من هو المنشق ، ومن هو الوحدوي ؟

  د.

عبد الرحمن آلوجي

أثيرت – في الآونة الخيرة – ضجة مفتعلة حول تطورات الوضع في البارتي ، وعملية الوحدة ، وما شابها من تعقيدات ، وما أربك المساعي الحقيقية للم الشمل ، وجمع الرفاق – خاصة في القاعدتين – تحت ظل خيمة واحدة… وقد انبرى بعضهم من أمثال ديار ، ودلبرين ، دومام آشتي ، إلى الإنحاء باللائحة على (عبد الرحمن آلوجي) ورفاقه ، متهمين إياهم بخرق الاتفاق ، وعدم الصبر ، وتجاوز المألوف ، والتعود على الانقسام والشغب ونحو ذلك
مما يندرج في خانة الاتهامات ، ولا يكاد يستند على المألوف والمكشوف والمعلن الصُّراح من الوقائع والحقائق الدافعة ، والتي أوردت بعضها موثقة ومؤرخة ، وبنصوصها في مقال سابق (حقائق ناصعة للرأي العام) وفي هذه العجالة يمكننا أن نطرح حقائق بادية للعيان ، شهد عليها الوطنيون ، وأدركها الرفاق في الطرفين ، واحتك بها لأكاديميون والنخبة (وفود وطنية ، من مختلف الانتماءات والاتجاهات ، ووفد من حقوق الإنسان الكردي – ماف ، وكتاب ومثقفون ،….) وأبرز هذه الوقائع التي تؤكد سعينا الوحدوي ، وإصرارنا عليه :
1- إن المبادرة الوحدوية – وعلى طول الخط – ومنذ 7/10/2003 ، ولغاية 27/4/2007 كانت على الدوام تنطلق من طرفنا ، وما كان من الوفود الوطنية المرسلة من قبلنا ، كان في نطاق هذه المبادرة واليت كان أبرزها :
– وفد من داخل الحزب (أبرز كوادرنا) بالإضافة إلى فعاليات وطنية ، لا نريد ذكرها بالتسمية ، حرصاً على الجانب التكتيمي الذي لا بد منه ، للحفاظ على قيم وثوابت نؤمن بها …..
– وفد من داخل الحزب ومن رفاقنا بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المثقفين الكرد إلى جانب مسؤولين من ماف ، طرقت باب السكرتير العام ومن حوله.
– وفد من أطباء من مدن مختلفة ، تمكن من عقد لقاءات واسعة ومكثفة وخلال سنة ونيف… خرج الوفد نتيجة كان خلاصتها هذا الاقتراح من قبل رفاقنا في الطرف الآخر ، على أن نكتب إليهم استسلاماً هذا نصه:
(نمد يدنا إليكم طالبين التوحد بكم ، نظراً لصواب نهجكم ، وبالطريقة التي تختارونها ..) وهو يوحي بالارتماء وطلب الاستجداء ، وقبول حماية الآخرين ، والانضمام بشكل واضح ، لا لبس فيه ، نظراً لصواب نهجهم وخطأ نهجنا ، وهم الذين كتبوا : (لو أن قوانين الأرض جميعاً أرادت أن توفر غطاء للغزو الأمريكي على العراق لما استطاعت أن تفعل ذلك….) إضافة إلى (أوجلان في مفترق الطرق …) وغير ذلك كثير … مما لا حاجة إلى إثارته ونبشه ، وإثارة تناقضاته وأخطائه ، وفرق الثوابت..
