الكـــــورد في رســــــم مستقبل سوريا الجيو-سياسي

أحمـــــد قاســـــم

 لايمكن بأي حال من الأحوال تجاهل دور الكورد في رسم خريطة لسوريا المستقبل, من جهة أنه مكون يشكل التوازن في القوى للمكونات الأخرى من الشعب السوري, ومن جهة أخرى يملك منطقة إستراتيجية في الشمال السوري لاتقل أهمية من منطقة ” سوريا المفيدة ” التي تحاول إيران وبالتوافق مع النظام إبقائها للسيطرة عليها. وبالتالي, فإن كل من روسيا وأمريكا تحاولان التقرب إلى الكورد وجعله في دائرة تحالف كل منهما للإستفادة من موقعه الجيو-استراتيجي في الجغرافية السورية, حيث أن ” تُعْتَبر الشمال السوري ممراً آمناً ومختصراً لعبور خطوط الطاقة التي تسعى كل من روسيا وأمريكا إعتماده كأفضل ممر لنقل النفط والغاز إلى البحر المتوسط ومن ثم إلى أوروبا “.
ومن هنا, يأتي دور الإيراني الرافض لمثل هكذا مشروع, والذي قد يقف عائقاً أمام مشروع تنفيذ الهلال الشيعي إنْ تحالف الكورد مع أي طرف ( أمريكي أو روسي ) في وقت لايمكن أن يبقى التحالف الكوردي (PYD) مع إيران والنظام إلى النهاية لطالما أن كلاً من أمريكا وروسيا تسعيان إلى جذب الكورد إلى طرفيهما, وخاصة أن المصالح الروسية والإيرانية ستفترقان عند مفترق الطرق الذي سيفرض عليهما الإفتراق عند التضارب في المصالح, وبالتالي, أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في التحالف الكوردي الأمريكي أمراً إستراتيجياً ولا يمكن الإستغناء عن الكورد لطالما أن روسيا هي الأخرى ترصد الدور الكوردي في مستقبل سوريا الجيوسياسي, وخاصة أن تركيا هي أيضاً تعارض دور الكورد المستقبلي الذي سيعزز موقع الكورد في خارطة المستقبل لأمرين, الأول معارضتها لمشروع مد خط أنابيب الطاقة من المنطقة الكوردية في الشمال السوري, وذلك ساعية أن تمر تلك الخطوط بأراضيها وهي كدولة لها موقعها في الجيواستراتيجي التي تعطيها أهمية بحيث لا يمكن الإستغناء عن دورها في رسم مستقبل المنطقة, ومن جهة, مخاوفها من تعزيز دور الكورد في الشراكة مع روسيا كانت أو أمريكا-أوروبا, والذي بدوره سيؤثر بشكل مباشر على طبيعة الوجود الكوردي في تركيا (كوردستان تركيا), وهذا ما يؤدي إلى شد وجذب بينها وبين كل من أمريكا وروسيا.لكن الشيء الأهم الذي يجب على الكورد المحافظة على الدور الذي يخوله هذا التواجد على تلك المنطقة التي تشكل بالنسبة للدول النافذة على أنها منطقة الجيواستراتيجي في رسم مستقبل سوريا هو التوحيد ولم شمل قواه السياسية والعسكرية, وهذا ما لا ترضى به كل من تركيا وإيران لإفشال المخطط الأمريكي والروسي على حدٍ سواء, ظناً منهما أن التفريق في قوات الكورد العسكرية والسياسية سينزع عن الكورد هذا الدور الذي يجب أن يلعب في رسم خارطة سوريا المستقبل, وبالتالي, سيفشل مشروع مد خط أنابيب الطاقة إلى البحر المتوسط, وبالتالي سيُلْغى الدور الأمريكي في المنطقة, مع بقاء الدور الروسي في الساحل السوري الذي لايتناقض مع بقاء الدور الإيراتي حتى وإن أدى إلى تقسيم سوريا, وكذلك تحويل خط الأنابيب إلى منطقة السيطرة التركية والذي لايتعارض أيضاً مع النظرة الإيرانية في تطلعاتها لمستقبل المنطقة الجيوسياسي التي تحاول الإمتداد إليها بشكل أو بآخر مع كبح الدور التركي الذي تقف أمام هذا المد عن طريق تهديد مرة وترغيب مرات ومرات في اتباعها لسياسة المراوغة والمخادعة والبراغماتية السياسية…في النتيجبة, على الكورد أن يقرأ حقيقة المصالح الدولية والحفاظ على موقعه الإستراتيجي وسط تلك المصالح والتعامل معها بحيث أن لا تعارض تلك المصالح التي تتوافق مع مصالح الكورد, ولكن عليهم أن يدركوا بأن هذا سوف لن يتحقق إلا مع توحيد قواته العسكرية والسياسية, لأن في تشتيتهم بين المحاور سيفقدهم هذا الدور التاريخي الذي ” في الحفاظ عليه سيؤدي إلى تحقيق مصالحه في الحرية وحقه في تحقيق المصير “.
—————–
29/4/2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…