عمر كوجري
منذ أيام والمهتمون بالشأن السوري، ممن يغرفون من دلو أخبار جنيف 4 في ترقب لرصد التحضيرات التي تتهيأ على مستوى الاهتمام العالمي، والتي تحددت في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، هذا إذا لم يتم تأجيل الموعد من قبل المبعوث الأممي الخاص الى سوريا ستيفان ديمستورا في الأيام الأخيرة، وقد سبق أن كان التأجيل هو عنوان العديد من الأنشطة الدبلوماسية التي تخص المشكل السوري إما لإشعار آخر أو تأجيلاً مديداً خلال الست سنوات من عمر الزلزال السوري.
المفاوضات المزمع إجراؤها تكتسب أهمية خاصة لما لطول وتعقُّد الحرب السورية التي وصلت حرائقها الى الكثير من الأقاليم، وصار المجتمع الدولي يفكر في وقف النزيف قبل أن تطال منظومات وحكومات.
المفاوضات كما نقل عن المبعوث الدولي تسترشد بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يتحدث بشكل محدد عن أسلوب الحكم ودستور جديد وانتخابات في سوريا.
والحق أن الخلاف أو فهم المرجو من انطلاق جنيف4 بين المعارضة السورية والنظام يكسبان انعطافاً واضحاً بل حاداً، فالنظام منتشٍ الى حد كبير” بانتصاراته بفضل سلاح الطيران الروسي والميلشيات المتحالفة معه” وخاصة في استعادة حلب المدينة، ويراها نهاية “للعصيان والإرهاب” بحسب إعلامه”الغوبلزي”!!
النظام وضعه”أريح” حينما كان يحضر في جنيف3 حيث لم تكن الوقائع العسكرية لصالحه، وفشل في “تقويض” قوة المعارضة مثلما كان يريد ويخطط حليفه الروسي الذي أنقذه من السقوط المحتمل كما صرح وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف.
يمكن توصيف حالة المعارضة بالضعف الواضح وعلى مختلف الجبهات التي خسرها لفارق العتاد والعدة، ولانحياز المعارضة المسلحة الى ولاءات اقليمية ودولية أوقعت أفدح الخسائر بها، بل وصل الأمر ببعض المراقبين الاعلاميين للقول إن هذه المعارضة بيعت بثمن بخس، وصار من يدفع لها يتهرب، ويقتّر السلاح، ويمنع إمدادها بالذخيرة حتى وصل الأمر ببعض هذه التشكيلات غير المتجانسة أصلاً لترك أرض المعركة أو الانضمام لداعش وجبهة النصرة” فتح الشام”.
إذاً:جنيف4 مرحلة ربما أقرب للمفصلية في حياة السوريين، والغلبة الدبلوماسية حالياً تُسجّل لمصلحة النظام السوري وسط ضعف المعارضة وخلخلة صفوفها، وتعداد أسمائها، وكثرة منصاتها إلى حد تهديد المبعوث الدولي بتشكيل وفد للمعارضة بنفسه إذا أخفقت في تسمية وفدها، ومن المبكر لأوانه تضخيم التفاؤل على أن جنيف 4 سيتم فيه حل المعضلة السورية” المتعاظمة” طوال هذه السنوات الدامية من عمر السوريين، فأي حل سياسي لن يلوح في الأفق القريب، ربما تحصل بعض التفاهمات على “تخميد” نار بعض الجبهات، ولكن النظام بالأساس لا يؤمن بالتفاوض السلمي، وبالتالي هو يلعب على عامل الوقت لإعادة كل المناطق التي فقدها إلى ” حضن الوطن”!!
كردياً، الكرد مشاركون في المؤتمر القادم، ولكن ليس ضمن ورقة مستقلة كما أرادوا، وهم “المجلس الوطني الكردي في سوريا” بغياب مكون سياسي آخر وهو تف دم الذي يقاد من حزب الاتحاد الديمقراطي، وسواء أكانت مشاركة الكرد بالمجلس أو بكلا المجلسين، وتشكيل وفد موحد، تسري الأنباء أن جنيف لن يناقش الموضوع الكردي كورقة مستقلة، وإن تمت المناقشة فضمن السياق السوري العام، لكن مع كل هذا يبقى الحضور الكردي ضرورياً في جنيف4 رغم أنهم بما لن ينجحوا في تحقيق شيء مهم، فالكرد يحتاجون محفلاً كبيراً كجنيف، شرط توفر شطارة المشاركين، وبراعة وديناميكية في لفت “النظر الدولي” للورقة الكردية في كورستان سوريا، وتأتي أهمية المشاركة في أن النقاش سيدور حول الدستور ومناقشة مبادئه، وبمقدور أعضاء وفد المجلس الكردي أن يكون فاعلين في هذا الجانب، ويمكن أن يكون أداؤهم أفضل من خلال رفد الوفد المفاوض بخبرات أكاديمية على مستوى القانون والإعلام، وحتى “التحليل” السياسي.
إلى اللحظة لا يبدو أن الخبرات الأكاديمية ستنضم للوفد في تشكيلة المجلس، وهذه أولى الاخفاقة على صعيد الدبلوماسية الكردية.