الفرقة بين الكورد والمعارضة الديمقراطية إسائة إلى مستقبل سوريا

أحمــــــد قاســــــــم
هناك رأي خطير يتداولونه الكورد فيما بينهم، ويبدو أن هذا الرأي يأخذ حيذاً مهماً من الوسط الكوردي. وهو، أن المعارضة السورية المتمثلة بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تم السيطرة عليه من قبل الإسلام السياسي والعنصريين المتطرفين من المكون العربي، وبالتالي فإن المعارضة لا تعترف بحقوق الكورد المشروعة، لذلك فإن بقاء المجلس الوطني الكوردي في إطار الإئتلاف ليس له معنى فيجب الإنسحاب من هذا الإطار….. من دون ذكر تلك الوثيقة الموقعة بين المجلس والإئتلاف ” ولا يزال الإئتلاف ملتزماً بتلك الوثيقة, وعلى أساسها يبقى المجلس في إطار الإئتلاف, ( بغض النظر عن أداء المجلس وتقاعسه في العديد من المحطات التي نرى فيها الإسائة إلى الكورد من قبل العديد من الشخصيات التي أصبحت في موقع المسؤولية لتلك المعارضة, كالزعبي وغيره, علما بأن هؤلاء في غالبيتهم لا يمثلون الإئتلاف في حقيقة الأمر بل هم أعضاء في الهيئة المنبثقة من مؤتمر رياض للمفاوضات, والإئتلاف يشكل جزءً من تلك الهيئة بنسبة لا تخولها إلغاء أي موقف بمفرده..)
قد يكون في الأسباب شيء من الواقعية، وأن ما يتحججون به الكورد حقيقة نتلمسها يوميا على السن العديد من رموز ” المعارضة “، لكن ومع ذلك هناك العديد منهم يؤمنون بشرعية حقوق الكورد وهم مستعدون للدفاع عن هذه الحقوق.. هذا اولا، والأهم من ذلك، هو أننا نؤكد دائما بأن حقوق الكورد يجب أن يتفاهم عليها الشعب السوري ويتوافق على مبادئها لتكون ثابتة في الدستور القادم لسوريا..
أتساءل: لما كانت المعارضة كما يوصفونها على أنها إما شوفينية عنصرية أو إسلاموية لا تعترفان بحقوق الكورد، من دون البحث عن المعارضة الديمقراطية التي أرى أنها إن تم تجميعها في إطار واحد ويتم دعمها سنرى بأن المعادلة قد تتغير لصالح الديمقراطيين بعكس مصالح الشوفينيين والإسلامويين. أما أن نترك الحال كما هو بحجة سيطرة الإسلام السياسي والشوفينيين العنصريين على المشهد، أعتقد أننا نتهرب من حمل المسؤولية و نسيء كثيرا لحقيقة قضيتنا القومية في إطار دولة إتحادية دستورية التي نسعى إلى تحقيقها.. وهذا الموقف الذي يتداوله الوسط الكوردي من أجل الإبتعاد عن الإئتلاف من دون إيجاد أوخلق البديل يخدم النظام في حقيقة الأمر, الذي يحاول جاهدا إبعاد الكورد عن المعارضة الديمقراطية وتركها ضعيفة أمام حالتين أحلاهما أمر، إحداها قوة النظام الذي قتل ملايين السوريين ودمر البلد، أما الثانية, تصاعد قوة الاسلام والعنصريين الذين يلتقون مع النظام في تدمير سوريا او الإستلاء على السلطة. من هنا علينا أن نشعر بمسؤلية تاريخية تجاه حقيقة حقوقنا في إطار دولة اتحادية ونبحث عن شركائنا الحقيفيين لإرساء ركائز هذه الدولة مع الشركاء من خلال الإنتصار على النظام القائم وكذلك تلك القوى الاسلامية والمتطرفين العنصريين.. أما إذا اعتقدنا بأن الشعب السوري ومعارضته للنظام خالية مِن مَن يؤمنون بالديمقراطية وحقوق الكورد, وكذلك حال النظام الذي أنكر وجود الكورد طوال خمسة عقود وما قبله حكومات الوحدة, أعتقد إنها مصيبة تؤدي بنا إلى الإنعزالية القومية، وبالتالي إلى تدمير الحلم الكوردي في الحرية، وهذا ما يسعى اليه النظام من جهة، ومن جهة أخرى تحاول الإسلام السياسي والعنصريون القومويون العرب إبعاد الكورد عن القوى الديمقراطية للإجهاض على مساعي الكورد من جهة وكذلك اآمال الديمقراطيين في دولة تسودها العدالة وتؤمن حقوق المكونات بشكل متوازن.
أعتقد أن من واجب الكورد أولاً أن يسعى ومن منطلق تحقيق مصالحه إلى إيجاد شركاء تشاركهم في العمل والنضال من أجل البحث عن الحلول الواقعية للأزمة في سوريا, وبالتالي السعي إلى بناء دولة إتحادية كما تناشد حركته السياسية. ومن غير التفاهم مع تلك الشركاء لايمكن أن نحلم بأننا سنحقق حقوقنا من خلال إنزوائنا في زاوية إنعزالية بدون الخوض في معترك الأزمة ونحدد محدداتنا الوطنية والقومية مع تلك النخبة التي تعترف بمشروعية حقوقنا في ظل دولة إتحادية ديمقراطية دستورية. وكذلك من واجب الديمقراطيين السوريين أيضاً من جهتهم, عليهم أن يطمئنوا الكورد على أنهم سوف ينالون جنباً إلى جنب مع المكون الكوردي والمكونات الأخرى من الشعب السوري للوصول إلى صيغة توافقية لمستقبل سوريا لإتمام الشراكة في بناء الدولة وإدارتها بعيداً عن الإقصاء استئصال أي مكون من العملية السياسية والإدارية للدولة وفقاً لدستور تحدد مبادئه حقوق الشعب كمكونات وكجماعات وأفراد.
————————–
21/11/2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…

بوتان زيباري في صباح تملؤه رائحة البارود وصرخات الأرض المنهكة، تلتقي خيوط السياسة بنسيج الأزمات التي لا تنتهي، بينما تتسلل أيادٍ خفية تعبث بمصائر الشعوب خلف ستار كثيف من البيانات الأممية. يطل جير بيدرسن، المبعوث الأممي إلى سوريا، من نافذة التصريحات، يكرر ذات التحذيرات التي أصبحت أشبه بأصداء تتلاشى في صحراء متعطشة للسلام. كأن مهمته باتت مجرد تسجيل نقاط…