مرايا الإباء والخنوع..!

دهام حسن
قد تغدو عضوا في حزب ما في سنٍّ مبكرة دون أن تكون واعيا لا للحياة الحزبية، ولا متفهما للواقع التنظيمي ناهيك عن الحالة السياسية، وهذا شأن غالبية المنتسبين الجدد للهيئات الحزبية، والمنتسبين للحركات السياسية، وبالتالي فهم غير ملومين فيما اختاروا، حتى لو أخطؤوا، أو في أية زاوية ركنوا، لكن أن يمضي بك الزمن والعمر فتترعرع شبابا وشيبا، وتنخرط في الهيئات الحزبية، ثم تنتقل من تنظيم إلى تنظيم، ومن حزب إلى آخر فهذا شأن آخر، هنا يتوجب عليك أن تكون واعيا لما تختاره من حزب، متفهما للواقع السياسي في البلاد، مقتنعا باستراتيجية الحزب الجديد الذي انتسبت إليه.. ففي سن مبكرة قد لا يلام الفتى إذا ما أخطأ، ولم يحسن الاختيار، لكن بعد أن يتقدم به العمر وعيا ونضجا وأحيانا علما وثقافة، لم يعد معفى من المساءلة.. لماذا وقع اختيارك على هذا الحزب دون ذاك، أو هذه الحركة دون تلك…
وأضيف هنا لأقول أيضا لماذا هذا الاستسهال في التنظيم الحزبي دون قناعة.؟ لماذا تمضي وتتهالك فاقد الشخصية والقيم، لترى صورتك في مرايا الخنوع، لماذا هذي الروح الانتهازية، والركوع أمام مستهتر مسؤول دون إيمان ولا قناعة لا منه ولا منك، أم ترى أن (فيض المناصب الرابحة… ينطوي على خاصية التسبب بعمى خاص سياسي) بتعبير لينين ..
أحدهم ترك حزبه الصغير ذا التراث النضالي والفكري المميز فوجد له مكانا في حزب كبير نسبيا، لكنه أشبه بدار الفوضى تنظيميا، فأحسّ هذا الشخص جرّاء تركة حزبه النضالي فيما مضى ومن أن هذا الماضي المشرّف أصبح عقدته وثقلا سلبيا على كاهله فكيف يتحرر منه حتى يتقبله الآخرون، وكيف يتنكر لرفاق الأمس.؟ آخر يجد نفسه أقوى من حزبه أو هو لا يخفي ليقول أنا الحزب كما كان يقول لويس الرابع عشر (أنا الدولة).. آخر قائد سياسي يتهكم من المثقف الانتهازي كيف يغير لونه وهو لم يحرمه من جزيل عطائه، أي أنه اشتراه فلماذا يغيب عن مضافته، غالبا ما نلوم الجهة السياسية بيد أن المثقف الانتهازي أكثر رداءة منه لأنه تعود للاسف على الخنوع، إذن ما علينا جميعا أن ننظر في المرآة مليا ونحتكم ضميرنا لنرى صورتنا في أيّ جانب يظهرنا.! ترى أبمرايا الإباء أم مرايا الخنوع..؟!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…