هل بدأ العد التنازلي للنظام السوري ؟

توفيق عبد المجيد
 
وأخيراً رضخ الروس للإرادة الدولية أمام قوة المواقف التي صدرت من أمريكا وفرنسا وبريطانيا في ما يتعلق بالاستخدام الوحشي للسلاح الكيماوي الذي عجز الروس عن طمس معالمه وآثاره أمام الأدلة الدامغة خاصة من الخارجية الفرنسية في تقريرها من مسرح الجريمة الفظيعة بأن ” فرنسا على اقتناع تام أن نظام الأسد هو من استخدم غاز السارين ” وأن السارين ” المستخدم يحتوي مادة الليكزامين التي يستخدمها النظام ” والغاز المستخدم في خان شيخون ” تم تصنيعه في معامل سورية ” معززة تقريرها بأن ” داعش لا وجود له في خان شيخون ” وأن طائرات النظام ” قصفت خان شيخون (6) مرات يوم الهجوم ” لإخفاء معالم الجريمة ، ليأتي الموقف البريطاني متطابقاً مع الموقف الأمريكي مؤكداً على استعداد بريطانيا لضرب المواقع التي منها تنطلق طائرات النظام لقصف المدنيين العزل بالكيماوي مرة أخرى .
ويكتمل المشهد ، وتتوضح الصورة المستقبلية أكثر انطلاقاً من الموقف الأمريكي الذي قرن القول بالفعل ولم يمنح النظام وحلفاءه الفرصة لإخفاء ما تبقى من آثار الجريمة فكان القصف غير المتوقع استجابة للمواقف الأمريكية السابقة واللاحقة ليعلن الرئيس الأمريكي ” أن القوة وسيلة للتعامل مع سوريا وإيران ” وأن الأسد ” انتهك كل الخطوط الحمراء ولا يمكن التغاضي عن دكتاتور يقتل شعبه ” لتكون هذه المواقف التي تتقاطع عند هدف مشترك لا يخفى على من يتتبع الأحداث منطلقاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيقول : أن هناك ” مؤشرات إلى أن ترامب سيكون أكثر حسماً في إنهاء إرهاب الدولة في سوريا ” ويتبلور الموقف البريطاني أكثر ويتجه نحو التعامل مع النظام بقوة إلى جانب الأمريكان عندما يكرر النظام السوري استخدام الكيماوي مرة أخرى .
لم تغب السعودية عن المأساة السورية منذ بداية الثورة السورية حتى اليوم ، ولم يتغير الموقف السعودي الصلب سيما في المؤتمر الصحفي الأخير يوم 26/4/2017 الذي شارك فيه وزير الخارجية السعودي نظيره الروسي الذي كعادته حاول تبرئة النظام من الجرائم التي ارتكبها ، ورفع صفة الإرهاب عن حزب الله وداعميه ليقول ” إن البعض يتذرع بخان شيخون لتغيير النظام السوري .. وموسكو والرياض يمكن أن تلعبا دوراً في حل الأزمة في سوريا ” ليؤكد  السيد عادل الجبير من حديد وبحضور لافروف ما قاله سابقاً ” بناء مستقبل جديد لسوريا لا دور لبشار الأسد فيه … ولا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا ” ولم يغب حزب الله والتدخلات الإيرانية الكثيرة في أكثر من بلد عربي ليؤكد الجبير مرة أخرى أن ” لا مكان لميليشيا حزب الله في أي مكان في العالم …        ونعمل على وضع حد لتدخلات إيران وحزب الله في المنطقة ” لافتاً النظر إلى أن ” السعودية وروسيا تنسقان ” المواقف وفق القرار 2254 ” لينتهي الجبير إلى تكرار ما قاله سابقاً وفي أكثر من مناسبة ” ضرورة رحيل الأسد إما سياسياً أو عسكرياً ” .
أمام كل هذه المستجدات والمعطيات مضافاً إليها قبول المحكمة الجنائية الدولية ” دعوى ضد بشار وضباطه ” .
 وأمام صلابة الموقف الأمريكي وتأكيد الرئيس ترامب أنه ” سيتصل فوراً مع وزير الدفاع إذا تكرر القصف الكيماوي ، وتأكيد الخارجية الأمريكية على أن أمريكا لن تتسامح مع مستخدمي الكيماوي في سوريا ، اضطر دبلوماسيون روس أن يقولوا مؤخراً وتحديداً يوم 29/4/2017 أن ” مصير الأسد بات مطروحاً على طاولة التفاوض ” ثم يعزز لافروف هذا التوجه الجديد للدبلوماسية الروسية ليقول بأنهم ” مستعدون تماماً للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن سوريا ” .
كل هذه المواقف والمستجدات توصلنا إلى استنتاج ونتيجة ربما تكون قريبة لما سيحدث في الأيام القادمة بعد أن تغيرت أولويات الإدارة الأمريكية  بعد ضربة خان شيخون بسرعة لم يتوقعها النظام وداعموه ليوضع ملف النظام السوري على طاولة التعامل معه بصورة جدية وجديدة كانت مفاجئة للمراهنين على اسمراريته وبقائه كشريك في الحرب على الإرهاب ، وقد يختار النظام الروسي التضحية بشيء لئلا يخسر كل شيء ، ونختم مقالتنا بهذا السؤال : هل بدأ العد التنازلي لنظام الأسد ؟ .
1/5/2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…