في اليوبيل الذهبي للبارتي السيد عبد الحميد درويش احد مؤسسيه يدعو للإقتداء بفذاذته وإلهاميته….؟؟!!

بقلم: فرهاد مامو

ترددت كثيرا, قبل أن اكتب انطباعاتي, حول أحاديث الأستاذ عبد الحميد درويش, سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا, المنشور  في وسائل الإعلام الانترنيتية, والمكرس جله, لإحياء الذكرى الخمسون, لميلاد أول تنظيم كردي في سوريا, باعتباره احد المؤسسين الأوائل لها, وسبب ترددي هو افتقار اغلب القادة الكرد السوريين للثقافة الديمقراطية وغيابها الشبه كامل عن أحزابهم
ولهذا فهم يرفضون إعطاء الحق للآخرين بانتقادهم أو توجيه اللوم لهم – وكأنهم غايات في ذاتها ولذاتها لا علاقة للجماهير بها- بل المطلوب تقديم الولاء وإسباغ القدسية على أقوالهم وأفعالهم وذواتهم وكل ما يصدرعنهم (إن هو إلا وحي يوحى) وما على كتبة الزوايا (بصحفهم), إلا “بيان القرائن لإثبات ذلك” والبحث عن المبررات “الموضوعية والذاتية”, لإقناع الناس بعظمة ومؤهلات قادتهم التاريخيين وصوابية آراءهم السديدة… وفي المقابل تطلق موجات الهيصة والعيصة والزعيق والويل والثبور ضد الناقدين لهم مهما كان حجم النقد صغيرا أو كبيرا… انه العميل للمخابرات وعدو الحركة الكردية والرعديد والمدسوس والجاهل إلى آخر الصفات المبتذلة والتهم التي جرت العادة أن تلصقها الأنظمة الدكتاتورية بحق معارضيها.
وعلى الرغم من ذلك أتجرأ على كتابة بضعة اسطر انتقاديه لما طرحه الأستاذ عبد الحميد درويش مؤخرا (آملا بسعة صدره) لأن هذا الجانب من حياة الأحزاب والقادة يهمنا جميعا فنحن بحاجة لتوسيع الحوار حولها وتبادل المعلومات كي يتسنى لنا نحن الذين لم نصل بعد لمحطتنا الشيخوخية القيام بدورنا في إعداد وتأهيل الأجيال القادمة للتسلح بثقافة منفتحة تبعدهم عن مصطلحات وخطاب قياس الحاضر والراهن بالمرجعيات الماضوية وسلوكيات السلف الصالح والقائد الملهم والتاريخي والحاجة والشخص الأول وو و و و و …………….؟؟؟!!!
ففي مقابلتين منفصلتين احدهما لمراسل موقع عامودا الأستاذ سيروان حاج بركو والثانية لمراسل نشرة كلنا شركاء مع الأستاذ عبد الحميد درويش وتم نشرهما في مواقع كردية عديدة بتاريخ 10-7-2006 و7-5-2007وفي رده على السؤال المتكرر والموجه إليه بخصوص نياته في التقاعد بعد أن أمضى خمسون سنة في القيادة منها زهاء خمس وأربعون عاما قي سكرتارية حزبه الحالي ولا يزال ومعاصرته لمعظم الرئاسات التي حكمت سوريا يجيب (وبشيء من التصرف): بان ثمة فروقات بين رئاسة الدولة والحزب و بان حزبه يسلك الديمقراطية في انتخابه سكرتيرا وسيستمر في منصبه (لاعتبارات خاصة) والمقصود بذلك الضرورة الأبدية له لعدم توفر البديل بين رفاقه ….

فيا للهول والمصيبة إن كان ذلك صحيحا؟؟!
بكل بساطة يجدد الأستاذ عبدالحميد درويش البيعة لنفسه سكرتيرا مدى الحياة (متوسط الأعمار في بلادنا خمس وستون سنة والتقاعد ستون عاما ويصرح هو بأنه تجاوز السبعين سنة أمد الله فيه) متذرعا “بالأسباب الخاصة والضرورية” لبقائه مثله مثل غيره من قادة الأنظمة الشمولية والديكتاتورية متصورا أو متوهما أو……….

