مرايا الســــــــــــــــــجن (3+4+ 5)

  ربحان رمضان
مرايا الســـــــــــــجن (3)
  
1 ترسخت في ذهني صورة عنترة العبسي واصبعه يقضمها ” خصمه ” الذي صاح متألما ً : آه ..

فجاوبه عنترة : والله لو لم تقلها ، لقلتها .
لذلك كنت أقول في نفسي : ” دعهم يقولوها ، إذا لم يقولوهااليوم ..

سيقولوها غدا ً ” .

2 – عدم التفكير بالتدخين رغم إدماني على نوع مميز من سجائر ال Gitan  الفرنسية قببيل دخولي السجن ساعدني في تجميع قواي .
لقد شاهدت الكثير ممن حشروا معي (من غير السياسيين) يتساقطون ويقدموا استعدادهم للإدلاء بأية معلومات يدليها عليهم المحقق مقابل سيجارة يراودهم بها ، ولأنها كانت ممنوعة كان بعض السجناء يتخاطفونها من أرض الحمامات والمراحيض عندما يحظون بها مرمية بعد أن تكون قد استهلكت من قبل السجان الذي ما أن مغتبطون فرحون بها حتى ينهال عليهم بالضرب المبرح عقابا ً لهم ، وتكون سببا ً في إزعاج زملائهم الآخرين من سكان الغرفة وذلك بتفتيش بطانياتهم وما تحت البطانيات بحثا ً عن أعقاب السجائر ..


3 – وفد الغرفة الكثير من الضيوف الأجانب من أتراك ، أفغان ، ايرانيين ، مصريين ..

اردنيين ، وغيرهم ..
البعض حدثنا عن السجون في بلاده فكان أفضلها سجن عمان المركزي في الأردن ، حيث أكد كل الذين سلمهم النظام الأردني للمخابرات الأردنية للمخابرات السورية بأنه (مدينة نموذجية) .
قال الرواة : أن كل غرفة يسكنها ثلاثة إلى أربعة أشخاص تتوفر لديهم كل أسباب الراحة والترفيه ” تلفزيون – راديو – شطرنج – كتب – مجلات..

” والباب يغلق عليهم لساعات محدودة ، فقط من السابعة مساء حتى السابعة صباحا ً ، يخرجوا بعدها إلى العمل في المقاهي المنتشرة في السجن ، إضافة إلى المطاعم ودكاكين اتللحم ، والمخابز ، ومحلات الحلويات ، وبياعي العصير ..

إلخ .
قالوا لنا بأن المقهى الواحد يتسع لمائة وخمسين كرسي ، وصالة السينما القائمة هناك كبيرة وواسعة ومكيفة ..


* * * * * *
عطية حمد ” عضو في الجبهة الديمقراطية ، قال بأنه أنهى دورة للكادر الحزبي هناك ، وتعلم الضرب على الآلة الكاتبة ، وقد أقامت منظمته ، أو منظمات أخرى باحتفالات عديدة بمناسبات مختلفة منها مناسبة انبثاق الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وذلك بوجود ضابط من الشرطة الأردنية ، هو مدير السجن نفسه .
تمنيناأن يطلق سراحنا ، ونسافر إلى الأردن لنعتقل هناك ..

آه ، يالأحلامنا المعبرة عن المعاناة ، والحرمان ..


* * *   * * * *
4 – القمل عشش في ثنايا جلودنا ، والعصا تلازمنا في نومنا ، وفي صحوتنا ، وعند المحقق ، وفي المراحيض التي كان السجان يحتل فيه مكانا ً استراتيجيا ً هاما ً يشرف منه على الثلاث كابينات والدهليز الواصل من الغرفة إليهم .


نحرج ركضاً ننتظر على باب التواليت حتى يخرج زميلنا الذي في الداخل ، وفي لحظة خروجه يتوجب الدخول بسرعة البرق وإلا فالسوط ينتظرنا .
في فترة لاحقة أصبحنا نخرج من الغرفة بدون بنطلون وبدون – شحاطة – ذلك  لأننا نعيش نعيش في أواخر القرن العشرين ”  عصر السرعة والتطور  ” .

