مؤتمر أستانة و نتائج الإتفاقية

مروان سليمان
بعد إن آمن الإيرانيين بأن الدور الروسي لا بد منه في سوريا و أن روسيا هي المحرك الأساسي لدعم النظام السوري في المحافل الدولية و إمداده بالسلاح تم التقارب أكثر بين الروس و الإيرانيين الذي يسعى كل منهم إلى حجز حصة له في سوريا الجديدة و الذين أدخلوا الأتراك على الخط من أجل القضاء على تمويل المعارضة السورية بالسلاح و إغلاق الحدود التركية في وجه الجهاديين الذين يريدون الدخول إلى سوريا من أجل دعم الفصائل المسلحة بمختلف أنواعها
و لتركيا مصلحة كبيرة من التقارب مع الروس و الإيرانيين لكي يكون لها نصيب من الكعكة السورية و ضرب حزب العمال الكردستاني و فروعه في سوريا و منع قيام أي شئ يدل على كردية المنطقة سواء حكم ذاتي أو فيدرالية أو حتى حقوق كردية و كأن الدول الثلاثة الذين وقعوا إتفاقية استانة يستبقون لتسوية قد يؤدي إلى إجراء تغييرات في تركيبة النظام حتى إذا بقي الأسد على رأس السلطة و لعل التوقعات كثيرة بشأن التطورات المحتملة في دور كل من أيران و روسيا و تركيا و بالإتفاق مع النظام السوري بعد إن تم الإتفاق بين هذه الأطراف في مؤتمر أستانة الأخير بإنشاء مناطق منخفضة التوتر تشمل أربع مناطق و تبقى بقية المناطق جبهات مفتوحة لمحاربة القوى  الإرهابية كما تزعم هذه الأطراف و لكنها في الحقيقة يسعى كل طرف لتقوية دوره حسب المنطقة التي تشرف عليها فيما الهدف الأكبر هو الحفاظ على النظام بهيئته و تركيبته و هذ ما يفسر تحرك الدول الثلاثة في إتجاهات متوازية مع بعضها للدخول في صفقات مع النظام سواء العسكرية منها أو الإقتصادية و هذه الإتفاقية تأتي ضمن إطار الصفقة الأولى و عربوناً للإخلاص و الوفاء و إستحقاق يجب على النظام القبول به مقابل وقوف حلفائه معه في الأيام و السنوات الصعبة و فتح المجال من أجل متابعة معاركه الضارية على الجبهات الأخرى و خاصة في الريف الدمشقي و دير الزور و الرقة و غيرها لإستعادة سيطرته على مساحات أخرى لم يكن بتصوره بأنه يستطيع استرجاعها  و خاصة بعد إن رسمت روسيا ملامح سياستها في حلب و الحسم العسكري الذي حصل هناك لصالح النظام و من ثم يجري العمل على إعادة تأهيل النظام و تثبيته على المستوى الأقليمي و الدولي بعد فرضه على المستوى الداخلي السوري و هذا يعتبر إنتصاراً لإيران و روسيا بالدرجة الأولى على أساس أنهما حققتا أهدافهما في حرب كانوا حلفاء لبعضهما البعض و إنتصار لتركيا إلى حد ما لأنها لحقت نفسها في الوقت الضائع بالمعسكر الروسي الإيراني من أجل الحفاظ على ماء وجهها و مصالحها التي تكمن في محاربة الكورد على حدودها و تسخيرها للجيش ما يسمى بالحر في خدمة تلك الأهداف.
إنتهى الآن وقت التنافس و جاء الدور على توزيع غنائم الحرب فيما بين الحلفاء لأن الروس يستميتون من أجل الحصول على إمتيازات في منطقة الساحل و الأتراك في الشمال السوري ليكونوا شرطة مراقبة المنطقة الكردية و ضربها حينما يشاؤون في حين أن إيران تريد أن تؤمن لنفسها ممراً برياً من أجل الوصول إلى البحر المتوسط و لبنان لدعم حلفائها التقليديين في المنطقة و للحفاظ على هلالها المستحدث و إحداث بعض التغييرات الديمغرافية في المنطقة لصالح مذهبها الشيعي و بما أن الحرب في سوريا هي حرب غير تقليدية فإن الغنائم التي سوف يتم توزيعها تأتي كهدية من النظام لحلفائها و خاصة إن تلك الغنائم تقع في المناطق التي أصبحت تحت سيطرة النظام و حلفائه من نفط و فوسفات و سواحل البحر المتوسط بالإضافة إلى تأمين العاصمة دمشق.
*مدرس في المدارس المهنية بالمانيا – سالتزغيتر
06.05.2017 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…