بأن الاستغناء عنه بتداولية أو عزل أو تقاعد يعني الكارثة ونهاية العالم وخراب حزبه متناسيا بأنه بات في مقام أولئك القادة الذين نحاهم الموت أو الدبابات من كرسي الزعامة وبأنه أصبح من مشاهير موسوعة غينس للأرقام القياسية العالمية باعتباره أقدم سكرتير في العالم  وانه المعاصر والمعاشر والموائم لكل المراحل التاريخية لبلاده سوريا وممن حكموها وذهبوا إلى عالم الرحمة الإلهية في عصر الانتخابات والانقلابات ودون أن يلاقي أية صعوبة في خلق الخطاب السياسي الموافق لكل منها…؟؟!! .

 فحق عليه قول القائل ” ، ومثلما كان ماضيك في وقته حقاً، فاليوم حاضرك وهو يناقض ماضيك وكأن الحق ينتقل حيث تكون……………..

وتريد أن تقود مسيرة التراجع لأنك تهوى المقدمة حتى إلى الوراء، أنت لا تستطيع أن تعيش سوى في “بطولة” الأحداث، خدعت نفسك بأنك رقماً صعبا، مهماً، من نادي الكبار، يشار لك بالبنان…..”
اجل انه مرض الاستبداد والغرور لأن عبارة (لا بديل) في الظروف الصعبة لحركة الشعوب والأحزاب والجماعات إنما تعبر عن حالة حصار استبدادي في أساسه تجعل بقاء هرم ضخم من البشر الأحياء، متوقفاً على فرد واحد، ولكن ما أن يموت هذا الفرد حتى تشرئب أعناق البدلاء ويبدأ الصراع الخفي أو المعلن لاختيار المستبد الجديد، الذي يتحول بدوره وفي غمضة عين إلى عديم النظير أو المثيل ( الفقرة مأخوذة من مقالة للأستاذ زهير سالم في وصفه للمستبد).
فالانتخابات التي أوصلت الأستاذ عبد الحميد درويش  لسدة السكرتارية عقود عديدة دون منازع ومنافس هو انتخابات الخيار الوحيد أمام الناخب المعمول به في كل الأنظمة الشمولية وهاهو يرى وكل من حوله  المأزق الذي تعيشه تلك الأنظمة وحالة الخواء التي تنتابها فليس أمام الكوبيين من خيار سوى شقيق فيدل كاسترو وأمام الليبيين ابن القذافي و أمام الكوريين ابن كيم ايل سونغ………..

وتطول القائمة وصولا لحزبه الذي يعيش في نفس المحنة والمنهج حيث عبر هو عن ذلك بقوله انه الضرورة والأمان وو..

 .والا فما هي تلك “الأسباب الخاصة” لكي يقود حزبه وحيدا كل هذه السنين الطويلة؟ ودون أن يتمكن من إيجاد الأرضية لخلق البديل المناسب  مؤسساتيا, أم أن في الأكمة ما وراءها؟ وان  لديه ما يخفيه لخلافته بعد عمر طويل- أمد الله في عمره- وهو المرجح وليس سواه…..؟؟؟
الآليات الديمقراطية تعطي الشعوب ما لانهاية له من الخيارات, في ظل الظروف الصعبة, والحرجة عكس المتعارف عليه لدى الأنظمة الشمولية, والتي تقسم وتشتت وتضرب السلم والاستقرار, وتنمي البلادة لدى مجتمعاتها وحزبه ليس بمنأى من هذه الآفات المرضية الخطيرة ايضا لا بل يعاني منها على الرغم من انه يخفيها بشتى الأساليب ويدري بذلك كل المقربين من قيادته ورفاقه..

وأن ترديد مبررات, وذرائع تغييب الديمقراطية وتداول المسؤوليات, صارت قي عالم اليوم غير مجدية, وغير مفيدة وعقيمة في حياة الأمم والمجتمعات والأحزاب..

