كرد المالكي و إستراتيجية البارزاني الجديدة

جهاد كورو* 
كردستان العراق في العام 2017 ستعاني أكثر من الناحية الإقتصادية و السياسية و بوادر ذلك تلوح في الأفق منذ الآن من خلال قانون الموازنة المقرر في البرلمان العراقي ، حيث تقدمت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي بطلب إضافة رواتب البيشمرگة إلى قانون الموازنة للعام الجديد باعتبار أن تلك القوات هي جزء من منظومة الدفاع العراقية ، لكن كتلة المالكي وقفت بالضد من ذلك و أفشلته ، فإقترحت كتلة الپارتي بإضافة رواتب 100ألف من البيشمرگة على الأقل إلى مشروع الموازنة و أيضاً وقف شيعة المالكي و سنته ضد الإقتراح فإنسحبت كتلة الپارتي من الجلسات و أعلنت أنها لن تقبل المساومة على حقوق شعب كردستان و پيشمرگته 
لكن المفاجأة كانت أن الكتل الكردية الأخرى – يكيتي ، گوران – لم تنسحب من الجلسة فهو إذن موافقة ضمنية على عدم إدراج رواتب الپيشمرگة في الموازنة و بالنتيجة تم تمرير المشروع و أصبح قانوناً دون تأمين حقوق الپيشمرگة
بند آخر جرى الحديث عنه خلال آخر أسبوعين حول ضم مليشيا الحشد الشعبي إلى المؤسسة العسكرية العراقية و تخصيص رواتب ثابتة و دائمة لهم – عددهم 100ألف مقاتل – و حسم 3.5% من راتب الموظف العراقي المدني و من بينها موظفي إقليم كردستان و إعطائها للحشد الشعبي ! و هنا أيضاً استمر التخاذل – اليكيتي ، الگوراني – حيث صوتت الكتلتان لصالح المشروع و أصبح قانوناً و صارت حكومة الإقليم ملزمة بحسم تلك النسبة من رواتب موظفيها لدفعها إلى الحشد الشعبي و إن لم تفعل ذلك فإن حكومة بغداد لن تعطي أربيل قرشاً واحداً من حصتها في الموازنة الإتحادية
من كان ليصدق أن هذا سيحدث !!
من كان ليصدق أن كردستان ستقطع اللقمة من فم شعبها لتطعم الحشد الشعبي الذي هو في الأساس يعادي كردستان و سلطتها و شعبها و حدث بين الطرفين حالات اقتتال كثرة كان آخرها في طوزخورماتو 
نعم يا سادة هذا ما فعلته كتلة حركة التغيير – گوران – و كتلة الإتحاد الوطني الكردستاني – يكيتي – في البرلمان العراقي و هما بذلك يستحقان بجدارة لقب – كرد المالكي – على غرار شيعة المالكي و سنة المالكي
و رصاصة الرحمة بدأت تظهر إلى العلن حيث تفيد تقارير صحفية عن وجود تفاهم و تكتل و تحالف يجمع بين الثلاثي – المالكي ، يكيتي ، گوران – هدفهم إسقاط حكومة العبادي و إعادة المالكي إلى رئاسة الحكومة الإتحادية و بالمقابل سيتعامل المالكي إن نجح مع السليمانية إقتصادياً سياسياً عسكرياً و مالياً بشكل مباشر و دون المرور من بوابة العاصمة هولير – أربيل – و حكومة الإقليم 
الدائرة تضيق يوماً بعد آخر على شخص الرئيس بارزاني و حزبه و حكومة الإقليم و سلطات الإقليم و مكتسباته السياسية و الاجتماعية والعسكرية و الدولية التي تحققت بفضل تضحيات مئات آلاف الشهداء من أبناء كردستان على مدى عقود طويلة 
الأعداء و المنافسون و الطامعون و حتى الحاقدون يحيطون بالبارزاني و يتربصون به من كل حدب و صوب و على رأسها إيران و تيار المالكي فتلاوي و من خلفهم كل المليشيات الشيعية و في الداخل الكردستاني أيضاً متمثلاً بحزب الإتحاد الوطني الكردستاني جناح هيروخان أحمد – زوجة الرئيس طالباني – و حركة التغيير گوران و من الشمال معسكرات حزب العمال الكردستاني في قنديل و جبال شمال أربيل و دهوك و في شنگال و من خلال وسائل حزب العمال الإعلامية 
فصول الحصار السياسي يتمثل أيضاً بحزب صالح مسلم – حزب الإتحاد الديمقراطي – في كردستان سوريا و مؤسساته و ايديولوجياته و إعلامه و أقلامه 
و المتنفس التركي الوحيد الباقي للإقليم لن يبق إلى الأبد لأن تركيا بنهاية المطاف عدوة لشعب كردستان و تحتل الجزء الشمالي من كردستان و لا أحد يعلم متى تقرر الإنقلاب على إتفاقياتها 
