قراءة في بيان (PDK-S) الأخير

صبري رسول
قراءة سريعة لبيان الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا المذيّل باسم المكتب السياسي والمؤرخ في 12/5/2017م تبيّن جملة من الأمور يمكن تلخيصها فيما يلي:
– لم يسبق للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا إصدار بيان سياسيٍّ جريء بهذا المستوى منذ استيلاء مسلحي (ب ي د) على مقدرات الشعب الكردي في عملية استلام وتسليم بينه وبين النظام السوري وتوحّشه بشكل مخيف للغاية. وأعتقد أن مثل هذا الموقف الواضح كان يجب اتخاذه قبل سنوات وليس الآن.
– يجد المراقب السياسي أنّ البيان ينحو باتجاه تسمية الأشياء بأسمائها وإن بتحفّظ معين….
– تحميل (ب ي د) ومسلحيه مسؤولية ما آلت إليه الأمور نتيجة سياساته التدميرية للمجتمع الكردي، أمر في غاية الصواب، بل أنه يتحمل المسؤولية كاملة في إنهاء الحياة السياسية بكلّ ألوانها وتدجين منظمات المجتمع المدني للقضاء على المستقبل القومي الكردي. 
ملاحظات:
ورد في البيان: ((وسر فشل الاتفاقات المبرمة بين ( enks و tevdem ) الذي هو صنيع هذا الحزب (هولير1، هولير2 دهوك) هو عدم قدرته على مشاركة المجلس في القرار السياسي بسبب ذاك التوافق وهيمنة حزب العمال الكردستاني (pkk) على مقدراته)) أعتقد أنّ هذا ليس سرّاً، بل أحد أسباب فشل تلك الاتفاقيات، يعرفاه القاصي والداني، كما أنّ PKK لايهيمن على مقدرات (ب ي د) فقط، بل على قراراته السياسية والعسكرية وأعتقد أنّ البيان يقصد «القرارات» وليس «المقدرات».
كما جاء في البيان: ((وتبين فيما بعد – وكما يعلم الجميع – أنه حسم خياره في التوافق مع النظام السوري وحلفائه ودون ضمانات سياسية تبرر هذا التوافق)) المصطلح الصحيح الذي يترجم العلاقية بين (ب ي د) والنظام السوري هو «الاتفاق» بكل ما يعني المصطلح من معنى وليس «التوافق» ونصوصه لا يحتاج إلى الشرح فترجمته واضحة على الأرض.
ثمة إشارة إلى المصطلحات التي يستخدمها هذا الحزب ((تبين عجزه عن إقناع تلك الجهات بتسويق هويته تحت مفاهيم ومصطلحات غريبة (مثل الأمة الديمقراطية) وغيرها من المفاهيم الأخرى)). أعتقد أنّ هذا الحزب استغلّ الفراغ الفكري والسياسي بشكل دقيق لتسويق مصطلحاته الخاصّة البعيدة عن المصلحة القومية الكردية ومنها: الأمة الديمقراطية، روج آفا وغيرها. المصطلح المكاني «روج آفا» فخّ كبير وقع فيه معظم الأحزاب والمثقفين، وهذه التسمية خطأ جسيم لن نتخلص من آثاره وآثامه لسنوات. وأعتقد أنّ التسمية السليمة هي كردستان سوريا أو «كردستانا روج آفا».
الملاحظة الأخيرة: كنتُ أتمنى لو وقف البيان عند قوته في الموقف السياسي تجاه (ب ي د) وعدم النزول إلى الاستعطاف بحجة «وحدة الصّف الكردي» لأنّ هذه الوحدة هي مستهدفة ومن صلب أهداف (ب ي د) الأساسية، فدعوته للعودة إلى الاتفاقيات السابقة لن تفيد بعد تغوّله المرضي، وأتمنى أنْ يرتقي خطاب المجلس الوطني الكردي من «الاستعطاف والشفقة» إلى الموقف السياسي الصريح والجريء المشابه في هذا البيان، وقد يكون هذا البيان بداية لتصحيح الخطاب السياسي لدى المجلس الوطني الكردي. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…