والا فان العواقب ستكون وخيمة وسيئة.


للخروج من أزمة الاستبداد يبدأ الكفاح من قرارة اللاوعي، ومن بنية العقول، وصورة النفوس.

يبدأ بالدوران مع الهدف والبرامج، وعلى الإذعان لقابلية الخطأ والصواب، وعلى العمل بروح الفريق، والتقويم على أساس الفريق وليس في تأبيد الزعامات وعبادة الفرد.


الآليات الديمقراطية لن تجعلنا نستثمر إيجابياتها إذا لم يكن الذين يستخدمون هذه الآليات ديمقراطيين؛ أما الذين مضت أيامهم، واستنفذوا فرصهم،..

فما عليهم إلا أن يخضعوا لقوانين الحياة وسنن الوجود.


عليهم، إن لم يكونوا مستبدين، أن يبتسموا ابتسامة الرضى إذ يجدون شعوبهم أو رفاق دربهم يستغنون عن فذاذتهم أو إلهامهم أو سبقهم الذي لن يجود الزمان بمثله.


لكن الأستاذ عبدالحميد وفقه الله  يصر على “فذاذته وإلهامه” مؤكدا على (مرجعيته الأسبقية) وبأنه حصل على” الإجماع” في تبوءه لمنصبه في مؤتمره الأخير وبنسبة مئة في المئة متفوقا (على غيره بهذه النسبة العظيمة) ولا يتردد في توجيه اللعنة والاهانة لكل من يطلب منه إفساح المجال لغيره في القيادة والإدارة أو توجيه النقد لشخصه سواء كانوا من رفاق حزبه والمهتمين من أبناء شعبه ضاربا عرض الحائط كل القيم الديمقراطية, وتضحيات الجيل اللاحق به, من رفاقه وأبناء شعبه الكردي وما قدموه, وإمكانياتهم, فهو تعمد بمواعظه و أثناء حفلاته التكريمية لقدامى البارتي وبمعايره الخاصة وعلى هدي من الثقافة الإسلامية في وصف المؤسسين الأوائل للبارتي في سوريا عبارات  السلف الصالح وحكمتهم ووعيهم وطهارتهم الحصرية في الحياة السياسية الكردية ويطلب من جمهوره الإقتداء وبمن رافقه ليجعل منهم صحابة (بعد أن أشبعهم مزيدا من التهم ووو…..

في حينها) وما على الآخرين إلا التسنن بهم وبرسولية قائدهم التي لم تعد قابلة للتكرار…..؟؟؟!!! وكل ذلك للتقليل من شأن الأجيال اللاحقة به من أبناء شعبه والعالم يعيش في القرن الواحد والعشرين.
انه استغباء لجيل الشباب واستخفاف بامكاناتهم وحط من قيمتهم واستهانة بقدراتهم القيادية للشؤون الحزبية والنضالية فلا يخطر بباله بلوغه من العمر عتيا وان عليه التأسيس للمرحلة المقبلة بنفسه وليس للقدر ونتائجها السلبية الغير محسوبة تاليا على شعبه ورفاق دربه وحزبه – هذا إن كان حريصا على ديمومتهم بالخير والوئام والوحدة- ………..


لقد طرح في يوبيله الذهبي, كل مقولات التأبيد لزعامته, متوسلا كل الثقافات الرجعية, التي حملها في مكنوناته اللاشعورية, بدءا من الدعوة للإقتداء به “وبأسلافه الصالحين” والمرجعيات القبلية والفكر الشمولي وخطاب الاستبداد وتحجر الفكر وتوزيع النياشين وتقليد الأوسمة ورمم القبور وأقام الولائم………..