 
كان هذا في الفترتين الأولى والثانية من حياتي في هذا المعتقل ، أما في المرحلة الثالثة فقد أمر السجان – أمير المراحيض – أن لا يغلق الباب على من بداخلها مما يترتب على ذلك مشاركة – المنتظر – العملية بالصوت والرائحة والرؤيا ( إذا لم يكن مغمض العينين ب(طماشة) كما هو الحال (فوق) عند المحقق  .
ومن الواجب أن لاتطول المدة عن الزمن المحدد ، وإلا فالعقاب من شريكنا في السماع والتنفس والرؤيا (حضرة السجان) ينتظرنا ، بل يتوجب أن لاتستغرق العملية أكثر من خمس عدات (1 – 5) من المحترم .
المحظوظ منا من يجلس في الغرفة مسندا ً ظهره للجدار ، وبالتأكيد لا يحق للنزيل الجديد إلا أن يكون في أحد الصفين المصفوفان في الوسط ، إلا إذا كان قادما ً من غرفة التحقيق وقد بدى عليه الإجهاد ، وظهرت آثار التعذيب واضحة للعيان ، وطبعا ً كان النوم تناوبا ً بحيث لا يمكن للنائم مد ّ رجليه حتى آخرهما لأن المساحة محدودة ، والخلاف بقوم على سنتيمترات تمادى هذا أو ذاك عليها ، فسوريا وعلى سبيل المثال مساحتها (285) ألف كيلومتر مربع على ما أعتقد (بما فيها مساحة اللواء السليب) ، وكما تعلمنا في كتب الجغرافيا والتاريخ المزورة التي تدرس في كل المدارس ، والكثافة السكانية محددة بأربعة عشر محافظة عدا محافظة (لبنان المفترضة) مساحة .


5 – لما كان يزورنا مدير السجن بين الفينة والفينة ، كان يستمع إلى مطالب المعتقلين ويرد على    كل الأسئلة سؤال  تلو الآخر …
طلبنا منه أن يوزعوا علينا صحيفة واحدة فقط ، ولتكن نشرتهم الناطقة باسمهم  ” واحدة لكل الغرفة ” .
أجابنا المحترم والذكاء يقطر من بين حاجبيه : ” لو أتيناكم بالجريدة ستختلفون وتتقاتلون ، لا ..

لا ، الأفضل بلاها  ” .
شخص آخر طلب زيادة في مقدار وجبة الأكل (لأن ما يقدموه لنا من طعام يكفينا فقط لأن لا نموت جوعا ً ” .
أجاب المحترم : أنتم تأكلون كما نأكل نحن ، والمقدار مخصص من القيادة ، هذا المقدار الذي لايعجبكم يكفي لرجل طيران التحليق سبع ساعات في الجو ..

!!
رد ّ آخر بهمس : ” ولي عليك على هالكذبة ” .
ولما قلنا أن المكان ضيق ، وتوجد صعوبة في النوم ولساعات القعود الطويلة ، أجاب : ” أبشركم بأننا نبني سجنا ً آخر بجانبكم ، وستنقلون إليه بعد أربعة أو خمسة أشهر ..
فهمس أحد المستمعين : ” شيدوا مدرسة ياكلاب ” .
بزياراتهالنادرةالتي كان يقوم بها ليلقي علينا هكذا محاضرات وأوامر كان الصاغي الوحيد هو السجان الذي يقف خلفه عادة ليصغي باهتمام واضح ، ويهز رأسه كالأبله  بالإيجاب .
وطبعا ً يبدو المحترم مهذبا ً ، زمتنفذا ً رغم أن من يقع تحت يديه أثناء التحقيق يريه نجوم الظهر بعز الظهر ، وقد ألبس الكثيرين تهما ً وقعوا على صحتها على أمل إيقاف التعذيب الوحشي الذي كان يأمر باستخدامه لانتزاع الاعتراف ، والتوقيع عليه .
وكثيرا ً ماكان يفقد صوابه أثناء التحقيق نظرا ً لعدم كفاءته مع من يستجوبهم .
لقد ابتلى شعبنا بالكثير من هذه النماذج التي تعيش تحت الأرض ، تخرج يوميا ً كدود الأرض بعد تعذيب أمثالنا المعتقلين إلى الخارج – على سطح الأرض _ .
هذا الشعب يصبر مضطرا ً ، ولكل من أفراده قصة وحكاية معهم ..
كل الشعب هو أيوب ..

