و في الكرسـايتي لنا كلمـة

ديار سليمان

 قيـام بعض النـاس بالافـراج عن مكنـونات أنفسـهم بين الحـين و الآخر بأسـلوب هو أقـرب الى (اللطــم) منه الى الكتـابة في سـبيل تسـول اسـتعطاف الآخرين و اسـتدرار دموعهـم للحصـول على مكاسـب وهميـة لا تلبث أن تـذرها ريـاح الحقيقـة، ليـس سـوى محـاولة متأخرة جـدآ لنيـل صك الغفــران من جـرم إهـدار شـرف الكلمـة ممن يدعـي الحرص على عفافها

هـذه الجريمــة المستمرة و المتكررة التي نشهدها هذه الأيـام صباح مساء على صفحـات الانترنت من خـلال قيـام (ذلك البعض) باستبدال رأس القلم برأس دبوس والاستمرار في إسـالة الدمـاء على الأوراق البيضـاء لتملئهـا كلمـات غـير شرعية تتوالـد لتخلـق هي الأخـرى خطابـآ خلاسـيآ ضائعـآ تائهـآ.
اللغـة الخطابية الخشبية هـذه تحتـوي على كل ما أنـزل الله به من سـلطان، من طبـاق و جنـاس و سـجع و(نقـش) بأسـتثناء الحقيقة و لذلك فهي لغة جافـة غـير مفهـومة لا تلامـس شـغاف القلب كونها لا تخـرج من القلـب، تولـد و تمـوت على الورق، و تسمى في لغـة الاعـلام بغسـيل الدمـاغ و في لغـة الحـروب تأتي تحت بنـد (القصف المدفعي) و تتـم هنـا بإطـلاق قـذائف صوتيـة من قواعد لغـوية قلقــة، تثير دخانــآ جافـآ عقيمـآ و لا تخلـق سـحابآ ممطـرآ، و رغم ذلك، رغـم الجـدب و القحـط الفكـري المغلف بديكور لغـوي، يلي ذلك القصف إعـلان الانتصـار بقـراءة بيـان على الـرأي العام فحـواه إعـتبار خيـوط الدخـان السـوداء التي تخلفهـا تلك الصـواريخ اللغـوية (حقـائق ناصـعة) يجـب الأخـذ بهـا و تدوينهـا في كتب التـاريخ، مثلها مثل وهـم (العائلـة المؤسـسة) من خـلال الأخوين المؤسسين للحالـة الاعلامية التي بين يدينـا، والتي أصـبح أفـرادها أكـثر الناس إثـارة للشـفقة في لجوئهم كل مـرة الى وضع الآخرين تحت المجهر و قراءة ما بين سـطورهم و التساؤل في  كل مرة فيما اذا كان الحديث هو عن الكرسي، والرد كل مـرة بالقسم بأغلـظ الايمـان بأنهم الأكـثر ترفعـآ عن التفكـير فيه (ما الموضوع إذآ).
 ان إطـلاق إشـاعة (الرفيـق المؤسـس و المحـافظ على وحـدة الحزب)، و كـذا الفيلسـوف صاحب النظرية الفكرية في وحـدة الحركة الكردية مـسبوقآ اسـمه بما يـدل على مـدى (التفلسـف) الذي وصل اليه، ليـس سـوى احـد مظاهـر نظريـة (الكرسـايتي) التي بـاتت حالــة مرضيـة في حياتنا، و التي تقوم كذلك على استخدام (منشـار فكـري) لاقتطـاع الخشب من شـجرة المظلـومية و تركيبها على شـكل عـرش في مملكـة الوهـم، أوعلى الأقـل الصعـود لاحـتلال مركـز متقدم في الحافلة.
ان عدم تقبل رؤية النجاح و محاربته حتى و إن كان في الطـرف الآخر من الكرة الارضية يشكل أحد مظاهـر هذه النظرية التي كرس نفسه لها فلاسفتها ومريديهـا و المهووسـين بها، أقـرأ مثـلآ لاحد الكتاب إطروحات مبشـرة الواضح أنه تعب عليها، و يقوم في النهاية بالتوقيع بصفته الحزبية و هذا من حقه، يقوم هؤلاء الذين لا يملكون الأهليـة لامتلاك مبضع الجراحـة بإسـتعمال السكـين لتشويه الحقائق، و ذلك بوضع الأسم فقط دون سواه تحت العدسة و تقطيع أوصاله دون التطـرق للاطروحة ذاتها، و على الجانب الآخر يقـومون باستخدام القاب لا تمت للواقع بصلة واجبار الآخرين على الأخـذ بها مع الاسم كسلة واحدة، للاستفادة من المفعـول المخـدر الذي يحدثه اللقب لدى المتلقي، و قياسـآ على ذلك أيضـآ استخدام البعض أسمهم الرباعي في التعريف بأنفسهم للاستفادة ربما من ارث لم يساهموا فيه.
 ما الذي اضافـه (الكرسايتيون) الينـا؟ لا شـيء سوى المزيـد من الصـداع، ولعـل الكتابة عنهم يضعهم في دائـرة الضـوء، ليس المهم كيف، المهم أن يتم إجـترارهم الى ما لا نهايـة فذلك هو مرادهم، لان انتهـاء هذه العملية يعني تحـولآ فيزيائيــآ في طبيعتهم…
 02.07.2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…