متجاوزا سلوكيات ونهج المتسلطين والطغاة في تعظيم أنفسهم على حساب بؤس وشقاء شعوبهم مثلما هو واقع الشعب الكردي في سوريا أيضا الذي لا يزال مكبلا بوطأة السياسات الشوفينية منذ تاريخ تنصيبه زعيما إن لم يكن أكثر وإن وضعه لم يتغير إلا نحو الأسوأ سياسيا واقتصاديا وثقافيا…… – اللهم إلا إذا كان وضع الأستاذ قد تغير نحو الأفضل فبات لا يعرف أوضاع الآخرين إلا من خلال  نظارته ونظرته –  ولم يعترف القط ولو بإشارة عابرة  بأنه لم يتمكن من تحقيق ماكان مأمولا منه وهو في موقع قيادة حزب يفترض انه يعمل من اجل رفع سياسة الاضطهاد القومي بحق الكرد وتأمين حقوقهم القومية المشروعة وان الواجب والضمير يمليان عليه تقديم الاعتذار لشعبه و الاستقالة من منصبه – أسوة بالقادة الديمقراطيين العظام ممن يحترمون شعوبهم عندما يتلكئون أو يفشلون في مهامهم- أو يطلب لنفسه الراحة, والتقاعد لضخ دماء جديدة, في مركز القيادة , إلا انه طالب شعبه ورفاقه البقاء في حالته الراهنة ليقوده هو حصريا من المهد وإلى اللحد…….؟؟؟!!! وليواجه الأحزاب الكردية الأخرى والتي لا تتفق مع رؤاه (المعتدلة) متهما إياهم بصنائع الأجهزة الأمنية و نتاج مخططات محمد طلب هلال ومرددا هنا وهناك مزيدا من عبارات التخوين والتكفير بحق هذا وذاك……؟!!!!!
إن علينا جميعا واجب المساهمة في نقد الثقافة الحزبية التي تطالب الناس للخلاص من العبودية, وإشاعة الحياة الديمقراطية, واحترام حقوق الإنسان, ولكن دعاتها وفي قرارة أنفسهم, وبين بعضهم البعض , براء منها, فما أن يستوي أمر المنضمين إلى تنظيماتهم , حتى يتم البدء على تعليمهم, كيفية تقديم فروض الطاعة, لمسؤوليهم وصولا للزعيم المبجل واختزال القضية في شخصه ونسيانهم أوجه المعاناة والاضطهاد ومن اجل ذلك عليهم ترديد شعار الولاء والطاعة المعروف لدى مجتمعات القبيلة والطغيان.
لابد لنا ودفعا لأي التباس من القول بأننا لا نقلل من شأن و احترام القدامى آباء وأجداد ومؤسسين لكن شتان مابين احترامنا لهم والاستغلال الذي يمارسه البعض بحق تراثهم وسعيهم الدؤوب في بناء منظومات تحرص على جعل أنفسهم حماة لها مفسرين ومجتهدين ومكفرين وقديسين ووارثين وحافظين على حقوق الملكية دون غيرهم مثلما يحلو لهم, وهذه لطامة كبرى, فنحن أمام تكية صوفية, بيافطات قومية وسياسية, وما علينا سوى تجنيب أنفسنا وشعبنا لهذه المرجعيات النرجسية التي تجاوزها الزمن, كخطوة أولى للتحرر من ريق العبودية.

وللحديث بقية سنخصصه عن حفلات التكريم والتمجيد التي تنافست الأحزاب الكردية بإقامتها بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس أول تنظيم كردي في سوريا الهدف من إجرائها هو البحث عن مشروعيات شخصية وحزبية بين أبناء الشعب الكردي في سوريا ليس إلا…… والتي كلفت كل حزب أعباء مادية ومعنوية ضخمة كان بالإمكان صرفها في مجالات أكثر جدوى وفائدة….

إلا أنهم أرادوا أن يقولوا للناس بأننا وجه الشبه والتوأم لمدمني الكرنفالات والمهرجانات التي تقيمها الأنظمة الشمولية والديكتاتورية وبمصاريف باهظة ودون أدنى مراعاة لواقع الشعب الكردي الذي يعاني من الفقر المدقع  والبؤس والشقاء والحرمان.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…