لايكفي أن ندين الممارسات اللاديموقراطية في غرب كوردستان

جان كورد 
 إن الهجمات المتتالية لأنصار حزب الاتحاد الديموقراطي وتنظيمه العسكري وقوته الأمنية (الأسايش) على المجلس الوطني الكوردي وكوادره وقياديه، وعلى مقرات الأحزاب الرافضة للخنوع والتبعية له، وكذلك على التظاهرات والتجمعات، وما يرافقها من إطلاق شعارات التخوين الرخيصة لمناضلي الحركة الوطنية الكوردية والكوردستانية، وإنزال العلم القومي لأمتنا وحرقة أو الدوس عليه، ليس مجرّد خروقات فردية أو أعمال غير مسؤولة لفئاتٍ صغيرة من أتباع هذا النهج الخارج على مسار العمل القومي المعتدل في غرب كوردستان، وإنما هي سياسة منظمة ومدبرة تقوم بالتخطيط والعمل لها عصبة من المسؤولين على أعلى المستويات في قيادة حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يشعر يوماً بعد يوم خسرانه للشارع الكوردي الرافض لنهج القمع السياسي والمطالب بالحرية والديموقراطية وصون حقوق الإنسان، وهو حزب تأسس ونشأ في أحضان حزب العمال الأوجلاني الذي يشتهر بتقديسه للقائد الأزلي، المعصوم، الذي لا معارضة له، بل لا يحق لأحد معارضته أصلاً، وتاريخ الحزب الأم في شمال كوردستان وفي غربها يرينا أن هذا النمط من السياسة الضيقة الأفق لا تؤمن أصلاً بالديموقراطية والتعددية والوطنية، بل وبالقومية الكوردية كلها. 
وعليه، لا يكفي أن تصدر البيانات عن الأحزاب المنضمة للمجلس الوطني الكوردي، أو القريبة منه، وهو مجلس فيه نخبة هائلة الحجم من مناضلي الحركة القومية الكوردية، الذين منهم من قضى سنواتٍ في سجون الطغيان البعثي أو اعتقل مراتٍ ومرات، وإنما يجب التصدي بقوة لمحاولة حزب الاتحاد الديموقراطي تدجين الحراك السياسي الكوردستاني كله لصالح الحلف الإيراني في المنطقة، ومنع نشوء أو تعاظم ما هو موجود في الساحة السورية من قوى معارضة بشكل حازم لبقاء نظام الإجرام والإرهاب سائداً في سوريا. وهذا التصدي يجب أن يأخذ الشكل المناسب الذي به يمكن قلب الطاولة على رؤوس الذين يسلكون هذا النهج المعادي للحريات السياسية والديموقراطية ويدوسون حقوق الإنسان بكل صفاقة ووقاحة في الأرض التي قاومت كل الغزاة عبر التاريخ ولها من الحضارة قرون وعصور سحيقة في القدم وترفض المذلة والمهانة والاحتلال على الدوام. 
ومن الضروري أن ينعقد مؤتمر مصغّر لقيادات وكوادر الحراك الوطني الكوردي فوراً، لمناقشة سبل التصدي لهذا الإجرام وتعرية تلك الوجوه التي تزعم أنها “اتحادية” و “ديموقراطية”، و”تحارب الإرهاب”، إلا أنها بذاتها تمارس الإرهاب الفكري والقمع السياسي ضد معارضيها، بل تشرعن سياستها الخرقاء هذه بزعم “حماية الشعب” و”الدفاع عن الوطن السوري” و”الحرب على الإرهاب”، وهي مستعدة للتعاون حتى مع الشيطان لتحقيق أهدافها التي ليس فيها ما يخدم شعبنا الكوردي، بل صهره وإذابته وتهجيره من أرض آبائه وأجداده جملةً وتفصيلا. 
ومن أجل الخروج من هكذا مؤتمر مصغّر غايته وضع خطة تصدي وبناء جبهة رفض قوية لسياسة حزب الاتحاد اللاديموقراطي اللاكوردي، يجب ترك كل الخلافات الجانبية فوراً والتقارب الجاد وطرح مشروع للتصدي الحقيقي وليس البياناتي والكلامي، كما يجب الفصل بين كوادر حزب الاتحاد المذكور المؤمنين بعدالة قضية شعبهم ويعملون من أجل حق الأمة الكوردية في الحرية والاستقلال، وبين الأتباع الذين لا لون ولا شكل لهم، سوى التبعية العمياء لبعض القياديين المسؤولين عن إخراج حزبهم من السكة الكوردستانية وجعله تنظيماً كتنظيمات الشبيحة وحزب الله ويعادون كل ما هو كوردي، بسلوكياتهم وممارساتهم التي وصلت في عدائها للحراك السياسي –  الثقافي إلى نقطة اللاعودة، وصاروا كالدمى يحركهم الطاغوت الأسدي – الإيراني كيفما يشاء. 
إن كل عاقل وطني، سياسياً كان أو ثقافياً، ملتزماً أم غير ملتزم بحزبٍ من الأحزاب، يستنكر هذه الهجمات على الحركة الوطنية في غرب كوردستان، ولكن في الوقت ذاته يتساءل المرء: “هل سيتمكن المجلس الوطني الكوردي الذي لا يقدر على فرض نفسه داخل الائتلاف السوري، إثبات أنه المسؤول الأول عن صون شعبه من هكذا ممارسات لا ديموقراطية وأنه قادر فعلاً على وضع حدٍ لسياسة حزبٍ يتهوّر بعض قادته لدرجةٍ ينظر إليهم الشعب وكأنهم زبانية البعث المجرم في غرب كوردستان؟”
‏03‏ كانون الأول‏، 2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…