صبري رسول
يجتاحُ شبحُ الانهيار المجتمعَ الكرديّ في كردستان سوريا، وينشرُ مخاوفَ حقيقية من أنّ مستقبل الكورد أصبحَ على كفّ الضّياع.
صحيحٌ أنّ الكلمةَ لها تأثيرٌ كبير في توجيه البشر، وخاصة في الظروف الصّعبة التي يمرّ بها الشعب الكوردي، وأنّ لها وقعٌ عميق في النّفس، سيما أنّنا نمارس الإقناع والتوجيه والإرشاد من خلال استخدام الكلمة بوصفها السّلاح الوحيد للكاتب والإعلامي، ولا بدائل عنها في نشر الفكر والثقافة.
قد يكون ذلك صحيحاً في كثير من مراحل المجتمعات البشرية، في السّلم والحرب، إلا أنّ المجتمع الكوردي الآن لم يعُد في الوضع الذي يكون للكلمة تأثير سحري فيه؛ فالمستنقع الذي بات يغرق فيه عَلَا طميه على الأكتاف، وتتحكّم في مفاصل حياته الرصاصةُ التي تلفظها سبطانةُ الرّشاش. كيف يكون للتوجيه أثر في حياة شخصٍ تهددها تحديات من كل جانب؟ كيفَ يبقى متمسكاً بقيمٍ معيارية للسلوك في الوطنية والقومية إذا كانت المسافةُ بين الموت والحياة لديه شعرة؟
ما ذكرتُه جانبٌ حيويٌّ في أهمية الكلمة وتأثيرها في الإنسان، يُضاف إلى ذلك، افتقادنا الوسيلة المناسبة لإيصالها إلى المتلقي في المكان والزمان المناسبين. فنحنُ لا نملكُ القرار الصّائب الجريء لإحداث تغييرٍ في سير عملية الإعلام لافتقادنا إلى القياديّ الذي يستوعبُ الأمر من كلّ جوانبه ليقوم باتخاذ القرار الفوري لمعالجة الخلل. طبعاً يتبادر إلى الذهن سؤال استفزازيّ: لمَ لا يملكُ المجلسُ الوطني الكوردي حتى الآن وسيلةً إعلامية لإيصال موقفها وبياناتها «الحامضة» إلى الشّعب الكوردي في الشتات قبل الوطن في الوقت الذي يملك المُنافِس «إن لم نقل الخصم» آلةً إعلاميةً ضخمة تجعل الجريمةَ واجباً قومياً، وتحوّل الأنثى ذكراً، وتغيّر كل الحقائق؟
مَنْ يتحمّل المسؤولية التاريخية في هذا الأمر؟ هنا لم يَعُد للنّصائح قيمة، ولا لعبارة «يجب أنْ…» أيّ أهمية في مواجهة مسلحين ملثّمين يطوّقون منزلاً أو مكتباً، ولا في مواجهة مقنعين «جنجويد» يُهينون نساءً يرفعْنَ شعارات السلام والعدالة.
إنّ ما نبذله من جهود بهذا الأسلوب القديم لمواجهة همجيّة الآخر في طمس الحقيقة بقوة السّلاح أشبه ما يكون بالذي يصرخ أمام الريح في تدبير شؤون الحياة.
هنا، هل يمكن استنفار الحواس السليمة كلّها لإيجاد مخرجٍ سريع وطارئٍ لتتكامل وسائل النّضال جميعُها في حزمةٍ واحدةٍ قد توقِظُ ما تبقى من هشاشة الضّمير أمام هذا الانهيار؟
في هذا العدد يكون هذا المقال في هذه الزاوية النّصّ الأخير لي بصفتي مسؤولاً في الإعلام المركزي للحزب، تاركاً الفرصة لغيري للقيام بتصاريف القدر الإعلامية كتابةً وتحريراً.