ماجد ع محمد
لا أعتقد بأن يكون واحدنا من أهل العقل المقارن ولا سيكون من الحاذقين في جمع شمل الأشياء ومقاربة الوقائع والنوائب ببعضها، إن أجزم بأن ليس هنالك ترابط منطقي أو منهجي بين الذي حدث منذ أيام في قرى منطقة منبح، وما جرى من الاشتباكات بين البيشمركة وأحد الفصائل المحسوبة على الحشد الشعبي الطائفي في شنكال، ومن ثم ما جرى بعدها من الحرق والاعتداء على مكاتب الحزب الديمقراطي الكردستاني ومكتب حزب يكيتي الكردي يوم الجمعة في قامشلو من قبل أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي.
وبتصورنا أن تسليم قوات سوريا الديمقراطية لعشرات القرى في منبج لنظام الأسد يوم الخميس، وفق منهج التنظيمات التي تسترخص الدماء، كان يجب أن يلازمه أو يتبعه حدث آخر أقوى منه، حتى يصرف أنظار الناس عن الحدث الأهم، ويدير وجهة راداراتهم إلى جهةٍ أخرى، بما أن الشارع الكردي برمته يعرف بأن حزب الاتحاد الديمقراطي قدّم خيرة الشباب وصبايا الكرد لتحرير تلك القرى من تنظيم داعش، حيث كان قد رافق تلك المعارك الترويج لرتق المناطق الكردية، وتم ضخ الناس بتلفيقةٍ جديدة من تلفيقات الذين لديهم القدرة على تقديم القرابين البشرية بشكلٍ دوري ومستمر لقاء أجنداتهم السياسية.
إذ أن قصة توصيل المناطق الكردية ببعضها كانت الصنارة التي رماها الحزب المقامر بأرواح الأبرياء بين العامة، وقد ابتلعها البسطاء برحابة صدر من غير حتى إشغال الفكر بُرهةً والقيام بجولة بصرية على خريطة سوريا وكيف لتنظيمٍ سياسي لا لوناً واضحاً لديه، ولا شكلاً نهائياً لهيكليته التنظيمية، ولا ثمة خطة استراتيجية حقيقية لمشروعاته المستقبلية، حتى يقوم بشق جسور التواصل بين المقاطعات الثلاث، بينما هنالك دولاً برمتها كثيراً ما تعجز عن بناء المعابر بين أشلائها المتقطعة بفعل الاتفاقيات الدولية!.
عموماً قد يكون الأمر مقبولاً مع العامة الذين يصدقون بسرعة البرق الادعاءات والشعارات الهلامية لهذه المنظومة العقائدية منذ أكثر من أربع عقود، إلا أن الغريب هو أن الكثير من جماعة الكتابة والثقافة ينساقون مع العوام وهم بكامل سرنمتهم، حالهم كحال الدهماء تنطلي عليهم كل مرة الأوهام التي تبثها بين الرعية منظومة حزب العمال الكردستاني، وهو ما يشير إلى أن أغلبنا عاطفيون جداً ولا نعوِّل على القراءات المتأنية لتاريخ وممارسات التنظيمات السياسية، وأن مقاربتنا للأحداث والوقائع غالباً ما تكون من جهة القلب وليس العقل، لذا تتكرر المآسي وتتكرر الانخداعات ويُعاد ضخنا بالأوهام التي يتم إنتاجها لنا كل فترة بأردية جديدة.
لذا فبناءً عليه ولكي ينسى الناس قصة القرى التي رووها بدماء أبنائهم في محيط منبج، كان لا بد لحزب الاتحاد الديمقراطي من إشعال النيران في مكانٍ آخر، حتى تكون الوقائع الجديدة كفيلة بأن تغطي على عارهم في منبج وقراها، وذلك حتى لا يعترض أحد على زج الشبابِ في معارك حتى الآن لم تخدم غير طاغية نظام البعث بشار الأسد.