– الوفد الأخير المشكل من وطنيين من مختلف المناطق ، والذي بذل جهداً كبيراً في توفير مستلزمات الوحدة ، وإن كانوا قد اعترفوا حرفياً ، بأنهم إنما يجدون فينا (كل الاستعداد للوحدة والتنازل من أجلها ولو بشروط دنيا) وهم من أجل ذلك يقولون (إننا – نمون عليكم – ولا نجد فيهم إلا إصراراً على إلحاقكم بهم ، ولا بد من التضحية للوصول إلى الوحدة…) ، وهم لا يعترفون بواقعكم التنظيمي ، مع إقرارنا بكل تعييناتهم وملحقاتهم ، وعدم اعترافهم بالهيئات والتشكيلات المنتخبة لدينا لقد بذل هذا الوفد من خلال لجنة مشكلة جهداً كبيراً في سبيل إنجاح المسعى إلى الوحدة ، بعد تعطيل جهود الوطنيين السابقين ، وضرب كل المحاولات لعدم الرد على أية رسالة ، أو القبول بمنطلق الحوار ، أو الاعتراف بهيئات ومنظمات الحزب القائمة ، وقد وجدنا أنفسنا تحت الضرورة القصوى للموقف الوحدوي لرفاقنا ، وتحت ضغط اللجنة الوطنية ، وكبار الوطنيين مدفوعين إلى القبول التعجيزي بالوحدة ، ساعين إليها بكل ما ملكتا من إحساس عال بالمسؤولية ، واندفاع إلى صيانة البارتي ، ونزول عند رغبة الجماهير ، ووقوف على قراري الكونفراسين الأول 1/تشرين1/2006 والثاني 10/3/2007 واللذين نصا على (الخيار الاستراتيجي للوحدة) والقاضي بضرورة نقله إلى (واقع عملي وميداني ، بعيد عن الرغبات والأمنيات) وعدم القبول بالانصراف إلى المؤتمر الاعتيادي في القرار شبه الجماعي بتاريخ 10/3/في الكونفراس المذكور الثاني لمنظمات الحزب ، إلا بعد استنفاد كافة فرص الوحدة ، ووصولها إلى طريق مسدودة ، وحرق كل الأوراق المهترئة التي كنا على دراية بأنهم يكيدون بها ، تارة للتعرية وتارة للتشتيت ، وأخرى للانتقام ، ليكون هذا العامل الأخير هو العامل الأبرز والذي تجلي عملياً في عدة مظاهر :
1- عشية عقد المؤتمر ، حيث أبل رفاق المنطقيات بضرورة شطب كل مرشح من قبل عبد الرحمن ورفاقه .
2- إغفال أية صلة بالوحدة وعدم الإشادة بها أو الإتيان على الوعود السخية المبذولة بضرورة مشاركة رفاقنا في صنع القرار السياسي ورفد الحزب بكفاءات وقدرات ودماء جديدة ، مع توسع القيادة ووصول أعدادها إلى واحد وعشرين عضواً بدلاً من اثني عشر …
3- بروز هذه النية بإسقاط كل المرشحين من قبلنا للمشاركة في المؤتمر في المناطق التي استطاعوا أن يفعلوا فيها ما كانوا يخططون لخفض عدد هؤلاء المشاركين والنظر إليهم على أنهم جسد غريب ينبغي قلعة ورميه خارجاً ، وه ما صرّح به مسئولوهم في أكثر من مناسبة ، مؤكدين على عنصر التبييت المسبق والتآمر….
4- الإعلان صراحة لرفاقنا الذين خرجوا من صفهم اعتراضاً على تصريحاتهم وآرائهم وتكتلاتهم ، وخروجهم على أي منطق وحدوي بأن القاعدة التنظيمية التي يمكن أن تؤثر مستقبلاً على هيكل الحزب من قبل عبد الرحمن ورفاقه ينبغي (لجمها ووضع حد لها) قبل أن تستفحل وتستشري ولو كان عدد مندوبيهم لا يؤثر على تشكيل القيادة ، نظراً للحشد الهائل الذي سيق للمؤتمر وتجاوز المائتين والثلاثين عضواً ، وهو رقم لم يصل إليه مندوبو الحزب في سائر مؤتمراته ، وفي أوج نشاط البارتي ، حيث لم يتعدُّ مائة وعشرين مندوباً في أحسن الحالات… مما أدرج المؤامرة والتكتل ، ونية ضرب الوحدة في العمق ، وشكل الضربة للتوحيد المقرر ،والذي كان من المفترض أن يكون (عنوان المرحلة) كما قالوا نصاً (في بيان إعلان الوحدة) والذي وأدوه في المهد ، ومزقوا كل أمل في توثيقه .