أيوب الذي قال عنه أحدهم :
أنا أيوب
واسم أبي – أبو أيوب
وكانت زوجتي حبلى
فأسمت ابننا – أيوب
لها طفلان في الحارة
لكل منهما تشدوا
حبيب العمر ياأيوب
أنا والسجن والسجان
ثلاثي مدى الأزمان
من المهد
إلى اللحد
بأمر الحاكم السلطان
يلازم بعضنا ..

بعضا
ولا نرضى

أنا في الصبر والجلد
وسجني أدمن النسيان
وسجاني ..

على جلدي
يخط بسوطه : أيوب
أنا أيوب .

مرايا السجن (4)

مرثية العم أبو سعيد

سأقص عليكم شيئا ً عن أيام الاعتقال الرهيبة التي عشتها في أحد أقبية الاعتقالات إثر مظاهرة نوروز عام 1986  لمدة سنتين وأعتقد أنه ولحد الآن يعيشها المعتقلون السياسيون في بلادنا الحبيبة ..

كما هي دون تعديل ..

في فوضى فترة تقديم الطعام حيث السجناء يحضرون صحونهم وأوانيهم من تحت وسائدهم  يصطفون في طابور ضمن الغرفة التي اتسعت لأكثر من مائة خص في هذا الوقت …  فتح الباب الحديدي وأدخل رجل كهل..

طويل ونحيف ..

توقف برهة عند الباب وقد بدت على وجهه علائم الخوف والتساؤل والغرابة ظاهرة في عينيه التعبتان ..
اجتاز المساجين بصعوبة حتى وصل لعندنا ( أبو النور وابو هيثم وأنا ) جلس بجانبنا وهو لا يزال يتمتم ، ويشتم ، ويكفر بالله وأنبياءه ..


– مالك ياعم ، نحن سألفناه .
– * أجابنا والأسى باد عليه : يلعن دينن على دين أكلن ،
 عم يقولوا سبيت الرئيس ، وأنا ماسبيته !!- تفضل ياعم كل معنا ، وبعدها سنتحدث .
– مابدي آكل ، يلعن دينن على دين أكلن ..

قال أنا سبيت الرئيس بالسعودية !!
– بالسعودية ؟!!
– أنا وعائد من السعودية بسيارتي الشاحنة أوقفني (ولد ) من المخابرات ، قال انزل يا أخو الش ..

إخوان مسلمين ، ما ؟
– أجبته : سامحك الله ياابني .

– أمسك بزمام ياقتي ، وأدخلني إلى فرعهم في الحدود ..

جرّني ..

جرّ

—  ضربوني وقالوا أني سبيت الرئيس بالسعودية ، وفي مدينة الطائف بالذات ، ولك أنا مارحت على الطائف بالأساس ..
– بقيت ضيفا ً ” عزيزا ً!!” في فرعهم خمسة عشر يوما ً ، أكلت خلالها نصيبي من الضرب والتعذيب والإهانات ..
– أنا معي سكري ، انظروا إلى هذا الدم كيف يسيل من قدمي ، لك الله لا يوفقهم ، قال سبيت الرئيس !!
–         اسم الكريم ياعم ؟: أبو سعيد .
أبو سعيد .الداعي محمد رجب زينو ، وبينادولي
–         بدك تطول بالك ياعم ، وواضح أنك كفرت
بقي العم أبو سعيد معنا حوالي عشرين يوما ً ، رقد بجانبي ..

 كان يئن من آلامه ..

يبكي أحيانا ً ، لم يكن يسنطيع رؤية بيوض القمل فكنت أفت له ثيلبه بحثا ً عنها بعد كل فطور ..
قبل انتقاله من غرفتنا بيومين رجع من غرفة التعذيب منهكا ً .
–         ماذا جرى معك باأبو سعيد ؟
–         قال : اعترفت .
–         لماذا وأنت لم تسبّ ؟
–         لأنهم عذبوني كثيراً ، وبالأخير خيروني : إما أنك سبيت ، أو أنك من الاخوان المسلمين ..
–         اخترت الأولى .
–         أعانك الله ياعم ، والله يفرجها ع الجميع .
–   بعد يومين خرج أبو سعيد ، فرحت لخروجه ، قبلناه ، طلبت منه أن يذهب لعند والدتي ” المسنة التي بقيت تنتظرني حتى أفرج عني وماتت” ليخبرها بأني مازلت حيا ً أعيش ، والآخرين طلبوا منه كذلك ..