الكل يحضر سكاكينه للطعن في صدر قلعة هولير و رفع أعلامه فوق منارة المدينة القديمة 
هل لدى الرئيس بارزاني درع حماية له و لشعبه و بيشمركته و لقمة مواطني الإقليم  !؟
البارزاني مطالب في هذه الفترة بالمحافظة على تحالفه مع حيدر العبادي و الدفاع عنه حتى النهاية لأن ما بعد العبادي يعني العداوة العلنية بين بغداد و أربيل و أربيل دون السليمانية ستبدو ضعيفة جداً 
المطلوب هو الإبقاء على التواصل مع العبادي وفق أعلى المستويات و مع عمار الحكيم و نوعاً ما مع مقتدى الصدر فهؤلاء لهم مواقف تاريخية مشرفة مع قضية شعب كردستان 
و في الداخل الكردستاني على الرئيس بارزاني إعطاء كل الدعم السياسي للجناح المنشق من حزب الإتحاد الوطني الكردستاني متمثلاً ب – كوسرت رسول نائب رئيس الإقليم و نائب رئيس حزب الإتحاد – الدكتور برهم صالح الشخصية الكردستانية المعروفة و رئيس حكومة كردستان السابق و شيخ جعفر مصطفى القيادي في قوات بيشمركة حزب الإتحاد و آخرون 
هذه الأسماء قادرة على كسب نسبة كبيرة من أصوات السليمانية و كركوك في الإنتخابات البرلمانية البرلمانية المقبلة في الإقليم و بذلك يكون قد تم قطع الطريق أمام جناح هيروخان أحمد ، و لن يستطيعوا بعد ذلك التلاعب بمصير السليمانية و كركوك كما يشاؤون 
● توجه البارزاني نحو الغرب :
الرئيس بارزاني بدأ يتجه نحو الغرب بشكل أكثر وضوحاً و فعالية من السابق للترويج لفكرة إستقلال كردستان و الحصول على دعم الأصدقاء 
فنجد مثلاً أن مسرور بارزاني رئيس مجلس أمن إقليم كردستان توجه إلى واشنطن برفقة فؤاد حسين رئيس ديوان إقليم كردستان العراق لإجراء مباحثات جدية مع أعضاء الإدارة الأمريكية الجديدة و مع صنّاع القرار هناك و المراكز الدراسية و الإستشارية 
و من جانبه آخر توجه قوباد طالباني نائب رئيس حكومة كردستان إلى لندن برفقة عدد من الشخصيات المهمة من كردستان لنفس الغرض و جل الحوارات كانت تدور حول فكرة الإستقلال و الدعم البريطاني في ذلك الإطار
و يقوم أيضاً السيد هيمن هورامي عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بجولة تشمل عدة دول أوروبية للقاء مراكز أبحاث و تجمعات و منتديات و صناع القرار الأوروبي 
التعاطف و الدعم الأوروبي الأمريكي و حتى العربي الخليجي موجود لكن يجب وضعه كله في إطاره الصحيح و دراسة كيفية الإستفادة منه في قضية الإستقلال و ليس من أجل الأمور الجانبية كالأزمة المالية في الإقليم مثلاً ، فهذه الأزمة مصطنعة بدأها المالكي مع إيران و انضم إليهما بعض الأطراف الكردية و كل ذلك عندما بدأ البارزاني بالفعل بخطوات وضع كردستان على طريق الإستقلال قبل ثلاث سنوات 
الدول الغربية لن تقف عائقاً أمام الإستقلال لكنها ترغب أن يتم ذلك بالتوافق مع بغداد و كرروا ذلك مراراً على مسامع القيادات الكردية و كردستان إستوعبت الرسالة جيداً و لأجل ذلك ترسل وفودها إلى عواصم القرار و بدأت بتحسين علاقتها مع حكومة العبادي و الذي كان تكلل بزيارة الرئيس مسعود بارزاني إلى بغداد قبل ثلاثة أشهر 
و الدعم العربي و خاصة الخليجي مهم جداً و أعتقد أن زيارات الرئيس بارزاني السعودية و الإمارات و الكويت المتكررة في الأشهر الأخيرة لم تأت سدىً ، و يجب أن تكون قد حققت أهدافها 
أما عن عامة الشعب الكردي في كل مكان و خاصة مثقفيه و كتابه و إعلاميه و منابره فيجب أن يكونوا سنداً لجهود الرئيس بارزاني و مدافعين عن الحقوق الكردستانية و المكتسبات التي تحققت هناك بكل ما استطاعوا من وسائل حتى يخلق الله ما يشاء .
* الناطق بإسم جمعية الحياة – جين –

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…