5- عدم الاكتفاء بعشرة أعضاء من القيادة الجديدة بل أبرز أربعة قوائم أخرى ضمت كتلاً لمجموعة متصالحة ، كانت في الأصل متصارعة ، ومتحاربة لتجد فينا زاداً دسماً للاتفاق عليه وضربه ، والتكتل ضده ، وبالتالي حشد التأييد لعشرة آخرين من المرشحين ضمن (قوائم ظل جديدة) ومرادفة للقيادة القديمة ، وضرب وشطب كل رفيق من قبل المتحدين ، والمفترض من تكريمهم ، وإعطاؤهم الدور الجديد ، تقريراً لعلمية الوحدة ، كما حدث في النموذج المحتذى والمفترض أن يكون النموذج الحي لنهج البارزاني الخالد ، حيثما اتحد الديمقراطي مع رفاق (ضرب الشعب ؟؟؟؟) ليضاف اسم (الحزب الديمقراطي الكردستاني…) لفظة – الموحد – ويضاف أحد عشر عضواً جديداً إلى اللجنة المركزية ، وبتسليم الشهيد سامي عبد الرحمن منصب سكرتير المكتب السياسي ، مع الفارق الهائل بين الحزب والمتحدين بها ، كماً ونوعاً وتوجهاً وسياسية وقيادة ؟! وهو موقف مشرف كان من المفترض أن يتقلّد وسامه المتكتلون ؟! ولكن كيف لمنشق أصلاً ، ومتكتل وغاق في منطق الفئوية والشطب والعقلية التصفوية أن يقبل بهذا المنطق المتوازن ، وهذه الصورة العقائدية والوطنية ؟! وهو الفارق في الانقسام والتشرذم والمصالحية ، والنفعية ؟! فمن هو المنشق ، ومن هو الداعي إلى الانشقاق ؟! ومن المخطط لعملية الشرذمة ؟! ومن يستطيع أن، يرقى إلى إكرام الرفاق ، وإعزازهم وتقدير توجههم الوحدوي ، وحرصهم البالغ على الوحدة ؟!
لقد برز هذا السؤال لدى اللجنة الوطنية المحكمة بتاريخ 27/4/2007 ، وما تلته من أحداث مؤسفة ليأتي شهادتها (بخرقهم المفضوح والمعلن لكل اتفاق شفهي كان أم غير شفهي …) والذين يرفضون أصلاً أن يركنوا إليه ، حتى ولو لم يكن ثمة أي اتفاق أو وعد ؟! فهل يعقل أن يشطب ويزال ويهان المتوحدون أمام قوائم الظل الجديدة ؟! وهل يعقل أن يكون المشطوب عليهم منشقين ، والشاطبون والمقصون والمتكتلون وراء القوائم الجديدة وحدويين وموحدين وأصحاب نهج ؟! إن القاصي والداني ، والعدو والصديق ، والنخبة ونبض الشارع ، وكبار الوطنيين يدركون أن موقفاً ؟؟؟ وبعيداً عن قيم الوطنية والأخلاق الرفيعة قد حسم أمره ، وأن اعترافاً صريحاً منهم كان سيد الأحكام ، وأن المنشق من خرق وأخلف الوعد وغدر ، وشطب ومزق كل أوراق الوحدة ، وحقق كل قيم التآمر ؟!

أرجو أن يسمعوا إن كان بهم حس من ضمير ؟! أو نبأة من حق ؟! وأن يدرك المتهمون أننا مضينا إلى الوحدة بكل ما أوتينا من قوة ، وأن رفاقنا وجدوا في الوحدة الحقيقية المخرج الوطني الأكبر ، وأن من حاك الدسائس وتآمر عليها ، هو المسؤول مسؤولية تاريخية عن إضاعة هذه الفرصة الثمينة ، وأننا سوف نوحد البارتي ، ونعلن بكل قوة ووضوح عن إعادة لم الشمل ، والرد على هذه المكيدة ، وجمع الرفاق في الطرفين على صعيد واحد ثابت وراسخ وقوي ، وقد ملكنا خيار أنفسنا وقرارنا المستقل ، وأن غداً لناظره قريب، وأن مستقبل هذه الراية البيضاء ، هو بيد أهلها وذويها وكبار المناضلين وكوادر البارتي….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…