أن يذهب لعند أهاليهم للإطمئنان ..
–         ودعناه حتى الباب ..
بعد سنة ، فتح الباب الحديدي مرة أخرى ، ودخل العم أبو سعيد ، اجتزت الناس لأستقبله ..
شو عم أبو سعيد ؟ سألته .
قال : كنت في المزة ، قضيت عام كامل في السجن هناك .

سيخرجوني من هنا إذا ً إن شــاء الله .
لم أستطيع أن أريحه من عناء السجن لأنه لم تكن قد بقيت محلات ، فقد أصبح عدد نزلاء الغرفة 180 شخصا ً ، وبذلك بقي العم أبو سعيد جاثما ً على بقعة في الركن منزويا ً على نفسه .
أسـّر لي قائلا ً : ” والله ماسبيته ” !!
في الصباح أفطرنا خبزا ً وحبتا الزيتون اللتان كانت توزعا علينا كل صباح ، وبعد أربع ساعات طلبه السجان حيث أخذه ولم يعد .
لما أطلق سراحي فيما بعد ذهبت إلى بيته في القابون وزرته ..

لم يكن قد نسي اسمي ..

فمزح معي قائلا ً أهلا بأبو جنكاور ..
قبل زيارتي الأخيرة إلى الوطن سألت عليه فقيل لي أنه مات .

مرايا الســـــــــــــجن (5)

عصبة الاختلاس

جمعتني بالسيد جريس ألتون * المجامع ، والمستر الذي له ولبقية أفراد عصبته امتياز خاص من بين كل نزلء الفرع – المداني حتى تثبت برائتهم – بعكس ماقال الرئيس الأسد : ” المتهم برئ حتى يدان ” .
و المقبوض عليهم إمّـا لتقريير ، أو اتباه ، أو لصلة رحم مع متهم مطارد أو سياسي مهدد بالإعتقال توارى داخل أو خارج البلاد .
بقدوم عصبة الاختلاس هذه تغير النظام اليومي الذي اعتدنا عليه فيما سبق ، حيث بدأت الصحف الناطقة بلسان الحزب الحاكم تتوارد غلينا ، بدأنا نستطيع التحدث ، وأصبح السجان بدخوله علينا يؤدي التحية للسيد المذكور الذي بدت عليه إمارات الغنى والرفاه بعد حياة مضنية قضاها برتبة عريف متطوع في الجيش .
إن البلاك الذي كان يزين معصمه ، وأزرار القميص ، والخواتم الذهبية الجميلة رأيناها في اليومين الأولين فقط لدخوله غرفتنا المضيافة ، وذلك قبل إهدائها ”  للبعض ” عن طيب خاطر أو بالإكراه مما َطمـّع البعض من التزلف إليه ، وأصبحوا ينادونه يوميا ً لينفث سيجارة تفرج همه عنـّا نحن الثرثارين .
وكثيرا ً ماكانوا يدعونه لأخذ حمام ساخن يعود بعدها لينشف جسمه المترهل بمناف ملونة تنبعث منها رائحة الصابون الزكية ، على حين أن مناشفنا كانت قمصاننا الداخلية ذاتها ، ولشـدّ ماحلمنا بمنشفة ملونة وجميلة ، كما حلمنا بالفراش الوثير ، وفنجان القهوة الصباحي .
جريمتنا هي الفكر الذي لالون له ولا رائحة مما حدى بسجانينا أن يعتقلوا كل من جعل الفكر شكلا ّ على الورق ، أو رائحة في الهواء .
حاولوا أن يكمّـوا أفواهنا ، ويسـدّوا أنوفنا ، ويحـلّوا عقدهم النفسية الناتجة عن أوضاعهم الاجتماعية السيئة من خلال ممارسة أساليب مبتكرة من التعذيب لمن في غرفتنا ( وغرف لايعلم عددها إلا الله) التي لا يُعرف فيها وقتا ً او تاريخ .
السيد ألتون يملك حصة في بواخر تمخر عبر البحار ، و أسهم (حصة) في معمل للحديد في جزيرة قبرص .
اتفق مع ضابط برتبة عميد (بيرم) على استيراد الحديد لحساب مؤسسة الاسكان العسكري ، غير أن إضافة بضعة أصفار على كل فاتورة أضافت أرباحا ً طائلة لكل الشركاء والمتعاونين معهم ، ابتداء من حرس المستودعات وإنتهاء ً بمدراء الفروع ، سجلت خسارة فادحة للوطن لم يحدث مثلها منذ أن أعلنت حالة الطوارئ ..
لم نكن نستطيع التعرف على العميد لأنه كان في زنزانة خارج غرفتنا ، أما أخوه (صلاح) فقد صرح ولأكثر من مرّة بأنه يخرج إلى الحديقة يأخذ حماما ً شمسيا ً ، وأنهما يتناولا الطعام على مائدة السيد العميد مدير جميع سجاني الفرع .
أما زملائهما فقد أسرّوا و (على ذمة الراوي) بأنهما والسيد ألتون يزوروا عوائلهم في بيوتهم المتنائرة في أحياء دمشق وباستمرار .
زملائهم كانوا يحوّلوا ماتبـّقى من الفواتير إلى مستودعات المؤسسة ليصار إلى بيعها في السوق المحلية لحسابهم الخاص ، ويقبضوا عمولتهم من البائع والمشتري ، والخاسر طبعا ً هو العب الذي أعيته كثرة الضرائب وارتفاع الأسعار المستمر .
****************
العم محمد ديب عليان ( ديبو محمد ديب عليـّان من مواليد حارم /1914 / ) ٌأعتقل كرهينة عن ابنه الموجود منذ سنوات خارج البلاد ) عاش ولفترة طويلة بجانبي في زاوية الغرفة اليمنى المقابلة للباب ، كهل عمره اثنان وسبعون عام ، رجل بكل معنى الكلمة ، صبور أكثر من النبي أيـوب .


