هل ينبثق الربيع من دمار سوريا

زهرة أحمد
خارطة الطريق الثلاثية المصالح تبرز في الأفق السورية الممزقة، وترسم أبجديتها من قبل دول لم تتبرأ ذمتها من إباحة الدم السوري.
ايران ذات الصيت السيء في ملف حقوق الإنسان تشارك في وضع خارطة الحل بغياب أصحابها الحقيقيين، وروسيا التي هدمت بوحشيتها تفاصيل الحياة في حلب وحولتها إلى أنقاض وبقايا أشلاء متناثرة، تنصب نفسها وصيا على سوريا وتجتهد في وضع أبجدية الحل السياسي كما هي تعتقد.
وصاحبة المواقف الضابية والالتوائية حيناً، تركيا، من جهة تحضن قوى المعارضة السورية وتدور في فلك الدول التي دمرت وتدمر سوريا من جهة أخرى وتؤكد سراً على بقاء الاسد في السلطة.
كل سيناريوهات الحل المقترحة لمستقبل سوريا السياسي كان بغياب الشعب السوري عن أطُر الحل والتوقيع بالأحرف الأولى على التفاهمات التي لم تتوافق جميعها مع تطلعات الشعب الجريح في معركة هي الأبشع من نوعها على مدى التاريخ وفي أرشيف الحروب المدمرة.
لم تضع تلك التفاهمات الثلاثية أوالرباعية وما وراء كل إرادة الشعب السوري في اعتباراتها ولم تحترم تطلعاتها التي ضحت من أجلها بكل ماتملك.
وواشنطن الغائبة الحاضرة لم تلعب الدور البطولي في تلك السيناريوهات لتمهد الطريق للاعبين يتحكمون بالأدوار وفق مصالحها.
كدولة عظمى لم يكن دورها عظيماً بل أتاحت المجال لتعاظم دور روسيا وايران وتركيا بتعاطيها الخجول والمتردد للملف السوري.
هذا الهدوء الامريكي المتردد والكئيب هل يخبِّئ في أحشائه بركانا ثائرا يرسم أفق الحل  لحياة سورية في حالة احتضارها الأخير، ونكون أمام عهد ودور جديدين يحسمان الخلافات المتجذرة والمصالح الدولية التي دفنت أحلام وآمال شعب يناجي بألم؟
والمعارضة السورية بتشتت كياناتها وبخطاباتها الطائفية والإقصائية أبعدت الثورة بمفاهيمها الثورية عن الشعب السوري، وخيَّبت آماله في الحرية والكرامة الإنسانية،   وتم تحريف مسار الثورة التي من أجلها ضحى الشعب السوري بحياته، فلاقى القتل والتشريد والتهجير لأنه طالب بحريته وبرحيل عهود الاستبداد.
لم تهتم المعارضة كثيرا بالقضية الكردية ،وما “وثيقة لندن” إلا نموذج لإقصاء الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في وثائق المعارضة .
ودي مستورا المبعوث الأممي التائه في دهاليز الأزمة السورية، يعلن عن بدء المفاوضات ليؤكد بأن الأمم المتحدة مازالت على قيد الحياة وقراراتها ذات مفعول في الملف السوري بالرغم من تشعب الظروف وتشابكها لدرجة يستحيل معها إجراء المفاوضات في أجوائها الشائكة.
الطريق حتى الآن غير معبد الى الآستانة، والضامنان لاتفاقية وقف النار غير ضامنين لمصالح الشعب السوري، ومازالت وادي بردى يُقصَف حتى الآن.
امتعاض إيراني من التقارب الروسي التركي خوفاً من تهميش دورها في سوريا سياسيا بالرغم من استمرارية مشاركته الفعالة في إراقة الدم السوري.
اي اتفاقيات للحل في سوريا اذا لم تكن تحت رعاية الامم المتحدة وبقرارات أممية لن تمثل إلا مصالح الموقعين على الاتفاق وستسهم في إطالة عمر النظام والاستبداد بالرغم من تباكيها على موت الحياة في سوريا.
سوريا المشتتة في خرائط المصالح والدمار، تئن بجغرافيتها، وبقايا أطلالها تحكي تاريخ الاستبداد وقصص القتل والتشرد. وأشلاء الأطفال أبجدية لقصة شعب تحت الأنقاض.
 كردستان ” 552 “

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…