أحمــــــد قاســــــم
الثورة السورية لم ترى أي دعم من أية دولة بصورة منتظمة, والمائة وعشرون دولة من أصدقاء الشعب السوري لم يتجاوزوا عن دعم السوريين إعلامياً.. أما الدعم الحقيقي كان ولا يزال للإرهابيين فقط, وبالتالي تم القضاء على الثورة وطغت صورة الحرب الطائفية على المشهد.. وكان إنحصار دعم الجيش الحر بالأسلحة الخفيفة بحجة أنه قد تستولي تنظيمات إرهابية على تلك الأسلحة, وهذا قد حصل في العديد من الأمكنة. إلى جانب العجز الدولي في الإستمرار بالعملية السياسية لحل الأزمة, كون النظام أصر على الحل العسكري بدعم مفتوح من روسيا وإيران, من دون أن تتلقى المعارضة الديمقراطية أي دعم لوجستي لقلب الموازين.
لذلك أقول, بأن سيطرة النظام على حلب ليست نهاية للأزمة في سوريا. ولكن على المعارضة الديمقراطية أن تقرأ المشهد بصورته الواقعية وتحدد أولوياتها في سيرورة العمل السياسي والعسكري لتكون هي الفاعلة, وكذلك تحدد موقفها الصريح وبجرأة تجاه جميع التنظيمات الإرهابية, التي في حقيقة الأمر هي من ساعدت النظام في قلب الموازين الإقليمية والدولية وعلى المستوى العسكري لصالح النظام.. حتى بالأمس القريب كانت المعارضة وفئة من االمعارضة ” الديمقراطية ” تراهن على جبهة النصرة على أنها ستكون القوة التي تخترق حصار النظام لحلب, وفي حقيقة الأمر هي من خلقت مبررات لروسيا بضرب مدينة حلب بهذه الشراسة بحجة أنها تضرب جبهة النصرة… ومثيلاتها كثير من الأخطاء التي ارتكبت المعارضة ” الديمقراطية ” بشكل خاص, كون المعارضات الأخرى الإسلامية ومثيلاتها من الكتائب التي كانت تؤذي الثورة في العمق.
أعتقد أن مرحلة جديدة أمام المعارضة الديمقراطية التي خذلتها كل من تظاهرت من الدول على أنها صديقة للشعب السوري, لكنها سكتت عندما تطلب الأمر دعماً سياسياً ولوجستياً, وبالتالي, عليها مراجعة حساباتها من جديد وتحدد مواقفها من مجمل الصراعات على الأرض السورية أولاً, ومن ثم الإنطلاق نحو الجهات الإقليمية والدولية بمشروع وطني متكامل الجوانب. ولتعلم بأنه لا مستقبل للإرهاب والإرهابيين في سوريا وكذلك لنظام البعث بعد إرتكابه كل هذه الجرائم والفظائع. ولطالما أن وجه المعارضة الحقيقية مخفية وراء رايات ( السود ) فإنها لن تنال إلا إنتكاسات متتالية.
الدعوة إلى مؤتمر وطني ضرورة ملحة لهذه المرحلة لمناقشة ومراجعة كل الأراء والأفكار التي تفيدنا في وقف الحرب والخروج بخارطة طريق جديدة تؤكد على الحل السياسي وفرضه على النظام عندما نسحب منه حجة محاربة الإرهاب, في وقت قد حددت المعارضة موقفها من التظيمات الإرهابية ومحاربتها. وكذلك على المعارضة أن تقف بجدية تجاه قضية مكونات الشعب السوري, وتقر بحقوقها القومية والدينية كونها شركاء في الوطن ولها الحق في مشاركة الإدارة دستورياً من تمييز مكون عن الآخر, كونها تشكل حافظاً حقوقياً وبالتالي تدفع بالمكونات نحو مشاركة المعارضة بالعمل السياسي وتقف إلى جانبها لتكون جسماً أصيلاً من المعارضة الديمقراطية.
هل باتت المعارضة جاهزة لهكذا عمل؟
14/12/2016