كان واحدا ً من الثوار السوريين الذين قارعوا الاستعمار الفرنسي ، ومن المحاربين القدامى الذين ٌأفتتح بأسمائهم رابطة قرب حديقة السبكي بدمشق وذلك في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد اسمها رابطة المحاربين القدماء .
طويل القامة ، أهدج الصوت ، ٌحفرت الأخاديد في وجهه ، وأحنت له ظهره ، يمتاز بذاكرة لاتخونه أبدا ً .
كان يحفظ الكثير من آيات القرآن ، والشعر ، حتى أنه كان يشاركنا مباريات العر التي كنا نمضي بها الوقت الطويل ، ويقص علينا مايعرفه من الحكايا والأمثال الشعبية ، حفظت من محفوظاته بيتا ً مشهورا ً لأبي الطيب المتنبي حيث يقول :
عش عزيزا ً أو مت وأنت كريم ** بين طعن القنا وخفق البنود
بعد تسعة أشهر ونيف من اعتقاله سقط على رض الحمام لكثرة مااستعجله السـجّـان على الخروج منه ، أصبح يعرج في مشيته عند ذهابه وإيابه إلى المرحاض ، ويئن من الألم جرّاء إصابته بكسـر في الحوض ، بقي دون علاج ، ولم يكن له مكان يتمدد فيه .
***************
كانت عصبة الإختلاس متأكدة من إنصافها ، ومن النزاهة والعدالة التي ستنفذ بحق أفرادها .
وكنّـا نحلم بمحكمة علنية يشهد فيها الناس والتاريخ على برائتنا من جريمة لم نفعلها .
كنا نحلم باليوم الذي سيحاسب فيه المجرمون الحقيقيون .
حلمنا ولا زلنا بالديمقراطية وبمســـاواة ..

وعدالة ..

وغد ٌ مشــرق ..

ومستقبل سعيد ..

ومفاهيم أخرى كثيرة ..


ربما ..

ربما يتحول الحلم إلى حقيقة ..
*********

  * ورد اسمه في القائمة السوداء بعد سقوط النظام الديكتاتوري المقبور في بغداد .

   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…