واشنطن وأنقرة … خلافاتهم الصغيرة ورهاناتنا الكبيرة

إدريس خلو
شهدت العلاقات التركية الأمريكية خلال فترة أدارة أوباما توترات متتالية كانت بعضها تخرج الى العلن ويبقى البعض الآخر منها في الغرف المغلقة بين هذين البلدين العضوين في حلف الشمال الأطلسي وبقيت هذه العلاقات متأزمة وفي حالة ضبابية الى اليوم الأخير من  ولاية أوباما وكانت نقاط الخلاف بين البلدين العضوين في حلف الناتو تكمن في مطالب تركية ملحة وعاجلة من ادارة أوباما التي تريثت في عدم الأستجابة لها وفق البراغماتية الأمريكية حيال هكذا قضايا مصيرية وحساسة  فالمطلب التركي بعدم دعم قوات الحماية الكردية وتسليم فتح غولن وأقامة المنطقة الآمنة وفق الرغبات والمقاييس التركية لم تلقي آذاناً صاغية من الأدارة الأمريكية 
في المقابل كانت الأدارة الأمريكية ترى في أردوغان رئيسا معتدلا يمكن أن يشكل جسرا أو بوابة لأمريكا نحو الشرق  لكن تركيا بزعامة أردوغان وحزبه فشلوا واستبدوا بالحكم، ورفضوا استخدام جيشهم الضخم لتحقيق الاستقرار في سوريا حتى وصل الأمر حينما وافقت تركيا على أستخدام أمريكا لقاعدة أنجرليك لمحاربة تنظيم داعش جاءت تلك الموافقة مقابل أن تغض أمريكا النظر عن مهاجمة تركيا لمواقع حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل أضف الى كل ذلك فأن دعم تركيا الأستخبارتي واللوجستي للجماعات المتطرفة في سوريا كانت عاملاً حاسماً للأدارة الأمريكية لتعيد حسابتها بشأن هذا الشريك الأطلسي وعلى الضفة الأخرى كان الروس يراقبون هذا الوضع عن كسب فأستغلوا تلك الأزمة ( التركية الأمريكية ) وخرجت تفاهماتم الى العلن لتصل الى مستويات قياسية وكانت آخرها لقاءات ( استانة ) بشأن تثبيت وقف أطلاق النار في سوريا بمشاركة أيرانية فاعلة ، هذا المشهد الدراماتيكي دفعت الأدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب الى مراجعة حساباتها سريعاً فشهدنا في الفترة الأخيرة لقاءات على أعلى المستويات بين وزيري الدفاع في البلدين وزيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية ورئيس جهاز الأستخبارات ( مايك بومبيو ) الى أنقرة في مسعى أمريكي لرأب الصدع بين البلدين وأيجاد تفاهمات جديدة لخلافاتهم التي تبقى في النهاية خلافات صغيرة  أمام مصالحهم الكبيرة والمشتركة وهنا نعود الى حلمنا الكردي ورهاننا الكبيرة لنطرح على أنفسنا السؤال الكبير ؟
هل كانت الأدارة الأمريكية شريكاً حقيقياً لنا وبموجب تفاهمات وتعهدات وضمانات سياسية وعسكرية موثقة
أم كان التعاطي الأمريكي مع قوات الحماية الكردية مجرد مصلحة آنية حكمتها الظروف الميدانية وشراسة المقاتلين الكرد في المعارك التي خاضوها ضد التنظيمات التكفرية المتطرفة كداعش واخواتها لنكتشف في النهاية بأننا أصحاب الرهانات الخاسرة وأن الأمريكان يتصالحون مع حلفائهم الأطلسيين ( تركية ) على حساب قضية شعبنا وحقوقه  العادلة ودماء شبابنا وشابتنا ليقذفوا في وجهونا عبارة شبيهة بهذه العبارة : ( بأنكم كنتم جنوداً تحت الطلب وأنتهت مهامكم ).
20- 2- 2017 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…