وباعتبار أن منظومة حزب العمال الكردستاني تعمل ككل النظم الاستبدادية في المشرق، فالأوامر دائماً ما تصدر لديهم باتجاهٍ واحد أي من الأعلى إلى الأسفل، فكذلك هو الحال عينه لدى الرافد السوري من تلك المنظومة، لذا فنرى بأن كل ما حدث خلال الأيام الأخيرة من الاسبوع المنصرم متصل ببعضه، لذلك ولكي يطوي رديفهم السوري حزب الاتحاد الديمقراطي صفحة منبج والقرابين التي قدموها هناك، وكذلك للتغطية على فشلهم على أكثر من صعيد سياسي، مثل إبعادهم عن مفاوضات جنيف4، وكذلك عدم الترحيب بهم من قبل أحزاب الاشتراكية الدولية بالرغم من وساطة حزب الطالباني لهم، قامت قوة تابعة لمنظومة العمال الكردستاني صباح الجمعة على مهاجمة بيشمركة روج في خانة سور بـ: شنكال، وذلك حتى يشوشوا المواطن البسيط من جهة، وكذلك يقوموا بخلط الأوراق السياسية في المنطقة من جهةٍ ثانية، ونعتقد بأن هذه الأحداث المختلقة في شنكال وقامشلو هي أصلاً للتغطية على العار الذي اقترفوه في جبهات قتالهم في سوريا، والتي أوهموا الشارع الكردي قبلها بأنهم يخوضون المعارك الشرسة في تلك المضارب بكونهم بصدد تدشين كريدورٍ أرضي الذي سيكون بمثابة درب التبانة في فضاء المناطق الكردية، وذلك بعد أن كلفت مقامراتهم السياسية والعسكرية الكرد مئات الأبرياء الذين أزهقت أرواحهم في تلك البراري التي سرعان ما سلموها فرحين ممنونين لزبانية بشار الأسد.
عموماً فحتى ولو افترضنا بأن لا علاقة بين حرق مكاتب أحزاب المجلس الوطني الكردي، وحرق صور الرموز الكردية قامشو، وكذلك الاعتقالات العشوائية بالجملة في الكانتونات الثلاث لكل من يخالفهم بالرأي، والاعتداء على البيشمركة في شنكال، فإنهم ومن خلال سلوكياتهم وممارساتهم ومواقفهم السابقة والراهنة يؤكدون بأنهم لا يتحركون إلاّ بناءً على الأوامر التي تأتيهم من حاخامات الإجرام في طهران، خصوصاً أنه وفور هجومهم على قوات بيشمركة روج آفا صُدر بيان عن الحشد الشعبي الطائفي يقول بأن البيشمركة هاجموا على فصيل تابع لهم! وحول علاقة حزب العمال الكردستاني بالحشد الشعبي الموالي لطهران كان الممثل عن شنگال في مجلس النواب العراقي الدكتور ماجد شنكالي قد أعلن في وقتٍ سابق أن بغداد ترسل رواتب شهرية لـ 300 مقاتل من مسلحي الـ PKK في شنگال على أنهم من مقاتلي الحشد الشعبي الطائفي، الحشد الذي هو بمثابة الوجه الآخر لدواعش السنة لدى الطائفة الشيعية، ويظهر أنه من خلال التبعية العمياء لقادة قنديل لطهران تناسى القيادي مراد قره يلان فكرة انسحاب أنصاره من شنكال بعد أن كان قد استساغها قبل مراجعة قادة المنظومة في قنديل، إذ وبعد أن استشارة الجحاجيح المقيمة على ظهر الأوليمب تم تجاهل الأمر، واستمر حزبه بضخ أوهام لـ: ( xweserî ) بين الأيزيديين في شنكال، علماً أن إدارتهم الوهمية حسب عضو برلمان اقليم كردستان الشيخ شمو لم تستطع إيفاد عشر طلاب للجامعات، ولا استطاعت إدارتهم المزعومة تأمين معاشات 50 استاذ مدرسة في شنكال، ولا قدمت الإدارة مشروعاً حيوياً أو تنموياً أو اقتصادياً لإعادة الحركة لأوصال المنطقة التي دمرها الدواعش الذين قتلوا الناس فيها وسبوا نساء المنطقة، ولكنه وللأسف فقد تم مكافأة بعض المجرمين الدواعش على قذارة ما اقترفوه، وذلك من خلال تعيين الاتحاد الديمقراطي رديف حزب العمال الكردستاني في سوريا القيادي الداعشي السابق المدعو فارس عبدالوهاب المتيوتي مسؤولاً لمكتب النازحين في مخيم الهول جنوب شرق قامشلو!!!.