلقها المفكرون والساسة بحق الكورد ومن هنا فإننا نقول لـ ( دايفيد فرومكين ) بأن ( الكورد  لم يعد يخسروا على طاولة المفاوضات ما حققوه من انتصارات في ميدان القتال ) 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…