افتتاحية جريدة المساواة- العدد 499
شهد العالم وخاصة منطقة الشرق الاوسط منذ ما يزيد على عقدين من الزمن تحولات حادة ، لم تستطع القراءات السياسية التنبؤ بها ، وشكلت منعطفات هامة على أكثر من صعيد ، بدءاً من حرب الخليج الاولى والثانية وانهيار أعتى دكتاتورية شهدتها المنطقة ليتم بناء عراق اتحادي على أنقاضه مروراً بما سمي الربيع العربي وما انتجه من ثورات شعبية اطاحت بأكثر من نظام استبدادي وتطورت إلى حروب طاحنة بإدارات وأجندات اقليمية ودولية حصدت مئات الالاف من الارواح ودمرت البنى التحتية في اكثرها ، وبرز الارهاب بشكله العسكري المنظم وانتهاجه حرب المواجهة ويعلن امارات الظلام وتمدد بشروره لينال عواصم ومدن اوربية
كما رافقها موجات المهاجرين اليها من أبناء تلك البلدان المحترقة الامر الذي دفع الدول الكبرى إلى اعادة حساباتها وتبادر الى العمل على تأطير جهودها للجم الكارثة وادارة الازمة بشكل يهدف إلى ايجاد حل سياسي وبترتيبات تتوافق ومصالح هذه الدول وتؤسس لبناء نظام متكامل يعيد مقولة شرق أوسط جديد ، بعد اهتراء القديم والتي ستحل مشاكله ايجاباً ليس على شعوبها فحسب وانما على العالم ككل واصبحت المنطقة مفتوحة على كافة الاحتمالات وفي خضم هذا المشهد يرى المتابع ان كردستان بموقعها الجيوسياسي والقضية الكردية العابرة للحدود والساخنة على اكثر من ساحة ، تمثل مكانة مهمة في هذه التحولات سيما وان ما قدمه الكرد من تضحيات في وجه الارهاب ونجاحهم في كسر شوكته والتعاون بصدق مع الجهد الدولي اكسبهم احتراماً واهتماماً لافتاً, بهم وبدورهم المستقبلي في المنطقة ضمن خارطة التحولات المنتظرة مما يضع القيادة الكردية امام مسؤولية تاريخية في انجاز المشروع القومي والتأسيس لكيانه أسوة بشعوب العالم وعدم تكرار التجارب المرة في إجهاض المساعي في هذا الاتجاه ,وفي الحالة السورية وخصوصية القضية الكردية فيها فان الانفتاح على كل الاطر والتيارات المعارضة والعمل على بناء فهم ورؤية مشتركة لبناء سوريا جديدة من ضرورات انجاز ما يسعى إليه ابناء الشعب الكردي في الاقرار الدستوري بوجوده وبحقوقه القومية كما ان النظام الاتحادي الذي يلقى تفهما وقبولا يوما بعد اخر من قبل العديد من القوى والشخصيات الوطنية والثقافية هي الضمانة لوأد الاستبداد وبناء سوريا الديمقراطية التعددية لكل السوريين وبكافة مكوناتها .